يعتبر كتاب “التقريب” للعالم الأندلسي ابن حزم محاولةً فريدةً ونادرة في التراث العربي لإعادة صياغة منطق أرسطو، ودمجه بشكل متقن مع أصول الأحكام الشرعية والأمثلة الفقهية، مما جعله يشكل موضوع اهتمام للعلماء والباحثين على مر العصور. يتميز هذا الكتاب بتناوله لموضوعات المنطق والفقه بطريقة مبسطة ومفهومة بالألفاظ العامية، مما يجعله مقبولاً ومفيداً للعديد من القراء المتخصصين وغير المتخصصين على حد سواء.
في طبعته الأخيرة التي صدرت عام 1998 عن دار النفائس في لبنان، قدم الكتاب بمقدمة دراسية قيّمة كتبها العلامة البارع أبو عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري، حيث قدّم نبذة عن الكتاب وأهميته وموضوعه وعلاقته بالتراث الفلسفي والفقهي. وقد أضافت هذه المقدمة القيمة قيمة إضافية للكتاب وساهمت في توجيه القرّاء وتفهمهم لمضمونه وأهدافه.
بالنظر إلى محتوى الكتاب الذي يمتد عبر 701 صفحة، يمكن القول إنه يشتمل على مجموعة واسعة من المواضيع المتعلقة بالمنطق والفلسفة، بدءًا من مبادئ المنطق وقواعده الأساسية وانتهاءً بالتطبيقات الفقهية والقضايا الحديثة في هذا المجال. كما يُعتبر الكتاب مرجعاً مهماً للباحثين والمهتمين بدراسة الفلسفة وعلم المنطق، نظراً لغناه بالمعلومات والأمثلة الفقهية التي يقدمها بشكل شيق ومفيد.
تجدر الإشارة إلى أن الدكتور إحسان عباس قام بتحقيق الكتاب في إطار رسائل ابن حزم، وقدّم نسختين خطيتين من الكتاب واعتمد على الطبعة السابقة، وذلك بهدف تقديم خدمة جديدة ومتكاملة للكتاب، مما يعكس الاهتمام الدائم بإثراء المكتبة العربية بالأعمال الفلسفية والمنطقية القيمة.
بهذه الطريقة، يظل كتاب “التقريب” لابن حزم الأندلسي مصدرًا هامًا لفهم مبادئ المنطق وتطبيقاتها في الفقه الإسلامي، ويظل محط أنظار العديد من الباحثين والعلماء المهتمين بهذا المجال، مما يبرز أهمية وثراء التراث العربي في مجالات الفكر والعلم.