قصة مضحكة قصيرة: عندما قرر “محمود” أن يصبح طباخًا محترفًا
في أحد الأحياء الشعبية، كان هناك شاب يدعى محمود. كان محمود معروفًا بين جيرانه بحبه الكبير للطعام، لكن للأسف، كان يعرف قليلاً جدًا عن كيفية تحضيره. كان يفضل أن يأخذ طعامه جاهزًا من المطاعم أو أن يطلبه عبر الهاتف، ولا يلتفت كثيرًا لأمور الطبخ، رغم أنه كان كثير الحديث عن الأطعمة المختلفة ونكهاتها. كان يحلم دائمًا بأن يصبح طباخًا محترفًا، ولكنه كان يواجه تحديًا كبيرًا: لا يعرف كيفية طهي أي شيء.
في أحد الأيام، بينما كان يجلس مع أصدقائه في المقهى المحلي، بدأ حديثهم يدور حول البرامج التلفزيونية التي تعرض أشهى الأطباق وأفضل الطهاة. وبينما كان أصدقاؤه يتحدثون عن وصفات معقدة وتكتيكات متقدمة للطهي، شعر محمود برغبة شديدة في إثبات نفسه أمامهم. قرر فجأة، وفي لحظة حماسية، أن يصبح طباخًا محترفًا.
“أنا سأبدأ طهي الطعام بنفسي!” قال محمود وهو ينظر لأصدقائه بعينين مشعتين بالحماسة.
ضحك أصدقاؤه، ليس من باب السخرية، بل لأنهم يعلمون جيدًا أن محمود لا يعرف كيف يفرق بين المقلاة والمغسلة. ولكن محمود كان مصمماً. قرر أنه سيبدأ في المنزل بطهي طبق بسيط جدًا، كي لا يواجه مشاكل مع تعقيدات المطبخ.
في اليوم التالي، ذهب محمود إلى السوق وقرر أن يشتري المكونات اللازمة لإعداد طبق “المجدرة”، أحد الأطباق الشعبية البسيطة التي تعتمد على الأرز والعدس. أخذ سلة التسوق وبدأ في شراء العدس، الأرز، البصل، زيت الزيتون، وبعض البهارات.
وصل إلى المنزل وقام بإعداد المطبخ. كان متحمسًا جدًا لدرجة أنه بدأ يقيس المكونات بأيديه دون النظر إلى أي وصفة، معتقدًا أن هذه هي الطريقة الصحيحة لتصميم وصفة جديدة. كان يعتقد أن المكونات يجب أن تكون متوازنة تمامًا حتى يكون الطعم مثاليًا.
بداية الأمور كانت تسير بسلاسة، حتى وصل إلى الخطوة التالية: “قلي البصل”. هنا بدأ الغموض. لم يكن يعلم أن البصل يمكن أن يطير في الهواء عندما ينفجر في الزيت الحار. لم يعرف محمود أن الزيت يجب أن يكون ساخنًا ولكن ليس حارًا جدًا لدرجة أن يطلق البصل في كل الاتجاهات. وبالفعل، بدأ البصل يطير من المقلاة إلى كل ركن في المطبخ، حتى أن جزءًا من البصل وصل إلى سقف المطبخ.
في هذه اللحظة، كان محمود يقف في وسط المطبخ، وزيت الزيتون على يديه وعلى وجهه، بينما البصل يرقص حوله كما لو كان جزءًا من عرض سيرك. فجأة، شعر بشيء غريب على رأسه. نظر إلى الأعلى ليجد قطعة بصل تلتصق في شعرة رأسه، مما جعله يضحك على نفسه.
“أعتقد أنني بحاجة إلى تعلم شيء عن الطبخ قبل أن أفكر في فتح مطعم”، قال محمود وهو يلتقط البصل من شعرة رأسه.
ولكنه لم يستسلم. أكمل باقي خطوات الطبخ، حتى انتهى من تحضير الطبق. عندما جاء وقت التذوق، كان يحبس أنفاسه، متوقعًا أن يكون الطعام كارثة، ولكن المفاجأة كانت أن الطعم كان جيدًا! بالطبع، لم يكن لذيذًا كوجبات المطاعم، لكن محمود شعر بنشوة غريبة من الإنجاز.
“لم يكن الأمر سيئًا على الإطلاق!” قال محمود وهو يقف أمام طبق المجدرة، فخورًا بنفسه.
وعندما عرض الطبق على أصدقائه، كانوا في البداية مترددين، ولكن بعد أن تذوقوه، قال أحدهم: “محمود، هذا الطبق لم يكن مثل المجدرة، كان كأنه خليط من طعام جدتي والطعام السريع… ولكن بطريقة ما، كان لذيذًا!”
ابتسم محمود وقال: “أعتقد أنني قد أكون طباخًا محترفًا في المستقبل، فقط إذا تعلمت كيف أتعامل مع المقلاة بشكل جيد!”
منذ ذلك اليوم، بدأ محمود يتعلم كيفية الطهي بشكل جدي. ورغم الكثير من الفشل في البداية، أصبح في النهاية طباخًا ماهرًا، وافتتح مطعمه الخاص الذي يقدم مجموعة من الأطباق المبتكرة التي تحمل دائمًا لمسة من الفوضى والحب.
لم يكن يعلم أن الطريق الذي بدأه بكارثة في المطبخ سينتهي بأن يكون مصدر فخر له، ولكن كما يقول المثل: “من لا يخطئ، لا يتعلم”. ومحمود، رغم البدايات غير التقليدية، أصبح يعرف جيدًا أن الطبخ ليس مجرد وصفات، بل هو فن يتطلب الصبر والممارسة.
وبينما كانت أطباقه تنضج في المطبخ، كان دائمًا يذكر نفسه بمرحلة البصل الطائر وكيف أنه، رغم كل شيء، لم يتوقف عن المحاولة.
