قياس الضغط المنخفض وأسباب تأثيره على الصحة
يُعتبر الضغط المنخفض أحد أهم المواضيع الطبية التي تشغل بال الكثير من الأشخاص، خاصة أولئك الذين يعانون من تقلبات في ضغط الدم. وعلى الرغم من أن الاهتمام عادةً ما يكون منصباً على ضغط الدم المرتفع، إلا أن ضغط الدم المنخفض (أو ما يُعرف أيضًا بالضغط المنخفض) يمكن أن يشكل تهديدًا صحيًا في بعض الحالات. وبالتالي، يصبح من الضروري فهم قياس الضغط المنخفض، وكيفية تأثيره على الجسم، وأسبابه، وكيفية التعامل معه بشكل صحيح.
ما هو الضغط المنخفض؟
الضغط المنخفض هو الحالة التي ينخفض فيها ضغط الدم إلى مستويات تقل عن المعدلات الطبيعية التي تتراوح بين 90/60 ملم زئبقي أو أقل. يُقاس ضغط الدم باستخدام جهاز خاص يعرف بجهاز قياس ضغط الدم، ويتكون من رقمين: الرقم الأول (أو الرقم العلوي) يُسمى الضغط الانقباضي، ويشير إلى الضغط في الشرايين عندما ينبض القلب. أما الرقم الثاني (أو الرقم السفلي) فيُسمى الضغط الانبساطي، ويقيس الضغط في الشرايين عندما يكون القلب في حالة راحة بين النبضات.
وبالنسبة للضغط المنخفض، فإنه يُعَرَّف عندما يكون الضغط الانقباضي أقل من 90 ملم زئبقي، أو عندما يكون الضغط الانبساطي أقل من 60 ملم زئبقي.
كيف يتم قياس الضغط المنخفض؟
يتم قياس الضغط المنخفض باستخدام جهاز قياس ضغط الدم التقليدي أو جهاز قياس الضغط الإلكتروني. ويكون القياس الأكثر دقة باستخدام جهاز قياس الضغط الزئبقي، الذي يتطلب الضغط على أداة مدمجة مع سماعة طبية لقياس الأصوات الناتجة عن تدفق الدم. وبالنسبة للأجهزة الإلكترونية، فإنها توفر قراءة سريعة وسهلة ولكن قد تفتقر إلى الدقة في بعض الحالات، خاصة في حالات التغير السريع في الضغط.
يُنصح بإجراء قياس الضغط في بيئة هادئة مع الراحة لمدة خمس دقائق على الأقل، حيث أن الحركة أو القلق يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع مؤقت في ضغط الدم.
أعراض الضغط المنخفض
قد لا يشعر بعض الأفراد بأي أعراض واضحة عندما يكون ضغط دمهم منخفضًا، ولكن في حالات أخرى قد تتسبب هذه الحالة في ظهور أعراض مقلقة تشمل:
-
الدوخة والإغماء: يعد الشعور بالدوار أو الإغماء من الأعراض الشائعة للضغط المنخفض. يحدث ذلك عادةً عند الوقوف بسرعة بعد الجلوس أو الاستلقاء لفترة طويلة.
-
الإرهاق والضعف العام: يعاني الأشخاص الذين يعانون من ضغط دم منخفض من الشعور بالتعب الشديد، ويجدون صعوبة في أداء الأنشطة اليومية المعتادة.
-
صعوبة التركيز: قد يعاني المصاب من صعوبة في التركيز أو شعور بالضبابية الذهنية نتيجة قلة تدفق الدم إلى الدماغ.
-
برودة الأطراف: يمكن أن يشعر الأشخاص الذين يعانون من انخفاض ضغط الدم ببرودة في اليدين والقدمين، وذلك بسبب تدفق الدم المحدود إلى الأطراف.
-
الغثيان: قد يصاحب انخفاض ضغط الدم بعض الأعراض الهضمية مثل الغثيان وفقدان الشهية.
أسباب الضغط المنخفض
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى انخفاض ضغط الدم، ويمكن أن تكون الأسباب متنوعة ومعقدة. تشمل أبرز الأسباب ما يلي:
1. الجفاف
يُعد الجفاف أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض ضغط الدم، حيث يتسبب نقص السوائل في الجسم في تقليل حجم الدم، مما يؤدي إلى انخفاض الضغط. يمكن أن يحدث الجفاف نتيجة للعديد من الأسباب مثل:
-
قلة شرب السوائل.
-
التعرق الزائد.
-
التقيؤ أو الإسهال.
2. مشاكل قلبية
بعض المشاكل القلبية يمكن أن تؤدي إلى انخفاض ضغط الدم، مثل:
-
بطء ضربات القلب: عندما يكون ضربات القلب بطيئة جدًا، فإن القلب لا يستطيع ضخ كمية كافية من الدم إلى الأعضاء والأنسجة.
-
مشاكل في صمامات القلب: يمكن أن تسبب مشاكل صمامات القلب في انخفاض ضغط الدم.
-
نوبات القلب أو فشل القلب: يمكن أن يؤدي فشل القلب إلى عدم قدرة القلب على ضخ الدم بشكل فعال، مما يؤدي إلى انخفاض الضغط.
3. الإصابة باضطرابات الغدد الصماء
تؤثر بعض الاضطرابات الهرمونية مثل قصور الغدة الدرقية أو مرض أديسون على ضغط الدم. على سبيل المثال، انخفاض مستويات هرمون الغدة الدرقية يؤدي إلى تقليل قدرة الجسم على تنظيم مستوى الضغط.
4. الأدوية
بعض الأدوية يمكن أن تسبب انخفاض ضغط الدم كأثر جانبي، مثل:
-
أدوية مضادة للاكتئاب.
-
أدوية لعلاج ضغط الدم المرتفع.
-
أدوية معالجة الضعف الجنسي مثل الفياجرا.
-
مسكنات الألم.
5. النزيف
يمكن أن يؤدي النزيف الكبير، سواء بسبب جرح أو نزيف داخلي، إلى فقدان كمية كبيرة من الدم. وهذا يؤدي إلى تقليل حجم الدم المتداول، وبالتالي انخفاض ضغط الدم.
6. العدوى
يمكن أن تؤدي بعض العدوى الشديدة، خاصة تلك التي تؤثر على الأعضاء مثل الرئتين أو مجرى الدم، إلى حدوث انخفاض حاد في ضغط الدم. يمكن أن يتسبب الالتهاب في توسع الأوعية الدموية، مما يقلل من قدرة الجسم على الحفاظ على ضغط الدم الطبيعي.
7. رد الفعل التحسسي
يمكن أن تؤدي الحساسية الشديدة (الصدمة التحسسية) إلى انخفاض ضغط الدم بشكل مفاجئ. يتمثل رد الفعل التحسسي في تورم الحلق أو صعوبة التنفس، وغالبًا ما يصاحبه انخفاض شديد في ضغط الدم.
8. الوقوف المفاجئ
عندما يقف الشخص فجأة بعد الاستلقاء أو الجلوس لفترة طويلة، قد يحدث انخفاض سريع في ضغط الدم نتيجة لتوسيع الأوعية الدموية في الساقين. ويُسمى هذا النوع من الضغط المنخفض “الهبوط الانتصابي”.
علاج الضغط المنخفض
يحتاج العلاج إلى تحديد السبب الأساسي لحالة الضغط المنخفض. في بعض الحالات، قد لا يتطلب الأمر تدخلًا طبيًا كبيرًا، ولكن في الحالات الأكثر خطورة قد يتطلب العلاج:
-
شرب السوائل: يساعد شرب الماء بكميات كبيرة في رفع ضغط الدم لدى الأشخاص الذين يعانون من الجفاف.
-
رفع القدمين: رفع القدمين يمكن أن يساعد على تدفق الدم إلى الأعضاء الحيوية مثل الدماغ.
-
الأدوية: قد يصف الطبيب أدوية لزيادة ضغط الدم أو لمعالجة السبب الرئيسي لحالة الضغط المنخفض.
-
النظام الغذائي: تناول الوجبات الصغيرة على مدار اليوم يساعد على تجنب انخفاض الضغط المفاجئ بعد تناول الطعام. كما يمكن أن يساعد استهلاك الملح بكميات معتدلة في رفع الضغط.
-
تعديل أسلوب الحياة: تجنب الوقوف المفاجئ وتغيير وضعيات الجسم تدريجيًا يساعد في الوقاية من الدوخة الناتجة عن الضغط المنخفض.
متى يجب استشارة الطبيب؟
في حال تكررت أعراض الضغط المنخفض مثل الدوخة والإغماء بشكل متكرر أو إذا ظهرت أعراض خطيرة مثل ألم في الصدر أو صعوبة في التنفس، فإنه يجب استشارة الطبيب فورًا لتحديد السبب الرئيسي واتخاذ الإجراءات المناسبة.
الخاتمة
الضغط المنخفض هو حالة طبية يجب التعامل معها بحذر وفهم عميق. في حين أنه في بعض الحالات قد لا يتسبب في مشاكل صحية كبيرة، إلا أن انخفاض الضغط الحاد يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة. من المهم متابعة قراءة قياس الضغط بانتظام، خاصة للأشخاص الذين يعانون من أعراض مزمنة أو عوامل خطر، والعمل على اتباع نمط حياة صحي لتجنب حدوث مشاكل صحية قد تترتب على هذه الحالة.
