أين توجد جثة فرعون حالياً؟
يعد موضوع “أين توجد جثة فرعون” من أكثر الأسئلة المثيرة للجدل في التاريخ المصري القديم، وقد حظي باهتمام بالغ على مر العصور بسبب الغموض الذي يكتنف مصير جثة فرعون واحتفاظ العديد من الأساطير والأبحاث العلمية بهذا السؤال. تزامن هذا السؤال مع الاكتشافات الأثرية التي قامت بها البعثات المختلفة، مما أدى إلى طرح العديد من النظريات حول مكان دفن جثة فرعون، وبالأخص فرعون الذي كانت له علاقة مباشرة بخروج بني إسرائيل من مصر، وهو فرعون الذي دمره البحر الأحمر وفقاً للروايات الدينية.
1. نظريات متعددة حول مكان جثة فرعون
تعد جثة فرعون واحدة من أعظم الألغاز التاريخية، ذلك لأن الجثث الملكية في مصر القديمة كانت تحظى بمراسم دفن معقدة، وتعتبر كفنًا لا يُستغنى عنه للانتقال إلى الحياة الآخرة. ولكن، الغموض الذي يحيط بمكان وجود جثة فرعون جعل الباحثين يستعرضون العديد من النظريات في هذا الخصوص.
أولاً، لابد من التأكيد على أن هناك عدة فرعونيات قد تكون متورطة في السؤال عن مكان الجثة، وهذا يشمل فرعون الذي غرق في البحر الأحمر خلال حادثة الخروج التي وردت في الكتاب المقدس، أو فرعون آخر تم اكتشاف جثته لاحقاً في مقابر الفراعنة. رغم ذلك، كان لكل دراسة أو بعثة أثرية وجهة نظر ونظرية معينة في تحديد موقع الجثة، وهنا نستعرض بعض أبرز هذه النظريات.
2. فرعون الذي غرق في البحر الأحمر: هل هو رمسيس الثاني؟
أحد أهم التساؤلات هو حول فرعون الذي غرق في حادثة البحر الأحمر، حيث يروي القرآن الكريم في سورة الشعراء، بأن فرعون وجيشه غرقوا أثناء محاولة اللحاق ببني إسرائيل عبر البحر. بناءً على هذه الرواية الدينية، يشير بعض العلماء إلى أن هذا الفراعنة قد يكون هو رمسيس الثاني، الذي حكم مصر في القرن الثالث عشر قبل الميلاد.
رمسيس الثاني يعد من أكثر الفراعنة شهرة في تاريخ مصر القديمة. وله سجل تاريخي كبير مع الحروب والمعارك الكبرى، إلا أنه لا يوجد دليل قاطع يشير إلى غرقه في البحر الأحمر كما ورد في النصوص الدينية. من المعروف أن رمسيس الثاني قد عاش حتى سن متقدمة، حيث توفي في حوالي عام 1213 قبل الميلاد، وجُهزت جثته للدفن في وادي الملوك.
3. جثة فرعون في وادي الملوك
عندما نتحدث عن جثث الفراعنة في مصر القديمة، يتبادر إلى الذهن وادي الملوك، حيث دفن العديد من الفراعنة في مقابر محفورة في الجبال على ضفاف النيل. وادي الملوك هو الموقع الذي تم فيه دفن معظم الملوك خلال الأسرة الحديثة (الأسرة الثامنة عشرة وما بعدها). ويُحتمل أن جثة فرعون الذي مات في حادثة البحر الأحمر، كانت قد دفنت هناك، ولكن حتى الآن لم يُكتشف قبره بشكل مؤكد.
أحد الاكتشافات الأكثر إثارة للجدل في وادي الملوك كان عام 1881، حينما تم اكتشاف “مقبرة الملك توت عنخ آمون”، والتي تحتوي على جثة الملك الشاب الذي توفي في وقت مبكر من حياته. منذ ذلك الحين، بدأ الاهتمام بمكان دفن الفراعنة يزداد، مما دفع العديد من العلماء إلى البحث عن المقابر المفقودة للفراعنة الآخرين مثل رمسيس الثاني أو الفرعون الذي غرق في البحر الأحمر.
4. مومياء فرعون موسى
من بين الاكتشافات الأكثر إثارة والتي أشعلت الجدل في العالم العربي والغربي، كانت مومياء فرعون التي تم اكتشافها في عام 1898 في منطقة الدير البحري قرب الأقصر. هذا الاكتشاف كان مفاجئًا للباحثين، إذ تم العثور على جثة فرعون محفوظة بشكل غير عادي، ما دفع بعضهم إلى الربط بين هذه الجثة وفرعون الذي يقال إنه غرق في البحر الأحمر.
تشير بعض الدراسات الحديثة إلى أن هذه الجثة قد تكون لفرعون رمسيس الثاني، وذلك بناءً على تحليل الحمض النووي وتاريخ الحفظ الجيد للمومياء. هذه الجثة تختلف عن معظم المومياوات الأخرى بفضل الحفاظ على هيكلها بشكل مذهل، ما يدل على التقنية المتطورة التي استخدمها الفراعنة في التحنيط.
5. الجثث الملكية المفقودة: أين ذهبت؟
على الرغم من اكتشاف بعض مومياوات الفراعنة في السنوات الأخيرة، إلا أن جثة فرعون الذي غرق في البحر الأحمر لم يتم تحديد مكانها حتى الآن. وفي هذا السياق، قد تكون هناك مجموعة من العوامل التي أدت إلى فقدان جثته.
إحدى النظريات تشير إلى أن جثة فرعون قد تم التخلص منها عمداً بسبب الحكايات التي ارتبطت بغرقه، فقد تكون قد تم تحنيط جثته بشكل غير تقليدي أو ربما تم إحراقها لتدمير أي دليل على الهزيمة الكبرى. تشير بعض الدراسات إلى أنه قد يكون قد تم نقل الجثة إلى مكان بعيد عن الأنظار من أجل إخفاء هويته الملكية.
6. اكتشاف مومياوات أخرى: فرعون حتشبسوت
إلى جانب الاكتشافات المتعلقة بالفراعنة المشهورين مثل رمسيس الثاني، هناك أيضاً العديد من الفراعنة الذين تم اكتشاف مقابرهم وجثثهم في وادي الملوك. على سبيل المثال، تم اكتشاف مومياء حتشبسوت، التي كانت واحدة من أكثر الملكات شهرة في تاريخ مصر القديمة. اكتشاف هذه الجثث، رغم أنها غير مرتبطة مباشرة بالغرق في البحر الأحمر، يظهر لنا كيف أن العديد من المومياوات الملكية الأخرى قد تم الحفاظ عليها في ظل ظروف غامضة.
7. التحليل الحديث والتقنيات الجديدة
من خلال تطور التقنيات العلمية في العصر الحديث، استطاع العلماء إجراء تحاليل دقيقة لمومياوات الفراعنة باستخدام تقنيات مثل الأشعة المقطعية وتحليل الحمض النووي. هذه التقنيات قد تكون المفتاح للكشف عن أسرار غرق فرعون وموته المفاجئ. على سبيل المثال، دراسة أجريت على مومياء رمسيس الثاني أظهرت بعض الأدلة التي تشير إلى أن وفاته قد تكون بسبب مرض معين وليس نتيجة لحادثة البحر الأحمر.
8. الختام: غموض مستمر
على الرغم من الجهود المبذولة في استكشاف مكان دفن جثة فرعون الذي غرق في البحر الأحمر، يبقى الغموض يكتنف هذا الموضوع. نظريات متعددة تطرح تفسيرات محتملة حول مكان الجثة سواء كان في البحر أو تم إخفاؤها عن الأنظار لأسباب سياسية أو دينية. لكن حتى اليوم، لا توجد إجابة قاطعة حول مكان جثة هذا الفرعون المفقود.
