أين دفن وليم شكسبير؟
يُعد وليم شكسبير واحدًا من أعظم الأدباء في تاريخ الأدب الإنجليزي والعالمي. أعماله المسرحية والشعرية لا تزال تُقرأ وتُدرَس في جميع أنحاء العالم، ويُعتبر تأثيره على الأدب والثقافة العالمية غير قابل للقياس. ورغم شهرته الكبيرة، إلا أن تفاصيل حياته الخاصة، بما في ذلك مكان وفاته ودفنه، كانت محلًا للكثير من البحث والجدل على مر العصور. في هذا المقال، نناقش مكان دفن وليم شكسبير، وكيف أن قبره أصبح نقطة جذب تاريخية وثقافية على مر السنين.
1. وليم شكسبير: حياة مليئة بالإبداع
وُلد وليم شكسبير في 23 أبريل 1564 في مدينة ستراتفورد أبون آفون، وهي بلدة صغيرة تقع في إنجلترا. وُصف بأنه أعظم كاتب مسرحي في العالم، وله العديد من الأعمال الشهيرة مثل “هاملت”، “روميو وجولييت”، “ماكبث”، “عطيل”، و”الليلة الثانية عشرة”. غالبًا ما تُجمع أعماله بين التراجيديا والكوميديا، وارتبطت بها تطورات ثقافية وأدبية هائلة في أوروبا.
توفي شكسبير في 23 أبريل 1616 عن عمر يناهز 52 عامًا. لم تكن وفاته مفاجئة بشكل كبير، حيث كان يعاني من بعض الأمراض التي كانت شائعة في ذلك الوقت. ومع ذلك، تبقى أسئلة كثيرة حول ظروف وفاته، لكن الأهم بالنسبة لنا هنا هو المكان الذي دُفن فيه.
2. المكان الذي دُفن فيه شكسبير
توفى وليم شكسبير في ستراتفورد أبون آفون، مسقط رأسه، حيث كان يعيش بعد تقاعده من الحياة المسرحية. كان في الستين من عمره حين رحل، ولقد دُفن في كنيسة “القديس تريزا” (Holy Trinity Church) في ستراتفورد، وهي الكنيسة التي تعتبر اليوم معلمًا سياحيًا رئيسيًا، ويزورها آلاف الزوار من جميع أنحاء العالم سنويًا.
تُعتبر كنيسة “القديس تريزا” من أقدم الكنائس في إنجلترا، ويعود تاريخ بنائها إلى القرن الثامن. تشتهر الكنيسة بأنها المكان الذي أُقيمت فيه العديد من المناسبات التاريخية، بما في ذلك دفن وليم شكسبير.
3. قبر شكسبير: علامات وأسرار
يعد قبر شكسبير داخل الكنيسة واحدًا من أبرز المعالم السياحية في بلدة ستراتفورد أبون آفون. القبر يقع في الجزء الجنوبي من الكنيسة بالقرب من الجدار. في القبر، يوجد نصب تذكاري بسيط يضم صورة تخيلية لشكسبير، حيث يُصوّر وهو جالس يكتب على ورقة. يعود تاريخ هذا النصب التذكاري إلى القرن السابع عشر، ويُعتقد أنه وُضع على القبر بعد وفاته مباشرة.
4. النصوص المنقوشة على قبره
على القبر، هناك نقش معروف يقول:
“اللعنة على من يحرك عظامي”.
هذا النقش يشير إلى رغبة شكسبير في أن يُترك قبره كما هو وأن يُحترم مكان دفنه. يُقال إنه وضع هذه الكلمات بشكل تحذيري، حيث كان في ذلك الوقت من المعتاد أن يقوم البعض بنبش القبور بحثًا عن جثث لبيعها أو دراسة هيكلها العظمي.
النقش في القبر يعتبر من أكثر النقوش شهرة في تاريخ الأدب، وذلك بسبب الكلمات التي تبدو وكأنها تحذر الأجيال القادمة من إزعاج راحته الأبدية.
5. لغز القبر: هل هو مكان دفنه الفعلي؟
رغم أن قبر وليم شكسبير في كنيسة “القديس تريزا” يُعتبر المكان الرسمي الذي دُفن فيه، هناك العديد من النقاشات حول ما إذا كان شكسبير قد دفن في المكان ذاته. فهناك بعض المؤرخين والباحثين الذين يشككون في صحة هذا التفسير، ويعتقدون أن شكسبير قد دُفن في مكان آخر داخل الكنيسة أو حتى خارجها.
هناك أيضًا بعض القصص التي تشير إلى أن قبره ربما تم العبث به عبر القرون. لكن، في النهاية، يُعتبر قبر كنيسة “القديس تريزا” هو الموقع الذي يُحتفظ به كقبر مؤكد للكاتب المشهور.
6. لماذا تم دفنه في ستراتفورد؟
يُعتقد أن وليم شكسبير اختار أن يُدفن في ستراتفورد لأنه كانت المدينة التي ارتبطت بها حياته. على الرغم من أنه قضى الجزء الأكبر من حياته المهنية في لندن، إلا أنه ظل مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بمسقط رأسه، وكان يمتلك عقارًا في المدينة، فضلاً عن علاقاته الشخصية والعملية فيها.
يعتقد العديد من مؤرخي الأدب أن شكسبير كان شخصًا يحب بلده الأصلي، وأنه شعر بأن ستراتفورد أبون آفون هي المكان الأنسب لأن يُستقر فيه بعد رحيله عن لندن. بالإضافة إلى ذلك، يُحتمل أنه أراد أن يكون بالقرب من أسرته وأصدقائه الذين ظلوا يعيشون في المدينة بعد انتقاله إلى لندن للعمل في المسرح.
7. الاهتمام الدولي بالقبر
يُعد قبر وليم شكسبير في ستراتفورد واحدًا من أهم المواقع الثقافية في العالم، حيث يُزاره آلاف السياح سنويًا. يُعتبر القبر رمزًا للأدب الإنجليزي والعالمي، ويُستغل بشكل كبير من قبل المؤسسات الثقافية لتنظيم الفعاليات المختلفة مثل الاحتفالات بالذكرى السنوية لولادة ووفاة شكسبير، كما أن هناك محاضرات وندوات تُعقد حول حياته وأعماله في المنطقة المحيطة بالكنيسة.
تمتاز الكنيسة أيضًا بمجموعة من المعالم التاريخية الأخرى التي تساهم في جذب السياح، مثل النوافذ الزجاجية الملونة والتماثيل الدينية القديمة التي تعود إلى قرون مضت.
8. الخاتمة
قبر وليم شكسبير في كنيسة “القديس تريزا” في ستراتفورد أبون آفون هو أحد الأماكن التي تحتفظ بتاريخ طويل وعميق يرتبط بأحد أعظم الكتاب في التاريخ الأدبي. ورغم أن الكثير من الأسرار والتساؤلات قد تحيط بمكان دفنه، إلا أن هذا القبر يظل معلمًا ثقافيًا وتاريخيًا مهمًا يعكس حياة وإرث هذا الكاتب الذي غير مسار الأدب في العالم.
