مصفوفة قرارات الاستعانة بمصادر خارجية

مصفوفة اتخاذ القرارات المرتبطة بالاستعانة بمصادر خارجية: دليل شامل للشركات

تُعدّ الاستعانة بمصادر خارجية (Outsourcing) أحد أهم الخيارات الاستراتيجية للشركات الحديثة، حيث يمكنها أن توفّر موارد خارجية لدعم الأعمال وتقديم خدمات متخصصة دون الحاجة إلى بناء هذه الموارد داخليًا. إلا أن اتخاذ القرار بالاستعانة بمصادر خارجية يتطلب النظر في مجموعة من المعايير الاستراتيجية والتكتيكية، وهذا هو دور مصفوفة اتخاذ القرارات المرتبطة بالاستعانة بمصادر خارجية. تساعد هذه المصفوفة الشركات في تحليل القرارات وفهم ما إذا كانت الاستعانة بمصادر خارجية خيارًا مناسبًا لمشاريع أو مهام محددة، كما تساهم في تحديد المخاطر وتوضيح الأهداف.

1. ما هي مصفوفة اتخاذ القرارات المرتبطة بالاستعانة بمصادر خارجية؟

مصفوفة اتخاذ القرارات للاستعانة بمصادر خارجية هي أداة تُستخدم لتوجيه المؤسسات نحو اتخاذ قرارات مبنية على تقييم عميق حول مهام أو وظائف معينة. وتقوم هذه المصفوفة بتقسيم المهام والوظائف إلى فئات مختلفة بناءً على أهميتها الاستراتيجية وقيمتها للأعمال، مع مراعاة عوامل مثل التكلفة والجودة والتحكم والابتكار والمخاطر.

2. أهداف الاستعانة بمصادر خارجية

قبل الخوض في تفاصيل المصفوفة، من المهم فهم الأهداف التي تسعى المؤسسات لتحقيقها من خلال الاستعانة بمصادر خارجية:

• خفض التكاليف: من خلال الاستعانة بجهات خارجية متخصصة تقدم خدمات بتكلفة أقل من تكاليف الإنتاج الداخلي.
• تحقيق التركيز: السماح للفرق الداخلية بالتركيز على المهام الأساسية واستراتيجية النمو.
• الوصول إلى الخبرات المتخصصة: الاستفادة من خبرات متقدمة وتقنيات جديدة يصعب تطويرها داخليًا.
• المرونة في الأعمال: التمكن من زيادة أو تقليل حجم العمل بسرعة بناءً على متطلبات السوق.

3. عناصر مصفوفة اتخاذ القرارات للاستعانة بمصادر خارجية

3.1 الأهمية الاستراتيجية للمهمة

تُقيّم هذه النقطة مدى أهمية المهمة أو الخدمة المراد الاستعانة بمصادر خارجية لها في تحقيق الرؤية والأهداف الأساسية للمؤسسة. على سبيل المثال، إذا كانت الشركة تعتمد بشكل كبير على جودة التصنيع لضمان سمعتها، فقد تكون عملية التصنيع مهمة استراتيجية.

3.2 السيطرة والتحكم

يشمل هذا العنصر مدى رغبة الشركة في الحفاظ على السيطرة الكاملة على سير العمل، كما يساعد على تحديد قدرة المؤسسة على مراقبة الجودة والإنتاج. إذا كانت الوظيفة تتطلب تحكمًا عاليًا في مراحل العمل، قد تكون الاستعانة بمصادر خارجية خيارًا محفوفًا بالمخاطر.

3.3 التكلفة مقابل القيمة

تتضمن هذه النقطة مقارنة التكلفة بين الإنتاج الداخلي والاستعانة بمصادر خارجية، وتقييم القيمة التي ستضيفها الجهة الخارجية للعمل. بعض المهام يمكن تنفيذها بتكلفة منخفضة خارجيًا، مما يعزز من اتخاذ قرار الاستعانة بمصادر خارجية.

3.4 المخاطر والجودة

تقوم المصفوفة بتحليل المخاطر المتعلقة بالجودة وفقدان المهارات الداخلية أو حتى تأخير التسليمات. هناك مشاريع تتطلب دقة وجودة عالية، مما قد يجعل الاستعانة بمصادر خارجية غير مجدية إن لم يتم اختيار الشريك بعناية.

3.5 الابتكار

الاستعانة بمصادر خارجية قد تعزز الابتكار من خلال التعاون مع جهات مختصة، لكن هذا يعتمد على مدى قدرة المؤسسة على التعاون مع الأطراف الخارجية بشكل مثمر لتحقيق أهدافها الإبداعية.

4. خطوات استخدام مصفوفة اتخاذ القرار بالاستعانة بمصادر خارجية

الخطوة الأولى: تحديد المهام والوظائف الأساسية

ابدأ بتحليل كافة الوظائف والمهام التي تُدار داخل المؤسسة، وقسمها إلى مهام أساسية وأخرى غير أساسية. الهدف من هذه الخطوة هو معرفة الوظائف التي يجب الحفاظ عليها داخل المؤسسة مقابل تلك التي يمكن الاستعانة بها من الخارج.

الخطوة الثانية: تقييم المهام باستخدام عناصر المصفوفة

باستخدام العناصر الرئيسية في المصفوفة (الأهمية الاستراتيجية، السيطرة، التكلفة، المخاطر، الابتكار)، قم بتقييم كل مهمة من المهام المحددة في الخطوة الأولى.

الخطوة الثالثة: إنشاء المصفوفة وتحديد أولويات الاستعانة بمصادر خارجية

قم بإنشاء مصفوفة من أربعة أقسام بناءً على مستوى الأهمية الاستراتيجية ومستوى التحكم، كما هو موضح في الجدول التالي:

	منخفض الأهمية الاستراتيجية	عالي الأهمية الاستراتيجية
عالي التحكم	احتفظ بالمهمة داخليًا	احرص على التحكم مع مرونة محدودة
منخفض التحكم	استعن بمصادر خارجية	التقييم الدقيق وتعاون محدود

الخطوة الرابعة: اتخاذ القرار وتنفيذ الاستعانة بمصادر خارجية

بناءً على التحليل، حدد الوظائف أو المشاريع التي يُنصح بالاستعانة بمصادر خارجية فيها، وابدأ في البحث عن شريك خارجي مناسب يمكن أن يوفر الجودة المطلوبة والتكلفة المناسبة مع الحد من المخاطر.

5. أمثلة على استخدام مصفوفة اتخاذ القرار

مثال 1: قسم التسويق

إذا كان التسويق جزءًا حيويًا في استراتيجية الشركة، ولكنه يحتاج إلى ابتكار وخبرة لا تمتلكها المؤسسة، فقد تقرر الشركة الاستعانة بوكالات تسويق خارجية. يمكن وضع التسويق في خانة “عالي الأهمية الاستراتيجية، منخفض التحكم”.

مثال 2: إدارة تكنولوجيا المعلومات

في بعض المؤسسات، تعتبر إدارة تكنولوجيا المعلومات أساسية للحفاظ على سرية البيانات وحمايتها، وبالتالي يجب الاحتفاظ بها داخليًا. هذا النشاط يقع ضمن خانة “عالي الأهمية الاستراتيجية، عالي التحكم”.

مثال 3: خدمات الموارد البشرية

بالنسبة لوظائف الموارد البشرية ذات الطابع الروتيني، يمكن تصنيفها على أنها منخفضة الأهمية الاستراتيجية ومنخفضة التحكم، وبالتالي يمكن الاستعانة بمصادر خارجية لتنفيذ هذه المهام.

6. فوائد تطبيق مصفوفة اتخاذ القرار في الاستعانة بمصادر خارجية

زيادة الكفاءة

تساعد المصفوفة في تحسين الكفاءة من خلال تحديد الأعمال التي يمكن إنجازها بشكل أسرع وبتكلفة أقل عن طريق الشركاء الخارجيين.

التركيز على الأنشطة الأساسية

تتيح هذه الاستراتيجية للموظفين التركيز على الأنشطة الأساسية، مما يسهم في تحقيق مزيد من الإنتاجية وتحقيق الأهداف المؤسسية.

تحقيق مرونة أكبر

تُمكّن المصفوفة المؤسسات من الاستجابة بسرعة لتغيرات السوق، حيث توفر إمكانية زيادة أو تقليص الموارد بناءً على الحاجة.

7. المخاطر والتحديات في الاستعانة بمصادر خارجية

التكلفة الخفية

قد تكون هناك تكاليف خفية مثل تكاليف التواصل أو تكاليف تعديل العمل، والتي يمكن أن تؤثر سلبًا على عائدات الاستثمار.

فقدان السيطرة

قد يؤدي الاستعانة بمصادر خارجية إلى فقدان السيطرة على جودة الإنتاج أو إدارة العمليات، مما قد يؤدي إلى تدهور الأداء.

المخاطر الأمنية

خاصة في مجال تكنولوجيا المعلومات، قد تتعرض البيانات الحساسة للمخاطر عند الاستعانة بشريك خارجي.

8. الخلاصة

تُعد مصفوفة اتخاذ القرارات المرتبطة بالاستعانة بمصادر خارجية أداة فعالة ومتكاملة تساعد الشركات على تحديد الفرص والمخاطر التي تصاحب الاعتماد على شركاء خارجيين لتنفيذ المهام. باتباع خطوات دقيقة وممنهجة، يمكن للشركات تعزيز استراتيجياتها وزيادة كفاءتها عبر الاستعانة بمصادر خارجية تلبي متطلباتها وتدعم نموها