أضرار البرتقال: هل يسبب المغص؟

يُعتبر البرتقال من أكثر الفواكه شعبية في العالم، لما له من فوائد صحية متعددة بفضل احتوائه على فيتامين سي، الألياف، مضادات الأكسدة، والعديد من المركبات الغذائية الهامة. إلا أن تناول البرتقال قد لا يكون خاليًا من بعض الأضرار والمخاطر الصحية، خاصة عند الإفراط في تناوله أو عند وجود ظروف صحية معينة. من بين المشكلات التي قد يسببها البرتقال، يأتي المغص والاضطرابات الهضمية في مقدمتها. في هذا المقال سيتم التناول المفصل لأضرار البرتقال المحتملة مع التركيز على علاقة تناوله بحدوث المغص، مع شرح علمي للأسباب الكامنة وراء ذلك، ومدى تأثيره على فئات مختلفة من الناس.

مكونات البرتقال وتأثيرها على الجهاز الهضمي

يحتوي البرتقال على مجموعة كبيرة من المركبات الحيوية التي تميزه، منها:

• حمض الستريك: يشكل نسبة كبيرة من عصير البرتقال، وهو حمض عضوي يساهم في الحموضة العالية للعصير.

• الألياف الغذائية: خصوصًا الألياف القابلة للذوبان مثل البكتين.

• السكريات الطبيعية: مثل الفركتوز والجلوكوز.

• فيتامين سي (حمض الأسكوربيك): مضاد أكسدة قوي.

• مركبات الفلافونويد: مثل الهيسبيريدين، التي لها تأثيرات مضادة للالتهاب ومضادة للأكسدة.

على الرغم من الفوائد الصحية العديدة التي توفرها هذه المركبات، إلا أن بعضها قد يسبب تأثيرات جانبية على الجهاز الهضمي عند بعض الأشخاص.

أسباب حدوث المغص بعد تناول البرتقال

1. الحموضة العالية وتهيج المعدة

البرتقال غني بحمض الستريك، الذي يمنحه طعمه الحامضي المميز. تناول كميات كبيرة من عصير البرتقال أو تناول البرتقال على معدة فارغة قد يؤدي إلى زيادة حموضة المعدة، مما يسبب تهيج جدار المعدة والأمعاء. هذا التهيج قد ينتج عنه شعور بالألم أو المغص، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من:

• قرحة المعدة أو الإثني عشر.

• التهاب المعدة المزمن.

• ارتجاع المريء (GERD).

عند هؤلاء الأشخاص، يمكن أن تؤدي الأحماض الموجودة في البرتقال إلى تفاقم الحالة والتسبب في آلام شديدة في البطن.

2. حساسية أو تحسس الجهاز الهضمي لبعض المركبات

بعض الأشخاص قد يعانون من تحسس لمكونات البرتقال مثل الأحماض أو مركبات الفلافونويد، مما يسبب اضطرابات في الجهاز الهضمي، ويظهر ذلك على شكل مغص، غازات، أو إسهال. هذا التحسس يختلف عن حساسية الفواكه الكلاسيكية التي تكون أكثر شدة، لكنه قد يؤدي إلى عدم راحة في البطن بعد تناول البرتقال.

3. تأثير الألياف على الجهاز الهضمي

الألياف القابلة للذوبان في البرتقال، مثل البكتين، تلعب دورًا إيجابيًا في تنظيم حركة الأمعاء وتحسين صحة الجهاز الهضمي. لكن تناول كميات كبيرة من الألياف فجأة قد يسبب:

• انتفاخ البطن.

• تكوين الغازات.

• المغص والاضطرابات المعوية.

خاصة لدى الأشخاص غير المعتادين على تناول الألياف أو الذين يعانون من اضطرابات هضمية مثل القولون العصبي.

4. فرط تناول السكريات وتأثيرها

البرتقال يحتوي على سكريات طبيعية، لكن الإفراط في تناول كميات كبيرة منه قد يؤدي إلى تراكم السكريات في الأمعاء، مما يزيد من تخمرها بواسطة البكتيريا، ويسبب تكون الغازات والشعور بالمغص.

الحالات التي تزداد فيها احتمالية الإصابة بالمغص بسبب البرتقال

الأشخاص الذين يعانون من متلازمة القولون العصبي (IBS)

متلازمة القولون العصبي من أكثر الاضطرابات الهضمية شيوعًا، ويتميز هذا المرض بحساسية زائدة في الجهاز الهضمي تجاه بعض الأطعمة، منها الفواكه الحمضية كالبرتقال. تناول البرتقال قد يسبب زيادة التشنجات المعوية والمغص، بالإضافة إلى الانتفاخ والإسهال أو الإمساك.

مرضى الارتجاع المعدي المريئي (GERD)

في مرض الارتجاع المعدي المريئي، يعاني المريض من رجوع الحمض المعدي إلى المريء، مما يسبب حرقة وألم. تناول البرتقال يزيد من الحموضة مما قد يفاقم أعراض الارتجاع ويزيد من الألم والمغص.

الأطفال الرضع والأطفال الصغار

جهاز الهضم لدى الأطفال لا يزال في مرحلة النضج، وقد يؤدي تناول البرتقال أو عصيره إلى تهيج المعدة والأمعاء، مما يسبب المغص والاضطرابات الهضمية. لذلك ينصح بتجنب إعطاء البرتقال للأطفال تحت عمر السنة، أو إعطائه بكميات قليلة وبحذر بعد ذلك.

الأشخاص الذين يعانون من حساسية الطعام

بعض الأشخاص لديهم حساسية مفرطة تجاه حمض الستريك أو مركبات الفلافونويد في البرتقال، مما يؤدي إلى أعراض تشمل المغص، القيء، الإسهال، أو الطفح الجلدي.

تأثير البرتقال على الجهاز الهضمي: آليات علمية

تأثير الحمض على الغشاء المخاطي

المعدة والأمعاء مغطاة بغشاء مخاطي يحميها من الأحماض والإنزيمات الهضمية. تناول الأطعمة الحامضية بكميات كبيرة يمكن أن يسبب تلفًا جزئيًا في هذا الغشاء، مما يؤدي إلى:

• التهاب المعدة.

• زيادة حساسية الأعصاب في جدار الأمعاء.

• تحفيز الشعور بالألم والمغص.

دور البكتيريا المعوية

الألياف والسكريات الموجودة في البرتقال تخضع لهضم جزئي بواسطة بكتيريا الأمعاء. هذا الهضم ينتج غازات مثل الهيدروجين والميثان، والتي قد تسبب انتفاخًا وشعورًا بعدم الراحة أو مغصًا معويًا.

أضرار أخرى محتملة لتناول البرتقال بكثرة

بالإضافة إلى المغص، يمكن أن يؤدي الإفراط في تناول البرتقال إلى بعض الأضرار الأخرى، منها:

• تآكل مينا الأسنان: بسبب الحموضة العالية، يمكن أن يؤدي التعرض المستمر لعصير البرتقال إلى تآكل طبقة مينا الأسنان، مما يزيد من حساسية الأسنان وتسوسها.

• زيادة مستويات السكر في الدم: على الرغم من أن البرتقال يحتوي على سكريات طبيعية، إلا أن الإفراط في تناوله قد يرفع مستوى السكر في الدم خاصة لدى مرضى السكري.

• التفاعل مع بعض الأدوية: يحتوي البرتقال، وخاصة عصير البرتقال، على مركبات قد تؤثر على امتصاص أو فعالية بعض الأدوية مثل أدوية الكوليستيرول والمضادات الحيوية.

نصائح للحد من أضرار البرتقال وتجنب المغص

• تناول البرتقال بكميات معتدلة، وعدم الإفراط في تناوله يوميًا.

• تجنب تناول البرتقال على معدة فارغة، خصوصًا إذا كان الشخص يعاني من مشاكل في المعدة.

• شرب الماء بعد تناول البرتقال لتقليل حموضته في المعدة.

• تقشير البرتقال جيدًا وإزالة البذور لتقليل احتمالية التهيج.

• للأطفال الرضع، تأخير إعطاء البرتقال حتى عمر مناسب وتقديمه بكميات صغيرة.

• مراقبة ردود فعل الجسم بعد تناول البرتقال والتوقف فورًا عند حدوث مغص أو أعراض غير مريحة.

جدول يوضح تأثير البرتقال على الجهاز الهضمي حسب الفئات المختلفة

خلاصة

البرتقال فاكهة مفيدة غنية بالعناصر الغذائية الضرورية، لكنه قد يسبب بعض المشاكل الهضمية مثل المغص في حالات معينة وخاصة عند الإفراط في تناوله أو عند وجود أمراض هضمية مزمنة مثل القرحة، الارتجاع، أو القولون العصبي. يعود السبب الأساسي في ذلك إلى الحموضة العالية، الألياف، ومركبات معينة في البرتقال التي قد تهيج جدار المعدة والأمعاء أو تسبب حساسية لبعض الأشخاص. الالتزام بالاعتدال في تناول البرتقال، وتفهم تأثيراته على الجسم، يساهم في الاستفادة من فوائده الصحية دون التعرض لأضراره. تناول البرتقال بشكل صحيح وفي إطار نظام غذائي متوازن هو السبيل الأمثل لتفادي المغص والآثار الجانبية الأخرى.

المراجع

1. Mayo Clinic Staff. (2023). Citrus fruits: Benefits and risks. Mayo Clinic.

2. WebMD. (2022). Acid Reflux and Citrus Fruits: What to Know. WebMD.

هذه المراجع توضح بشكل علمي العلاقة بين تناول البرتقال وصحة الجهاز الهضمي، مع التركيز على تأثير الحموضة والمركبات الغذائية على الأشخاص المختلفين.