مفهوم الإشهار وأهدافه الأساسية

مفهوم الإشهار لغة واصطلاحاً

الإشهار هو أحد الأدوات الهامة في عالم التسويق والإعلام، إذ يعبر عن عملية من خلالها يتم إيصال رسالة معينة إلى الجمهور بهدف التأثير في سلوكهم أو توجهاتهم. ويعتبر الإشهار من الأدوات الأساسية التي تعتمد عليها الشركات والمصانع والهيئات المختلفة في تسويق منتجاتها وخدماتها، وكذلك في توجيه الرأي العام. يتضمن الإشهار العديد من الأبعاد الثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي تساهم في تشكيل الواقع الاجتماعي وتغيير العادات السلوكية للأفراد.

في هذا المقال، سنقدم شرحاً مفصلاً لمفهوم الإشهار من الناحية اللغوية والاصطلاحية، ونستعرض أهم خصائصه وأهدافه والوسائل التي يعتمد عليها، بالإضافة إلى التأثيرات التي يتركها على الأفراد والمجتمعات.

الإشهار في اللغة

من الناحية اللغوية، يمكن تقسيم كلمة “إشهار” إلى جزئين، الأول هو “الشهر” الذي يأتي من الجذر العربي “ش هـ ر” الذي يشير إلى الفعل “أشهر” أي أعلن أو نشر شيئاً. ويُقال “أشهر السيف” أي أعلنه وظهر به للعيان. وبناءً عليه، يُفهم أن الإشهار في اللغة يعني الإعلان عن شيء، أو جعل الأمر معروفاً للناس. فهو يأتي في سياق الإعلان عن المنتجات أو الخدمات أو الآراء أو حتى الأحداث والأنشطة.

وعليه، يرتبط الإشهار في اللغة العربية بعملية الإعلان والتعريف بشيء ما بشكل علني وبارز، وهو ما يعكس الدور الحيوي للإشهار في رفع الوعي وتوضيح الفكرة أو الرسالة المستهدفة للجمهور المستهدف.

الإشهار اصطلاحاً

أما في الاصطلاح، فقد تطور مفهوم الإشهار ليصبح أكثر تحديداً وارتباطاً بعالم التسويق والإعلام. فالإشهار يشير إلى عملية إعلامية تسويقية تهدف إلى تقديم معلومات عن منتج أو خدمة أو فكرة معينة، باستخدام وسائل الإعلام المختلفة من أجل التأثير في الجمهور وإقناعه بشراء منتج، أو اتخاذ قرار معين. وتعتبر الحملات الإشهارية من الأدوات الأساسية التي تعتمد عليها الشركات والمنظمات في جذب الجمهور وزيادة مبيعاتها.

يُعرّف الإشهار اصطلاحاً بأنه: “كل نشاط يهدف إلى نقل معلومات إلى الجمهور لتغيير سلوكياته أو مواقفه أو آرائه لصالح منتج أو فكرة أو خدمة معينة”. ويتضمن هذا النشاط استخدام مجموعة متنوعة من الوسائل الإعلامية مثل الإعلانات التلفزيونية، والإعلانات في الصحف والمجلات، والإعلانات على الإنترنت، والعروض الترويجية، وغيرها من الأدوات التي تعمل على جذب انتباه الجمهور وتحفيزه.

أهداف الإشهار

يهدف الإشهار إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، التي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

1. التعريف بالمنتج أو الخدمة: الهدف الأساسي من الإشهار هو أن يصبح المستهلك على دراية بما يقدمه المنتج أو الخدمة. يعتبر التعريف الأولي خطوة أساسية في تحقيق المبيعات.

2. إقناع الجمهور: يسعى الإشهار إلى إقناع الجمهور بشراء المنتج أو استخدام الخدمة أو تبني الفكرة. فالإعلانات تهدف إلى بناء رغبة المستهلك في اقتناء المنتج من خلال تقديم مزاياه وخصائصه.

3. زيادة المبيعات: من الأهداف الرئيسية للإشهار هو رفع مستوى الطلب على المنتجات والخدمات، وبالتالي زيادة المبيعات. يعتمد الإشهار على استراتيجية إقناع المستهلك بأن المنتج أو الخدمة ستلبي احتياجاته ورغباته.

4. تعزيز الصورة الذهنية: يساعد الإشهار الشركات في تعزيز صورتها في ذهن الجمهور. فالإعلانات تتضمن رسائل تصنع هوية مميزة للمنتجات أو العلامات التجارية، مما يساهم في ولاء المستهلك.

5. تحقيق الاستجابة الفورية: في بعض الأحيان، يسعى الإشهار إلى تحفيز المستهلك على اتخاذ قرار سريع مثل شراء منتج أو الاشتراك في خدمة، وخاصة في حالات العروض أو التخفيضات.

6. تثقيف الجمهور: في بعض الحالات، يسعى الإشهار إلى توعية الجمهور حول قضية معينة أو مشكلة اجتماعية أو صحية أو بيئية، وهو ما قد يساهم في تغيير بعض العادات السلوكية.

أنواع الإشهار

يأخذ الإشهار العديد من الأشكال والأنماط التي تختلف حسب الوسيلة الإعلامية المستعملة، والهدف من الحملة الإشهارية، والجمهور المستهدف. ويمكن تصنيف الإشهار إلى الأنواع التالية:

1. الإشهار التقليدي: ويشمل الإعلانات التي تنشر عبر وسائل الإعلام التقليدية مثل الصحف، والمجلات، والراديو، والتلفزيون. كان هذا النوع هو الأكثر شيوعاً قبل الثورة الرقمية.

2. الإشهار الرقمي: مع تطور التكنولوجيا وانتشار الإنترنت، أصبح الإشهار الرقمي أحد أبرز الأساليب المتبعة في التسويق. يشمل هذا النوع من الإشهار الإعلانات على مواقع الويب، ووسائل التواصل الاجتماعي، والبريد الإلكتروني، ومحركات البحث، والتطبيقات المحمولة.

3. الإشهار الخارجي: يشمل الإعلانات التي يتم عرضها في الأماكن العامة مثل اللوحات الإعلانية، وحافلات النقل، والقطارات، والمطارات. تهدف هذه الإعلانات إلى الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس في الأماكن العامة.

4. الإشهار عبر المؤثرين: ظهر مؤخراً الإشهار عبر المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتم التعاون مع شخصيات مشهورة في المجالات المختلفة من أجل الترويج للمنتجات أو الخدمات بشكل غير تقليدي.

5. الإشهار الصوتي: يتم هذا النوع من الإشهار عبر وسائل الإعلام الصوتية مثل الراديو، ويعتمد على الرسائل الصوتية لإيصال المعلومة إلى الجمهور.

6. الإشهار عن طريق الرعاية: وهو نوع من الإعلانات حيث تقوم العلامات التجارية برعاية أحداث أو فعاليات معينة سواء كانت رياضية أو ثقافية أو اجتماعية بهدف تعزيز انتشار علامتها التجارية.

وسائل الإشهار

تتعدد وسائل الإشهار التي يعتمد عليها في إيصال الرسالة إلى الجمهور، ومن أبرز هذه الوسائل:

1. التلفزيون: يعتبر التلفزيون من أهم وسائل الإعلام التي يتم عبرها توجيه الرسائل الإشهارية، ويتميز بتأثيره الكبير على جمهور واسع بفضل الصورة والصوت.

2. الإنترنت: يشمل الإعلانات على مواقع الويب، ومحركات البحث، ووسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، وإنستجرام، وتويتر، ويوتيوب. يعكس هذا النوع من الإشهار تزايد تأثير الإنترنت في حياة الأفراد.

3. الصحف والمجلات: ما زالت الصحف والمجلات تُستخدم كوسيلة فعالة للإشهار، حيث تتمكن الشركات من الوصول إلى جمهور معين عبر الإعلانات المطبوعة.

4. الراديو: على الرغم من ظهوره قبل التلفزيون، إلا أن الراديو لا يزال يحتفظ بمكانته كأداة فعالة في الإعلان، خاصة في المناطق التي لا يتوفر فيها الإنترنت بشكل جيد.

5. الإعلانات الخارجية: مثل اللوحات الإعلانية في الشوارع والأماكن العامة، التي تساهم في جذب الانتباه بسرعة.

تأثيرات الإشهار على الأفراد والمجتمعات

للإشهار تأثيرات متعددة على الأفراد والمجتمعات، يمكن تلخيص بعضها في النقاط التالية:

1. تغيير العادات الاستهلاكية: يساعد الإشهار في توجيه الأفراد نحو اتخاذ قرارات معينة بشأن شراء المنتجات أو الخدمات التي قد لم يكونوا على دراية بها سابقاً.

2. تشكيل الرأي العام: يمكن للإشهار أن يؤثر بشكل كبير في الرأي العام حول قضايا معينة مثل القضايا الاجتماعية، البيئية، والسياسية.

3. تعزيز التنافسية: يسهم الإشهار في خلق بيئة تنافسية بين الشركات، مما يحفزها على تحسين منتجاتها وخدماتها.

4. التأثير على القيم المجتمعية: يمكن للإشهار أن يساهم في نشر أو تعزيز بعض القيم والأفكار في المجتمع، سواء كانت إيجابية أو سلبية.

الخاتمة

إن الإشهار هو أداة قوية ومؤثرة في عالم الإعلام والتسويق، وقد تطور بشكل كبير ليشمل مجموعة واسعة من الوسائل والأساليب التي تسعى لتحقيق مجموعة من الأهداف، سواء كانت تجارية أو اجتماعية أو ثقافية. تتعدد أشكال الإشهار وتختلف وفقاً للأهداف والوسائل المستعملة، ولكنه في النهاية يشترك في هدف واحد وهو التأثير في سلوكيات الأفراد وجعلهم أكثر وعيًا بالمنتجات والخدمات المتاحة في السوق.