مراجعة فيلم موت السيد لازاريسكو

مراجعة فيلم “موت السيد لازاريسكو” (The Death of Mr. Lazarescu)

فيلم “موت السيد لازاريسكو” هو دراما رومانية من إخراج كريستي بوييو، وهو من أبرز الأعمال السينمائية التي تم عرضها في عام 2005، وقد أُضيف إلى مكتبة الأفلام العالمية في 4 مارس 2020. يتميز هذا الفيلم بنهجه الواقعي العميق، حيث يعكس معاناة الشخصية الرئيسية، السيد لازاريسكو، الذي يكابد المرض والموت بطريقة بطيئة ومؤلمة.

القصة

تدور أحداث الفيلم حول رجل مسن يُدعى “السيد لازاريسكو” الذي يعاني من مرض خطير يهدد حياته. يبدأ الفيلم بلحظة حاسمة في حياة الرجل المسن عندما يبدأ في ملاحظة أعراض مرضه ولكن بدلاً من الحصول على المساعدة في الوقت المناسب، يتم نقله من مستشفى إلى آخر في حالة من اللامبالاة، مع تجاهل من قبل الأطباء والممرضين الذين لا يبدو أنهم يأخذون حالته بجدية. يُصور الفيلم هذه الرحلة المؤلمة في إطار زمني حقيقي، أي أن كل ما يحدث يتم في الوقت الفعلي. وهذا يعطي للمشاهد إحساسًا حقيقيًا بالملل والتوتر الذي يشعر به السيد لازاريسكو في رحلته الطويلة بين المستشفيات.

الفيلم يركز على كيفية تعامل الأنظمة الطبية مع المرضى في الحالات الحرجة، حيث يصبح مرض الرجل مجرد حالة روتينية يتم التعامل معها بشكل متسلسل ودون اهتمام. تكشف هذه الديناميكية كيف يمكن أن يشعر الأفراد بالعزلة والتجاهل في اللحظات التي هم في أمس الحاجة فيها للرعاية والاهتمام.

الطاقم التمثيلي

تمثل مجموعة الممثلين في “موت السيد لازاريسكو” عناصر أساسية في إضفاء الطابع الواقعي على الفيلم، فكل شخصية تلعب دورها بشكل طبيعي ومؤثر. من بين هؤلاء الممثلين:

• مونيكا بارلادينو في دور الممرضة المتعبة التي ترافق السيد لازاريسكو في رحلته.
• إيون فيسكوتينو في دور السيد لازاريسكو، الذي يظهر بمهارة عمق معاناته النفسية والجسدية.
• دورو آنا ودراجوس بوكور وغابرييل سباهيو ودانا دوغارو وغيرهم من الممثلين الذين ساهموا في إضافة أبعاد إنسانية إلى القصة.

الإخراج والتصوير

أسلوب الإخراج في هذا الفيلم فريد من نوعه، حيث يختار كريستي بوييو التركيز على الواقعية والتفاصيل الدقيقة للمشاهد. يتم تصوير الفيلم بأسلوب وثائقي يضع الكاميرا دائمًا بالقرب من الشخصيات في لحظات التوتر، مما يعزز إحساس المشاهد بالمشاركة في الأحداث. كما أن الإضاءة والديكورات تنقل صورة واقعية ومظلمة عن عالم المستشفيات في رومانيا في تلك الفترة، مما يضيف طبقة إضافية من الإثارة والقلق للمشاهد.

الرسالة الموضوعية

أحد الأبعاد المهمة التي يطرحها الفيلم هو موضوع الإهمال الطبي الاجتماعي. يتعرض السيد لازاريسكو، ككثير من المرضى في الواقع، للمماطلة في الرعاية الطبية، ويصبح ضحية لنظام صحي فاشل لا يوفر الرعاية اللازمة. يقدم الفيلم نقدًا لاذعًا للنظام الصحي في رومانيا في تلك الفترة، ولكنه يتجاوز الحدود الجغرافية ليكون نقدًا للنظام الطبي بشكل عام في كثير من البلدان.

الفيلم يسلط الضوء على معاناة المرضى الذين يجدون أنفسهم محصورين في عملية بيروقراطية باردة، حيث تصبح حياتهم مجرد جزء من سلسلة من الإجراءات التي لا تعكس الاهتمام بهم كأفراد. يقدم الفيلم أيضًا صورة مؤلمة عن كيفية تأثير التوتر الاجتماعي والاقتصادي على الرعاية الصحية.

الرمزية والعناصر الفنية

على الرغم من أن فيلم “موت السيد لازاريسكو” يبدو بسيطًا في مظهره، إلا أن هناك العديد من الرموز الفنية العميقة التي تحمله. على سبيل المثال، يمكن رؤية المستشفيات كرمز للمؤسسات الاجتماعية التي هي في النهاية باردة وفارغة من الإنسانية. كما أن رحلة السيد لازاريسكو بين المستشفيات تمثل معاناته الشخصية في مواجهة مصيره المحتوم، حيث لا يلتفت إليه أحد إلا القليل من الأشخاص.

الختام

فيلم “موت السيد لازاريسكو” هو فيلم يمتاز بالواقعية المفرطة في تصوير معاناة الإنسان في مواجهة الموت، وكذلك في تصوير نظام الرعاية الصحية الذي يفشل في تقديم العناية الكافية للمحتاجين. هو عمل سينمائي يعكس الواقع المظلم والصامت الذي يعايشه المرضى في المستشفيات، ويأخذنا في رحلة مؤلمة تظهر حجم الإهمال الذي يعاني منه البعض في وقت يحتاجون فيه للرعاية والاهتمام.

التقييم:

بفضل أدائه المتميز وإخراجه المبدع، يُعد فيلم “موت السيد لازاريسكو” من الأعمال السينمائية التي تثير التفكير العميق وتترك أثراً عاطفياً قوياً على المشاهدين. تتراوح مدة الفيلم بين الدراما والوثائقي، ما يجعله يستحق المشاهدة، خاصة لأولئك الذين يهتمون بالقضايا الاجتماعية والصحية.