عام 1956، تأتي الأحداث الهامة والمصيرية التي شهدها مضيق طابا أو مضيق تيران كجزء لا يتجزأ من الصراعات الشهيرة في تاريخ المنطقة، وتلك التي أدت في النهاية إلى ما يُعرف بحرب سيناء عام 1956، والتي جاءت في إطار أوسع للصراع العربي الإسرائيلي. حيث تجمعت الأحداث والمؤشرات المتوترة لتشكل مأساة إنسانية وسياسية تاريخية لا تُنسى.
تقع مضيق طابا، أو المعروف أيضًا بمضيق تيران، بموقع استراتيجي هام على البحر الأحمر، حيث يمثل مروراً حيوياً للملاحة الدولية بين خليج العقبة وخليج السويس. وفي عام 1956، اشتعلت الصراعات وتصاعدت التوترات بين دول المنطقة، حيث كانت مصر تحت حكم الزعيم جمال عبد الناصر، الذي قادها نحو القيادة القومية والعدائية تجاه إسرائيل.
بدأت الأحداث تتلاحق عندما قامت مصر، في خطوة مثيرة للجدل والتحدي، بإغلاق مضيق تيران أمام مرور السفن الإسرائيلية في مايو من عام 1956. وهو الإجراء الذي أثار غضبًا شديدًا في إسرائيل، حيث اعتبرته تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي ولحرية الملاحة الدولية.
في هذا السياق، بادرت إسرائيل بالتحالف مع فرنسا وبريطانيا، في ما يعرف بمؤامرة سيناء، بهدف إسقاط نظام جمال عبد الناصر واستعادة حرية الملاحة في المضيق. وفي 29 أكتوبر 1956، شنت إسرائيل هجومًا مدروسًا على مصر، بدعم من القوات الفرنسية والبريطانية، وتوجهت قواتها نحو شبه جزيرة سيناء.
في هذا السياق، دخل مضيق طابا مرة أخرى في قلب الصراع، حيث شهدت المياه الضيقة المعبر عنها اشتباكات عنيفة بين القوات المصرية والإسرائيلية، حيث حاولت مصر بكل قوة منع تقدم القوات الإسرائيلية عبر المضيق.
وعلى الرغم من قوة المقاومة المصرية، إلا أن القوات الإسرائيلية نجحت في تحقيق تقدم استراتيجي واسع، وسيطرت على شبه جزيرة سيناء بأكملها، وتخطت حدودها نحو العمق المصري.
وفي نهاية المطاف، انتهت الحرب بوقف إطلاق النار تحت وساطة الأمم المتحدة، ورغم أن مصر فقدت بعض الأراضي وتكبدت خسائر كبيرة، إلا أنها تمكنت من الحفاظ على سيادتها على المضيق وعلى جزء من شبه جزيرة سيناء.
هكذا، يظل مضيق طابا وحرب سيناء عام 1956 علامة مضيئة في تاريخ الصراعات العربية الإسرائيلية، حيث تجسدت فيها قوة الإرادة والتحدي، واشتداد الصراعات على أرض الواقع وفي أعماق البحار والمحيطات.