معركة طرابلس في لبنان عام 1109م تمثّل نقطة تحوّل في سجلّ الصراعات بين الصليبيين والمسلمين خلال فترة الحروب الصليبية والصراعات التي أثرت على منطقة الشرق الأوسط بشكل عام ولبنان بشكل خاص. تجسّدت هذه المعركة كمرحلة هامة في تاريخ المنطقة، حيث شهدت مواجهة عسكرية ضخمة بين قوات المماليك المسلمة الموجودة في طرابلس وبين القوات الصليبية التي كانت تنتمي لمملكة القدس وإمارة أنطاكية والتولوز.
تعكس المعركة الجدل الشديد الذي كان يسيطر على المنطقة في ذلك الوقت، حيث كانت طرابلس موقعاً استراتيجياً مهماً يشكل تحدياً للطرفين. فقد كانت المدينة تحظى بأهمية فائقة كميناء بحري ومركز تجاري حيوي، مما جعلها محط أنظار الفرق الصليبية الراغبة في التوسّع والسيطرة على المنطقة.
ومن الملفت للنظر أن المعركة شهدت مشاركة عدة أطراف، حيث اجتمعت في الحلبة لا سيما جيوش المملكة المسيحية للقدس وإمارة أنطاكية والتولوز لتواجه قوات المماليك المصرية المندفعة من طرابلس والتي كانت تدافع عن المصالح المسلمة في المنطقة.
وفي ظل هذا السياق، يبرز دور المعركة في تحديد مسار الصراعات اللاحقة في المنطقة وتأثيرها على توازن القوى في الشرق الأوسط. إذ انتهت المعركة بانتصار قوات المملكة المسيحية للقدس وحلفائها، مما أدى إلى تعزيز نفوذهم في المنطقة وتقويض قوة الدولة الفاطمية والمملكة المصرية، وهو ما فرض تحوّلات جوهرية على الحياة السياسية والاجتماعية في لبنان والمنطقة المحيطة بها.
وتعتبر هذه المعركة عنصراً مهماً في سجلّ الصراعات التاريخية بين الغرب والشرق، حيث تجلت فيها مقاومة شرسة وصراعات قوية من أجل السيطرة على الموارد والمواقع الاستراتيجية في الشرق الأوسط، مما يجعلها موضوعاً للاهتمام والدراسة في سياق تاريخي أعمق يلقي الضوء على تداعياتها على التوازنات الإقليمية والدولية.