من الذي نال جائزة نوبل بعد وفاته؟
جائزة نوبل هي واحدة من أرفع الجوائز التي تُمنح سنويًا في مجالات متعددة مثل السلام، الأدب، الكيمياء، الفيزياء، والطب، حيث يُمنح الجائزة أولئك الذين حققوا إنجازات عظيمة في هذه المجالات. في حين أن الجائزة تُمنح عادةً للأحياء الذين قدموا إسهامات استثنائية، هناك حالات استثنائية تم فيها منح جائزة نوبل لشخص بعد وفاته. وهذه الحالات تثير العديد من الأسئلة حول معايير الجائزة وآليات منحها، وكذلك تبرز بعض التحديات المرتبطة بالاعتراف بالإسهامات العلمية أو الإنسانية بعد وفاة الشخص. هذا المقال يستعرض هذه الظاهرة ويقدم تحليلًا معمقًا للحالات التي نال فيها أفراد جائزة نوبل بعد وفاتهم.
جائزة نوبل بعد الوفاة: الخلفية التاريخية
تأسست جائزة نوبل في عام 1895 بناءً على وصية عالم الكيمياء السويدي ألفريد نوبل، الذي كان قد تبرع بمعظم ثروته لإنشاء هذه الجوائز. كانت وصية نوبل تنص على تخصيص جوائز سنوية لأشخاص قاموا بتقديم إسهامات استثنائية في مجالات معينة. ومع مرور الزمن، أصبحت جائزة نوبل رمزية تُكافئ أفضل الإنجازات البشرية في مجالات العلوم والأدب والسلام. منذ ذلك الحين، جرت عادة منح الجوائز فقط للأشخاص الأحياء، ما لم يكن الشخص المتقدم للجائزة قد توفي في غضون فترة زمنية معينة بعد تقديمه الترشيح.
ومع ذلك، هناك بعض الحالات التي منح فيها الأشخاص جائزة نوبل بعد وفاتهم، وهو ما يُعد استثناء نادرًا.
متى تُمنح جائزة نوبل بعد الوفاة؟
وفقًا للوائح الأكاديمية السويدية، فإنه يتم منح جائزة نوبل بعد وفاة الشخص في حالات خاصة، وذلك عندما يتم تقديم ترشيح الشخص قبل وفاته بوقتٍ قصير جدًا، وإذا تم التأكد من أنه كان سيحصل على الجائزة لو أنه بقي على قيد الحياة. من الجدير بالذكر أن أكاديمية نوبل تشترط أن يكون المرشح قد توفي في نفس السنة التي يتم فيها إعلان الجائزة.
بناءً على هذه الشروط، تم منح بعض الأشخاص جائزة نوبل بعد وفاتهم، وهي حالات يمكن اعتبارها استثنائية لأن جائزة نوبل تعد عادةً جائزة حية.
أبرز الشخصيات التي نالت جائزة نوبل بعد وفاتها
1. أوغوستا ويلسون (1962)
أوغوستا ويلسون، التي كانت تمثل قمة الإبداع الأدبي، هي واحدة من أشهر الأسماء التي نالت جائزة نوبل بعد وفاتها. كان ويلسون من بين أشهر الأديبين الأمريكيين، وقد أثرى العالم الأدبي بشكل هائل. على الرغم من أن وفاته في عام 1961 كانت مفاجئة ومبكرة، إلا أن الأكاديمية السويدية قررت تكريمه ومنحه جائزة نوبل في الأدب لعام 1962 بعد أن تأكدت من أنه كان يستحق هذه الجائزة استنادًا إلى أعماله الأدبية الهامة.
2. إرنست هنري شيرن (1951)
إرنست هنري شيرن، الذي كان قد توفي في عام 1950، كان أحد العلماء البارزين في مجال الكيمياء. وقد اكتشف العديد من العناصر الكيميائية المهمة التي ساهمت في تقدم العلم. وعلى الرغم من أن وفاته جاءت قبل إعلان الجائزة، فإن أعماله كانت قد ساهمت بشكل عميق في تقدم المعرفة العلمية في مجاله، ولذلك قررت الأكاديمية السويدية منح شيرن جائزة نوبل في الكيمياء لعام 1951.
3. ألبرت أينشتاين (1921)
في عام 1921، حصل ألبرت أينشتاين على جائزة نوبل في الفيزياء، ولكن لم يكن هذا هو حدث الجائزة الوحيد الذي أثار الجدل. حيث تم تكريمه بعد فترة قصيرة من اكتشافه لأهم مساهمات علمية في مجال النظرية النسبية. ولكن تجدر الإشارة إلى أن أينشتاين لم ينل الجائزة مباشرة بعد وفاته في 1955.
4. ماري كوري (1903 و1911)
ماري كوري، العالمة البولندية التي غيرت وجه العلم بإسهاماتها الهائلة في الفيزياء والكيمياء، حصلت على جائزة نوبل في عام 1903 بالتعاون مع زوجها بيير كوري وعالم آخر هو هنري بيكريل، عن اكتشافاتها في مجال الإشعاع. وقد فازت بالجائزة الثانية في عام 1911 في مجال الكيمياء، لتصبح أول امرأة تحصل على جائزة نوبل في مجالين مختلفين. قد تكون ماري كوري هي أكثر الأشخاص شهرة الذين حصلوا على جائزة نوبل بعد وفاتها.
التحديات والمفاهيم المتعلقة بمنح جائزة نوبل بعد الوفاة
على الرغم من أنه يتم منح جائزة نوبل بعد الوفاة في حالات نادرة، إلا أن هذا يثير العديد من التساؤلات حول كيفية تقييم الأعمال العلمية والفكرية للأفراد بعد وفاتهم. هل يتم تقييم العمل على أساس ما كان من الممكن أن يحققه الشخص في المستقبل؟ وكيف يمكن تحديد ما إذا كان قد توفي في وقت غير مناسب للمشاركة في الجائزة؟ في الحالات التي حصل فيها الأشخاص على الجائزة بعد وفاتهم، كان يتم التأكيد على حقيقة أن عملهم كان له تأثير طويل المدى على التخصص الذي تم فيه منحهم الجائزة.
يعتبر العديد من العلماء والمفكرين أن هذه الجوائز ترفع من مكانة الشخصيات التي قدمت إنجازات عظيمة، وتعمل على تقدير أعمالهم التي لا تقتصر على فترة حياتهم، بل تمتد آثارها لسنوات طويلة بعد وفاتهم.
الأسباب التي قد تؤدي إلى منح الجائزة بعد الوفاة
من المهم أن نذكر أن منح جائزة نوبل بعد الوفاة ليس قرارًا عشوائيًا. هناك عدة أسباب تدفع الأكاديمية السويدية إلى منح الجائزة بعد وفاة الشخص. أولًا، قد يكون الشخص قد قدم إسهامًا علميًا أو إنسانيًا هائلًا وكان سيحصل على الجائزة لو كان قد توفي في وقت لاحق من حياته. ثانيًا، قد يتم تقديم الترشيح في وقت قريب جدًا من وفاته، ما يجعل من الصعب منحه الجائزة بينما كان على قيد الحياة.
الختام
في النهاية، يظل منح جائزة نوبل بعد الوفاة استثناءً نادرًا في تاريخ هذه الجائزة العريقة. إلا أنه في بعض الحالات، يمكن أن تعكس الجائزة التقدير المستحق لأولئك الذين تركوا بصمة كبيرة في مجالاتهم، على الرغم من أنهم لم يكونوا على قيد الحياة عند الإعلان عنها. هذه الظاهرة تبرز القيمة الحقيقية للأفراد الذين ألهموا الأجيال القادمة بمساهماتهم، وتُظهر أن العلم والفكر يمكن أن يستمر تأثيرهما حتى بعد رحيل أصحابها.
