فوائد وأضرار المرمية على الحامل
تُعد المرمية من الأعشاب العطرية الشهيرة التي استُخدمت منذ قرون في الطب الشعبي لما تحتويه من مركبات نشطة بيولوجيًا، ولها تأثيرات متعددة على صحة الإنسان. وتُعرف علميًا باسم Salvia officinalis وتنتمي إلى الفصيلة الشفوية، وهي من النباتات الغنية بالزيوت الطيارة، ومضادات الأكسدة، والعناصر النباتية النشطة. وعلى الرغم من فوائدها المتعددة، إلا أن استخدامها خلال فترة الحمل يثير الكثير من التساؤلات والتحذيرات. في هذا المقال، سيتم تناول الفوائد والأضرار المحتملة لتناول أو استخدام المرمية أثناء الحمل بشكل علمي، مفصل، وموثق.
أولاً: التركيب الكيميائي للمرمية
تحتوي المرمية على مجموعة غنية من المركبات التي تمنحها خصائصها العلاجية، منها:
-
الزيوت الطيارة: مثل الثوجون (Thujone)، السينيول (Cineole)، والكارفاكرول (Carvacrol).
-
الفلافونويدات: وهي مضادات أكسدة طبيعية تساهم في الوقاية من الالتهابات.
-
الأحماض الفينولية: مثل حمض الروزمارينيك، الذي يمتاز بخصائصه المضادة للأكسدة والالتهاب.
-
الفيتامينات والمعادن: كالكالسيوم، الحديد، وفيتامين K.
تُعزى الفوائد الصحية لهذه العشبة إلى تداخل هذه المركبات في عمليات بيولوجية متعددة تؤثر في وظائف الجسم المختلفة.
ثانياً: فوائد المرمية للحامل (ضمن حدود الاستخدام الآمن)
1. دعم الجهاز الهضمي
تعاني العديد من الحوامل من اضطرابات في الجهاز الهضمي، مثل الغثيان، عسر الهضم، والانتفاخ. وقد تساعد المرمية في:
-
تقليل الغازات والانتفاخات.
-
تهدئة المعدة وتحسين الهضم.
-
تخفيف الغثيان في المراحل الأولى من الحمل إذا استُخدمت بكمية صغيرة جدًا وتحت إشراف طبي.
2. خصائص مضادة للالتهاب
تحتوي المرمية على مركبات مضادة للالتهاب مثل حمض الروزمارينيك، والتي قد تساهم في تقليل الالتهابات الطفيفة بالجسم، وتحسين الاستجابة المناعية، خاصة في الفترات التي تعاني فيها الحامل من انخفاض نسبي في المناعة.
3. مقاومة الأكسدة
بفضل احتوائها على نسبة عالية من مضادات الأكسدة، قد تسهم المرمية في مقاومة الجذور الحرة التي تُعد أحد مسببات تلف الخلايا، الأمر الذي يمكن أن يكون مفيدًا للحامل للحفاظ على صحة الخلايا والمشيمة.
4. تحسين الحالة المزاجية
تشير بعض الدراسات إلى أن استنشاق الزيوت الطيارة المستخلصة من المرمية يمكن أن يساعد في تهدئة الأعصاب وتحسين المزاج، وهو ما يمكن أن يكون له تأثير إيجابي في الحد من التوتر والقلق أثناء الحمل.
ثالثاً: أضرار المرمية على الحامل
رغم الفوائد المذكورة، إلا أن استخدام المرمية أثناء الحمل يجب أن يتم بحذر شديد، خصوصًا عند تناولها عن طريق الفم أو استخدامها بجرعات غير مضبوطة. فيما يلي أبرز الأضرار المحتملة:
1. خطر الإجهاض
تُعد مركبات الثوجون من أكثر مكونات المرمية إثارة للقلق أثناء الحمل، حيث تؤثر هذه المادة على الجهاز العصبي المركزي ويمكن أن تُحدث انقباضات في الرحم، ما قد يؤدي إلى خطر الإجهاض، خاصة في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل.
2. تحفيز انقباضات الرحم
المرمية قادرة على تحفيز عضلات الرحم، الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث تقلصات أو ولادة مبكرة إذا ما تم استخدامها بكميات كبيرة أو لفترات طويلة خلال الحمل.
3. تأثير على توازن الهرمونات
تُعرف المرمية بتأثيرها الاستروجيني، إذ يمكن لبعض مكوناتها أن تحاكي تأثير هرمون الإستروجين، مما قد يؤثر في التوازن الهرموني لدى الحامل، وقد يؤدي إلى اضطرابات في النمو الجنيني، خاصة إذا تم استخدامها بإفراط أو دون مراقبة طبية.
4. تأثيرات سمّية محتملة
تناول كميات كبيرة من المرمية قد يؤدي إلى ظهور أعراض سمية تشمل:
-
الدوخة والدوار.
-
زيادة ضربات القلب.
-
اضطرابات في الجهاز العصبي.
-
التشنجات العصبية (خاصة إذا تم استخدام الزيت العطري للمرمية مباشرة دون تخفيف).
5. تأثير سلبي على إدرار الحليب
رغم أن بعض النساء تستخدم المرمية بعد الولادة لتقليل إدرار الحليب، إلا أن استخدامها خلال الحمل قد يؤثر سلبًا على تحضيرات الجسم الطبيعية للرضاعة.
رابعاً: أشكال استخدام المرمية وتأثير كل منها على الحامل
| الشكل المستخدم | التأثير المحتمل أثناء الحمل |
|---|---|
| شاي المرمية (منقوع) | خطر عند الاستخدام المفرط؛ قد يؤدي إلى تقلصات رحمية وإجهاض محتمل. |
| زيت المرمية العطري | سام بتركيزات عالية؛ يُمنع استخدامه داخليًا وخارجيًا دون تخفيف. |
| كبسولات أو مستخلص مركز | محظور أثناء الحمل؛ تحتوي على تركيز عالٍ من المركبات النشطة. |
| الاستنشاق العطري | قد يُستخدم بحذر شديد لتحسين المزاج؛ يفضل استشارة الطبيب. |
خامساً: تعليمات ونصائح طبية بخصوص المرمية أثناء الحمل
-
تجنب الاستخدام الداخلي تمامًا للمرمية سواء على شكل شاي، كبسولات، أو زيت مركز خلال الحمل، خاصة في الشهور الأولى.
-
لا يُنصح باستخدامها موضعيًا على الجلد أو الشعر إلا إذا تم تخفيف الزيت واستخدامه بكميات صغيرة جدًا وتحت إشراف طبي.
-
يفضل الامتناع عن استخدام المرمية تمامًا خلال الحمل في حال وجود تاريخ للإجهاض أو الولادة المبكرة.
-
عند الحاجة لتناول أعشاب لمعالجة أعراض مثل الغثيان أو اضطرابات النوم، ينبغي استشارة الطبيب لاختيار البدائل الآمنة كالبابونج أو الزنجبيل بكميات معتدلة.
سادساً: دراسات علمية ومراجع حول تأثير المرمية على الحامل
تشير دراسة منشورة في مجلة Phytotherapy Research إلى أن الثوجون، وهو أحد المكونات الرئيسية في المرمية، له تأثيرات سمية واضحة على الجهاز العصبي، ويمكن أن يسبب تقلصات في العضلات الملساء، بما فيها عضلات الرحم. كما ورد في تقارير هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) تحذير من استخدام الأعشاب التي تحتوي على مركب الثوجون خلال الحمل.
وتوصي منظمة الصحة العالمية (WHO) بعدم استخدام الزيوت العطرية المركزة مثل زيت المرمية أثناء الحمل، خصوصًا في الثلث الأول من الحمل، وذلك لتأثيرها المباشر على الجهاز العصبي المركزي والأعضاء التناسلية.
سابعاً: خلاصة علمية
المرمية من الأعشاب التي تحتوي على كنوز من الفوائد الصحية، إلا أن فترة الحمل تتطلب حذرًا شديدًا نظرًا لحساسية التغيرات الهرمونية والفسيولوجية خلال هذه المرحلة. فرغم قدرتها على تهدئة الأعصاب وتحسين الهضم وتوفير مضادات أكسدة، إلا أن احتوائها على مواد مثل الثوجون يجعل استخدامها خطرًا حقيقيًا في الحمل، خاصة إذا تم تناولها بجرعات غير محسوبة.
بالتالي، فإن المرمية لا تُعتبر من الأعشاب الآمنة خلال الحمل، وتُوصى الحوامل بتجنب استخدامها إلا بعد استشارة طبية دقيقة. يجب أن تبقى الأولوية دائمًا لصحة الجنين وسلامة الأم، وهذا يتطلب تجنب أي عنصر يمكن أن يشكل خطرًا ولو كان بسيطًا.
المراجع:
