مراجعة فيلم “Fractured” – بين الحقيقة والوهم في عالم المستشفيات
يعد فيلم “Fractured” (2019) من إخراج براد أندرسون واحدًا من الأفلام النفسية المشوقة التي تطرح أسئلة معقدة حول الحقيقة، العقل البشري، والشكوك التي قد تملأ الحياة عندما تكون الحدود بين الواقع والوهم ضبابية. تدور أحداث الفيلم في إطار مثير مليء بالتوتر والإثارة، ويأخذنا في رحلة مع بطل القصة الذي يواجه ظروفًا غير متوقعة تجعله يشك في كل شيء حوله.
القصة: رحلة البحث عن الحقيقة
تبدأ أحداث الفيلم عندما يتعرض زوج يدعى “ريك” (الذي يقوم بدوره سام ويرثينغتون) لحادث مروري مع زوجته وابنته، حيث يتم نقلهما إلى المستشفى لتلقي العلاج. ولكن مع مرور الوقت، تختفي الزوجة والابنة من المستشفى بشكل غامض، ويجد ريك نفسه في وضع مليء بالشكوك والخوف. يعتقد ريك في البداية أن شيئًا ما قد حدث داخل المستشفى، ويبدأ في البحث عن زوجته وابنته في أرجاء المستشفى، مما يعمق شعوره بأن هناك شيئًا غير طبيعي يحدث خلف جدران المستشفى.
يتعقد الموقف عندما يبدأ ريك في التشكيك في الواقع نفسه. هل يمكن أن تكون الحوادث التي يمر بها مجرد أوهام أو هل حقًا هناك شيء خفي يحدث؟ يتصاعد التوتر عندما يصبح من الواضح أن ريك لا يستطيع الوثوق في أي شخص، وحتى في نفسه.
الشخصيات والأداء التمثيلي
يؤدي سام ويرثينغتون دور ريك، وهو شخصية تتأرجح بين اليقين والشكوك في سياق الفيلم. يتمكن ويرثينغتون من تقديم أداء مميز، حيث يجسد بمهارة الصراع الداخلي الذي يعانيه ريك في محاولته لفهم ما يحدث. لكن بقدر ما يقدم ويرثينغتون أداء قويًا، فإن الشخصية الثانية في الفيلم، والتي تلعبها ليلي رابي، تلعب دورًا مهمًا في تعزيز التجربة النفسية التي يمر بها البطل.
أداء ستيفن توبولوسكي، وأدجوا أندوه، ولوسي كابري، ولورين كوكرين، وShane Dean في أدوارهم الداعمة يساعد على رفع مستوى الفيلم، رغم أنهم قد لا يكونون في مركز الحدث، لكنهم يضيفون طبقات إضافية من الشك والتوتر.
الفكرة النفسية وراء الفيلم
يتميز فيلم “Fractured” بتقديم فكرة نفسية عميقة تتعلق بالشكوك والمشاعر المعقدة التي يمر بها الإنسان عند تعرضه لمواقف غامضة وصادمة. يعكس الفيلم التحديات النفسية التي يواجهها الأفراد عندما يفقدون السيطرة على الواقع المحيط بهم، حيث يصبحون أسرى لأفكارهم الخاصة.
تعد المستشفى في الفيلم بمثابة رمزية للفضاء المغلق والمحصور، وهو المكان الذي يجد فيه البطل نفسه عاجزًا أمام أسرار قد تكون أكبر من قدرته على الفهم. يعكس البحث المستمر عن زوجته وابنته الافتقار للأمان والحاجة للعثور على الحقيقة وسط فوضى العقل البشري.
الجوانب الفنية والإخراجية
يتميز فيلم “Fractured” بالتصوير السينمائي الذي يعكس حالة عدم الاستقرار الذهني التي يعاني منها البطل. الأجواء المعتمة والمظلمة تضفي شعورًا بالخوف والقلق، بينما تعزز الموسيقى التصويرية المشاعر المتوترة التي يشعر بها المشاهد.
أما من الناحية الإخراجية، فقد قدم براد أندرسون فيلمًا متقنًا من حيث بناء الحبكة وصياغة المشهد، حيث ينجح في إبقاء الجمهور في حالة ترقب دائم. تتمحور القصة حول فكرة البحث عن إجابة واضحة لأسئلة معقدة، مما يخلق شعورًا بالحيرة والاضطراب داخل عقول المشاهدين.
تصنيف الفيلم واستقبال الجمهور
فيلم “Fractured” يحمل تصنيف TV-MA، مما يعني أنه موجه لجمهور ناضج. يتضمن الفيلم بعض المشاهد التي قد تكون مؤلمة أو مثيرة للقلق، لذلك يُنصح بمشاهدته من قبل الأشخاص الذين يتمتعون بقدرة على التعامل مع المشاهد المثيرة للتوتر والقلق.
تم عرضه لأول مرة في 11 أكتوبر 2019، وحقق الفيلم ردود فعل مختلطة من النقاد والجماهير على حد سواء. بينما أشار البعض إلى تشويق الفيلم وأداء الممثلين، أبدى آخرون ملاحظات حول تطور الحبكة وبعض التطورات غير المقنعة في القصة.
الخاتمة
إن فيلم “Fractured” هو رحلة نفسية مثيرة تركز على التوتر النفسي والشكوك التي يمكن أن ترافق الإنسان في مواقف غير قابلة للتفسير. يدمج الفيلم بين الإثارة النفسية والتشويق، مما يجعل من مشاهدته تجربة مثيرة للمشاهدين الذين يبحثون عن أفلام مليئة بالألغاز والأسئلة التي تثير العقل البشري.
إذا كنت من محبي أفلام الإثارة النفسية التي تتحدى حدود الواقع وتطرح أسئلة معقدة حول الحقيقة والشك، فإن “Fractured” هو اختيار ممتاز يجعلك في حالة ترقب دائم حتى اللحظة الأخيرة.