في القرن الثامن عشر، خلال فترة من التوترات الدولية والصراعات العسكرية، شهدت مدينة باتراس في اليونان واحدة من الصفحات التاريخية الملحمية التي شهدت معركة حاسمة بين قوتين عظميتين تتصارعان على الهيمنة في المنطقة. تلك المعركة التي وقعت في عام 1770 والتي تعرف بمعركة باتراس، جسدت صراعًا استراتيجيًا بين روسيا، التي كانت تحت قيادة الإمبراطورة كاثرين الكبرى، والإمبراطورية العثمانية.
تمت المعركة في إطار الحرب التركية الروسية التي شنتها روسيا بقيادة كاثرين الكبرى ضد الإمبراطورية العثمانية، وكانت باتراس مسرحًا رئيسيًا لهذا الصراع. تمركزت الأحداث في المحيط البحري حيث جاءت القوات البحرية للطرفين لتلتقي في مواجهة حامية الوطيس. وبحسب المصادر التاريخية، فإن المعركة شهدت تواجد سفن حربية قوية من الجانبين؛ حيث جاءت روسيا بمشاركة سفينتين حربيتين كبيرتين وخمس سفن صغيرة، بينما كانت الإمبراطورية العثمانية ممثلة بثمانية فرقاطات وأربعة عشر سفينة شباك.
تمثلت أهمية هذه المعركة في الصراع الاستراتيجي بين القوتين في المنطقة، حيث كانت روسيا تسعى لتوسيع نفوذها وزيادة سيطرتها على المناطق البحرية والتجارية، بينما كانت الإمبراطورية العثمانية تحاول الحفاظ على تواجدها وسطوتها في المياه الإقليمية. وبالرغم من شراسة المواجهة، إلا أن النتيجة كانت لصالح روسيا، حيث نجحت في كسب المعركة وإحراز الفوز على الإمبراطورية العثمانية.
تعتبر معركة باتراس نقطة تحول هامة في تاريخ المنطقة، حيث أثبتت قوة وقدرة البحرية الروسية على التحكم في المياه الإقليمية، وفتحت الباب أمامها لتعزيز نفوذها وتوسيع حضورها في المنطقة البحرية الشرقية. في المقابل، فقد شكلت هذه الهزيمة للإمبراطورية العثمانية ضربة موجعة، وتراجعًا استراتيجيًا في مساومات القوة البحرية والتأثير في المنطقة، مما فتح الباب أمام روسيا لتعزيز تواجدها وسطوتها في شرق البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود.