على ضفاف الزمن القديم، وفي زمن الصراعات والمعارك التي رسمت خريطة تاريخ الشرق الأوسط، تأتي معركة رافيا كصفحة بارزة في سجلات المواجهات القديمة. ففي العام -720 قبل الميلاد، شهدت المنطقة الغربية للضفة الغربية وقطاع غزة تلك المواجهة الحاسمة بين قوى المنطقة.
تجمعت قوات متعددة الجنسيات والأصول لتلك المواجهة الشرسة، حيث شاركت فيها قوات آشورية بقيادة الملك سرجون، والتي تعد من أقوى القوى في المنطقة في ذلك الوقت. ولم يكن الأمر مقتصراً على ذلك فقط، بل انضمت إليهم قوات فلسطينية وغزية، بالإضافة إلى حلفاء آخرين من الأمم المجاورة مثل قرقار والأمير حانون.
كانت معركة رافيا تجسيداً لصراعات النفوذ والسيطرة على المنطقة، حيث تصاعدت التوترات بين القوى المتنافسة، وتلاحقت المصالح السياسية والاقتصادية والاستراتيجية. وبالرغم من جهود الدبلوماسية والتفاوض، إلا أن الصراع المسلح كان الخيار الوحيد المتاح لحسم الخلافات.
وفي هذا السياق، خاضت القوات المشاركة في المعركة مواجهات عنيفة، تراوحت بين هجمات مباغتة ومواجهات مباشرة على أرض الواقع. واستمرت المعركة لفترة طويلة، مما أسفر عن خسائر فادحة في الجانبين، حيث بلغت حدة الصراع ذروتها في معركة حاسمة بالقرب من رافيا.
بعد معارك شرسة وتضحيات جسيمة، انحسرت قوات غزة أمام هجمات الجيش الآشوري، لتتمكن آشور من تحقيق النصر في المعركة. وبهذا، حسمت الميزانية لصالح آشور، وانتزعت قوى الفوز من أيدي غزة وحلفائها.
إن معركة رافيا لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت صراعاً شاملاً يتجاوز الحدود الجغرافية للمنطقة، فقد امتدت تداعياتها لتطال العديد من الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية في الشرق الأوسط. وما زالت تلك المعركة تحظى باهتمام الباحثين والمؤرخين اليوم، كنقطة تحول هامة في تاريخ المنطقة، وكتاب جديد في سجلات الصراعات القديمة التي رسمت ملامح العالم القديم.