تعد الولايات المتحدة الأمريكية واحدة من أكبر الدول في العالم من حيث المساحة، وتتميز بتنوع جغرافي هائل يجمع بين السهول الشاسعة، الجبال الوعرة، الصحارى الجافة، والغابات الكثيفة. في هذا المقال، سنتناول بشكل مفصل مسألة مساحة الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك عبر استعراض تقسيمات هذه المساحة، أهمية المساحة في السياقات المختلفة، مقارنة مع دول أخرى، بالإضافة إلى العوامل الجغرافية التي تساهم في توسيع حدودها.
المساحة الكلية للولايات المتحدة الأمريكية
تبلغ المساحة الإجمالية للولايات المتحدة الأمريكية حوالي 9.83 مليون كيلومتر مربع، مما يجعلها ثالث أكبر دولة في العالم من حيث المساحة الإجمالية، بعد روسيا وكندا. هذه المساحة تشمل الأراضي البرية والمسطحات المائية الداخلية، مثل البحيرات والأنهار، بالإضافة إلى الأراضي المحيطية والمناطق البحرية.
تتوزع هذه المساحة بين خمسين ولاية موزعة عبر قارتين؛ في أمريكا الشمالية، حيث تقع 48 ولاية متجاورة، بالإضافة إلى ألاسكا في أقصى الشمال الغربي، وهاواي التي تتواجد في المحيط الهادئ. كما تملك الولايات المتحدة عدة أراضٍ في الخارج مثل بورتو ريكو، جزر فيرجن الأمريكية، وغيرها من الأراضي غير المدمجة.
توزيع المساحة الجغرافية للولايات المتحدة
من الناحية الجغرافية، تتنوع تضاريس الولايات المتحدة الأمريكية بشكل كبير، مما يساهم في كونها دولة ذات تنوع بيئي وجغرافي كبير. يمكن تقسيم الأراضي الأمريكية إلى عدة مناطق رئيسية تختلف من حيث المناخ والتضاريس.
-
المنطقة الشرقية: تتضمن هذه المنطقة السهول الكبرى الممتدة على العديد من الولايات مثل ولاية نيويورك، وولايات البحر الكاريبي وغيرها. تشهد هذه المنطقة تنوعاً في المناخ، من المناخ المعتدل في الشمال الشرقي إلى المناخ المداري في فلوريدا.
-
المنطقة الوسطى: تعرف هذه المنطقة بالسهول الواسعة التي تمتد من الغرب إلى الشرق، مع تلال في بعض الأماكن. تعتبر هذه المنطقة من أكبر المناطق الزراعية في البلاد.
-
المنطقة الغربية: تتميز هذه المنطقة بوجود الجبال الشاهقة مثل جبال الروكي والجبال الساحلية التي تقع على طول المحيط الهادئ. تعتبر هذه المنطقة ذات طابع جغرافي خاص، كما أنها تضم العديد من الصحارى والمناطق البركانية.
-
ألاسكا: تعتبر ولاية ألاسكا أكبر ولاية في الولايات المتحدة من حيث المساحة، وهي تمتد عبر الشمال الغربي من القارة الأمريكية إلى حدود القطب الشمالي، وتتميز بتضاريس جبلية وقمم جليدية ضخمة.
-
هاواي: تعتبر ولاية هاواي هي المجموعة الوحيدة من الجزر التي تشكل ولاية أمريكية، وتتمتع بجمال طبيعي فريد يتمثل في البراكين النشطة والشواطئ الرائعة.
المساحة البرية والمساحة المائية
تُعد الأراضي البرية في الولايات المتحدة هي الغالبة من حيث المساحة الإجمالية، إذ تشكل حوالي 9.1 مليون كيلومتر مربع من إجمالي المساحة. بينما تحتل المسطحات المائية الداخلية حوالي 0.73 مليون كيلومتر مربع. تتنوع المسطحات المائية بين البحيرات العذبة، الأنهار العميقة، والمحيطات المحيطة بالولايات المتحدة، مثل المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ.
من أبرز المسطحات المائية في الولايات المتحدة نجد البحيرات العظمى في الشمال، مثل بحيرة ميشيغان وبحيرة سوبيرير، بالإضافة إلى نهر المسيسيبي الذي يعد من أطول أنهار أمريكا.
مقارنة المساحة مع الدول الأخرى
عند مقارنة مساحة الولايات المتحدة الأمريكية مع دول أخرى في العالم، نجد أن أمريكا تحتل المرتبة الثالثة بعد روسيا وكندا من حيث المساحة. ومع ذلك، تظل المسافة بين الولايات المتحدة وكندا ضخمة، حيث تبلغ مساحة كندا 9.98 مليون كيلومتر مربع، أي أن المساحة الأمريكية أصغر قليلاً.
أما على مستوى القارة الأمريكية، فهي تمتد على مسافة كبيرة من الشمال إلى الجنوب، حيث تبلغ المسافة من أقصى نقطة في الشمال (ألاسكا) إلى أقصى نقطة في الجنوب (فلوريدا) أكثر من 4,500 كيلومتر.
العوامل التي ساهمت في زيادة مساحة الولايات المتحدة
تاريخياً، مرّت الولايات المتحدة الأمريكية بتطورات جغرافية تسببت في توسيع مساحتها بشكل تدريجي. كانت بداية تكوين الولايات المتحدة عبارة عن 13 مستعمرة أنشأها البريطانيون في الساحل الشرقي، ثم توسعت عبر عدة مراحل، بما في ذلك الحروب، المفاوضات، والاتفاقات السياسية.
-
شراء لويزيانا (1803): كان هذا الحدث واحداً من أهم الأحداث التي ساهمت في زيادة المساحة، حيث اشترت الولايات المتحدة ما يعرف الآن بمنطقة لويزيانا من فرنسا. وقد أضافت هذه الصفقة حوالي 2.14 مليون كيلومتر مربع إلى الأراضي الأمريكية.
-
ضم تكساس (1845): ضم ولاية تكساس أدى إلى إضافة حوالي 700,000 كيلومتر مربع إلى المساحة الأمريكية.
-
الحرب المكسيكية (1846-1848): انتهت الحرب بتوقيع معاهدة غوادالوبي هيدالغو، التي تم بموجبها ضم مساحات شاسعة من الأراضي المكسيكية، بما في ذلك ولايات كاليفورنيا، نيو مكسيكو، أريزونا، وغيرها.
-
استحواذ ألاسكا (1867): تم شراء ألاسكا من الإمبراطورية الروسية، مما أضاف أكبر مساحة فردية إلى المساحة الأمريكية.
-
التوسع في المحيط الهادئ: من خلال ضم جزر هاواي، جزر فيرجن الأمريكية، وعدد من الجزر الأخرى في المحيط الهادئ.
الآثار الاقتصادية والاجتماعية للمساحة الكبيرة
إن المساحة الضخمة للولايات المتحدة لها تأثيرات متعددة على اقتصادها. أولاً، تشكل المساحة الكبيرة قاعدة خصبة للموارد الطبيعية، من المعادن، النفط، الغاز، إلى الأراضي الزراعية الغنية التي تساهم بشكل كبير في الاقتصاد الأمريكي. ثانيًا، يؤثر التنوع الجغرافي على الصناعات المختلفة، حيث تشتهر بعض المناطق بقطاع التعدين، بينما تركز مناطق أخرى على الزراعة أو الصناعة التقنية.
على الجانب الاجتماعي، فإن التنوع الجغرافي والتوسع في الأراضي ساعد على تنوع الثقافات والعادات والممارسات في مختلف الولايات، مما جعل المجتمع الأمريكي واحداً من أكثر المجتمعات تنوعاً ثقافياً في العالم.
التحديات التي تفرضها المساحة الواسعة
على الرغم من الفوائد التي جلبتها المساحة الكبيرة للولايات المتحدة، إلا أن هناك العديد من التحديات المرتبطة بها. على سبيل المثال، يُعد إدارة الأراضي المترامية الأطراف أمراً معقداً، ويستوجب تنسيقاً بين السلطات المحلية والفيدرالية في مجالات مثل حماية البيئة، التنقل البشري، والتطوير العمراني.
أيضاً، التنوع المناخي بين المناطق المختلفة يجعل من الصعب إدارة الموارد المائية، حيث تعاني بعض المناطق من شح المياه بينما تشهد مناطق أخرى فيضانات.
الخاتمة
تعد المساحة الكبيرة للولايات المتحدة الأمريكية عاملًا رئيسيًا في تشكيل هوية البلاد الاقتصادية، الجغرافية، والاجتماعية. إنها توفر للبلاد مزايا كبيرة فيما يتعلق بالموارد الطبيعية والتنوع البيئي، ولكنها في الوقت ذاته تفرض تحديات كبيرة في إدارة هذه المساحات المختلفة. في النهاية، تظل المساحة الواسعة للولايات المتحدة عنصراً مهماً في تحديد مكانتها على الساحة العالمية.
