أعراض هبوط ضغط الدم وعلاجه

أعراض هبوط الدم: الأسباب والعلاج

تُعد حالة هبوط ضغط الدم من الحالات الصحية التي يعاني منها الكثيرون، إذ تتمثل في انخفاض ضغط الدم بشكل غير طبيعي بحيث يصبح غير كافٍ لتلبية احتياجات الأنسجة والأعضاء الحيوية في الجسم. لا يتوقف الأمر عند كون هبوط الدم مشكلة صحية بسيطة، بل يمكن أن يتسبب في مشاكل صحية خطيرة إذا لم يتم تشخيصه وعلاجه بشكل مناسب. سنتناول في هذا المقال أعراض هبوط ضغط الدم، الأسباب التي تؤدي إلى حدوثه، وكيفية التعامل معه بشكل علمي دقيق.

ما هو هبوط ضغط الدم؟

هبوط ضغط الدم (أو انخفاض ضغط الدم) هو حالة يُنخفض فيها ضغط الدم إلى مستويات أقل من المعدل الطبيعي، وقد يكون انخفاض ضغط الدم مؤقتًا أو مزمنًا. يتم قياس ضغط الدم بواسطة جهاز طبي يستخدم لقراءة قيمتين:

• الضغط الانقباضي (الرقم العلوي): وهو الضغط الذي يحدث عندما يضخ القلب الدم إلى الشرايين.

• الضغط الانبساطي (الرقم السفلي): وهو الضغط الذي يحدث بين ضربات القلب عندما يكون القلب في حالة راحة.

تُعتبر القراءة التي تقل عن 90/60 مم زئبقي معيارًا عامًّا لتحديد حالة هبوط ضغط الدم. تختلف درجات هبوط الضغط من شخص لآخر، حيث قد يعاني البعض من أعراض طفيفة، بينما يشعر آخرون بأعراض شديدة تؤثر على حياتهم اليومية.

أعراض هبوط ضغط الدم

تختلف أعراض هبوط ضغط الدم حسب درجة الانخفاض في الضغط وحالة الشخص الصحية العامة. في بعض الحالات، قد لا تظهر أي أعراض واضحة، بينما يعاني آخرون من أعراض حادة قد تؤثر بشكل كبير على حياتهم. ومن أهم الأعراض التي قد تشير إلى هبوط ضغط الدم:

1. الدوخة والدوار

الدوخة أو الشعور بالدوار من الأعراض الأكثر شيوعًا عند انخفاض ضغط الدم. يحدث ذلك نتيجة لعدم كفاية تدفق الدم إلى الدماغ، مما يؤدي إلى الشعور بعدم التوازن، وقد يتفاقم هذا الشعور عند الوقوف المفاجئ بعد الجلوس لفترة طويلة.

2. الإغماء أو فقدان الوعي

إذا انخفض ضغط الدم بشكل كبير، قد يتسبب ذلك في حدوث إغماء أو فقدان مؤقت للوعي. ينتج عن ذلك انخفاض في تدفق الدم إلى الدماغ، مما يؤدي إلى فقدان القدرة على الوقوف أو الجلوس بشكل طبيعي.

3. التعب العام والشعور بالضعف

من أبرز أعراض هبوط ضغط الدم أيضًا الشعور بالتعب العام والضعف الشديد. يحدث ذلك نتيجة لنقص الأوكسجين والعناصر الغذائية الضرورية التي لا تصل إلى الأنسجة والأعضاء بسبب تدني ضغط الدم.

4. صعوبة في التنفس

قد يعاني الشخص من صعوبة في التنفس بسبب قلة تدفق الأوكسجين إلى الرئتين والأعضاء الأخرى. يظهر هذا العرض غالبًا مع الحالات الشديدة من هبوط الضغط.

5. الغثيان

الشعور بالغثيان أو الميل إلى التقيؤ يعتبر من الأعراض الشائعة التي تصاحب هبوط ضغط الدم، خصوصًا عندما يكون انخفاض الضغط حادًا.

6. برودة الجلد

في بعض الحالات، قد يتسبب هبوط ضغط الدم في ظهور برودة على الجلد، خاصة على الأطراف مثل اليدين والقدمين. ذلك نتيجة لتقليص الأوعية الدموية في محاولة لحماية الأعضاء الحيوية مثل القلب والدماغ.

7. عدم وضوح الرؤية

قد يعاني الشخص من عدم وضوح في الرؤية أو تشوش، ويعود ذلك إلى قلة تدفق الدم إلى العينين.

8. زيادة معدل ضربات القلب

عادةً ما يزيد معدل ضربات القلب مع انخفاض ضغط الدم، وذلك في محاولة من الجسم لتعويض نقص الدورة الدموية وضخ الدم بشكل أسرع لتوفير الأوكسجين والمواد المغذية للأعضاء.

أسباب هبوط ضغط الدم

هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى هبوط ضغط الدم، وقد تختلف هذه الأسباب حسب نوع الحالة ومدى شدة الانخفاض. ومن أبرز الأسباب التي تؤدي إلى هبوط ضغط الدم:

1. الجفاف (Dehydration)

يُعتبر الجفاف من أكثر الأسباب شيوعًا لانخفاض ضغط الدم. عندما يفقد الجسم كمية كبيرة من السوائل بسبب الإسهال، القيء، أو التعرق المفرط، يؤدي ذلك إلى انخفاض حجم الدم، مما يتسبب في هبوط ضغط الدم.

2. المشاكل القلبية

تُعد بعض مشاكل القلب، مثل الضعف في عضلة القلب، اضطرابات النظم القلبية (مثل بطء القلب أو سرعة ضربات القلب غير المنتظمة)، والنوبات القلبية، سببًا مباشرًا في هبوط ضغط الدم. عند حدوث هذه المشكلات، يصبح القلب غير قادر على ضخ الدم بشكل كافٍ إلى الأعضاء الحيوية، مما يؤدي إلى انخفاض الضغط.

3. اختلال الهرمونات

الهرمونات تلعب دورًا كبيرًا في تنظيم ضغط الدم. مشاكل الغدة الدرقية (مثل فرط أو قصور النشاط)، نقص الأدرينالين (في حالة مرض أديسون)، أو اضطرابات في إنتاج الهرمونات الأخرى قد تؤدي إلى انخفاض ضغط الدم بشكل ملحوظ.

4. فقدان الدم

في حالات النزيف الشديد، سواء نتيجة للحوادث أو النزيف الداخلي، يحدث فقدان كبير للدم مما يؤدي إلى انخفاض حجم الدم وبالتالي انخفاض ضغط الدم.

5. الأدوية

تعد بعض الأدوية سببًا آخر لهبوط ضغط الدم. من بين الأدوية التي يمكن أن تتسبب في ذلك، الأدوية المدرة للبول، الأدوية الخاصة بعلاج الاكتئاب، والأدوية المستخدمة في معالجة ارتفاع ضغط الدم قد تتسبب في انخفاض مفاجئ في الضغط.

6. العدوى

تُعتبر العدوى الخطيرة التي تدخل إلى مجرى الدم (تسمم الدم) سببًا آخر لانخفاض ضغط الدم. هذه العدوى تؤدي إلى توسع الأوعية الدموية بشكل مفاجئ، مما يؤدي إلى تقليل تدفق الدم إلى الأعضاء الحيوية.

7. الحمل

خلال فترة الحمل، وخاصة في الأشهر الأولى، قد ينخفض ضغط الدم بسبب التغيرات الهرمونية وزيادة حجم الدم في الجسم. وفي بعض الحالات قد يستمر انخفاض الضغط طوال فترة الحمل.

8. التغذية السيئة

نقص بعض العناصر الغذائية الأساسية مثل فيتامين B12 والفولات (حمض الفوليك) قد يؤدي إلى فقر الدم، الذي بدوره يساهم في هبوط ضغط الدم. التغذية غير المتوازنة قد تضعف قدرة الجسم على إنتاج خلايا الدم الحمراء، مما يؤثر على تدفق الدم وضغطه.

تشخيص هبوط ضغط الدم

يتم تشخيص هبوط ضغط الدم عادة من خلال قياس ضغط الدم باستخدام جهاز قياس الضغط. يعتمد الطبيب على نتائج قياس الضغط بالإضافة إلى الأعراض التي يعاني منها المريض لتحديد ما إذا كان انخفاض الضغط يشكل خطرًا على الصحة. في بعض الحالات، قد يطلب الطبيب إجراء فحوصات إضافية مثل تحاليل الدم أو تخطيط القلب (ECG) أو حتى تصوير الأوعية الدموية لاكتشاف السبب وراء هبوط الضغط.

علاج هبوط ضغط الدم

يعتمد علاج هبوط ضغط الدم على السبب الكامن وراء انخفاضه. في حالات هبوط ضغط الدم البسيطة، يمكن أن يكون العلاج عبارة عن تغييرات في نمط الحياة، بينما في حالات أخرى قد يتطلب الأمر تدخلًا طبيًا مباشرًا.

1. زيادة تناول السوائل

في حالات الجفاف، يُنصح بزيادة كمية السوائل بشكل كبير لتعويض السوائل المفقودة. يمكن شرب الماء أو مشروبات غنية بالكهرباء للحفاظ على التوازن المائي في الجسم.

2. الأدوية

في بعض الحالات، قد يصف الطبيب أدوية لزيادة ضغط الدم مثل أدوية تحتوي على مادة الفينيلفرين أو أدوية لتعديل النظم القلبية.

3. تغييرات في النظام الغذائي

إذا كان هبوط ضغط الدم ناتجًا عن نقص في العناصر الغذائية، قد يُنصح بزيادة تناول الأطعمة الغنية بفيتامين B12 والفولات. يمكن أيضًا تناول الأطعمة التي تحتوي على الحديد لتعزيز قدرة الجسم على إنتاج خلايا الدم الحمراء.

4. الراحة والابتعاد عن المواقف المحفزة

ينصح المرضى الذين يعانون من هبوط ضغط الدم بالراحة وعدم الوقوف لفترات طويلة أو القيام بحركات مفاجئة. يمكن أيضًا الاستفادة من الجلوس أو الاستلقاء بشكل مائل مع رفع القدمين لتحسين تدفق الدم إلى الدماغ.

5. علاج الأمراض المسببة

في حالة وجود أمراض قلبية أو هرمونية تسببت في هبوط ضغط الدم، يتم علاج السبب الجذري للحالة وفقًا لتوجيهات الطبيب المختص.

الخلاصة

يُعتبر هبوط ضغط الدم من الحالات الصحية التي تحتاج إلى الانتباه والعلاج، حيث قد تتراوح تأثيراته بين الخفيفة والشديدة. من خلال فهم أعراض هبوط ضغط الدم، والأسباب المحتملة وراء حدوثه، يمكن اتخاذ الإجراءات الوقائية والعلاجية المناسبة. كما أن التشخيص المبكر والعلاج السليم قد يمنع حدوث مضاعفات خطيرة ويحسن من جودة حياة المصابين.