مراجعة فيلم “بيرد بوكس” (Bird Box): فيلم الإثارة والتشويق في عالم ما بعد الكارثة
يُعتبر فيلم “بيرد بوكس” (Bird Box) من أبرز أفلام الإثارة والتشويق التي صدرت في السنوات الأخيرة، وهو من إنتاج الولايات المتحدة لعام 2018، أخرجته المخرجة الدنماركية سوزان بير، وقام ببطولته عدد من النجوم البارزين مثل ساندرا بولوك، وتريفانت رودس، وجون مالكوفيتش، وسارة بولسون، وبي دي وونغ، وجاكي وايفر، وروس سالازار، ودانييل ماكدونالد، وليل ريل هاوري، وتوم هولاندر.
القصة:
تدور أحداث فيلم “بيرد بوكس” في عالم يعاني من كارثة غير معروفة، حيث يواجه البشر تهديدًا مجهولًا يتسبب في انتحار أولئك الذين يشاهدونه. القصة تركز على “مالوري” التي تؤدي دورها ساندرا بولوك، وهي امرأة نجت من هذه الكارثة، برفقة طفلين صغيرين. على الرغم من أن العالم من حولهم ينهار بسرعة بسبب القوة الغامضة التي تسببت في هذه الكارثة، إلا أن مالوري تقاوم هذا التهديد بكل قوتها. القصة مليئة بالتشويق والغموض، حيث تعتمد على فكرة مرعبة تتعلق بالعالم المظلم الذي يسوده الخوف.
تبدأ القصة بعد مرور خمس سنوات على حدوث الكارثة، وتعرض لنا رحلة مالوري وطفليها في محاولة للوصول إلى مكان آمن. ولكن هناك مشكلة رئيسية تواجههم: يجب عليهم السفر عبر نهر ضخم في قارب صغير، ولكن لا يستطيعون فتح أعينهم أبدًا، لأن الخطر يكمن في ما يرونه. هذا الإجراء يضيف عنصر الإثارة والتوتر في الفيلم، حيث يضطر الأبطال إلى التفاعل في بيئة غير مرئية وبدون أن يعرفوا أبدًا ما الذي يحيط بهم.
الشخصيات والأداء:
تلعب ساندرا بولوك دور مالوري، وهي شخصية قوية ومرهفة الحس، تحاول أن تحمي أطفالها بأي ثمن. الأداء الذي تقدمه بولوك في هذا الدور يعد واحدًا من أقوى أدوارها في مسيرتها الفنية، حيث تتمكن من تجسيد الشخصية بكل أبعادها العاطفية والنفسية. من ناحية أخرى، يشارك في الفيلم العديد من الشخصيات التي تساهم في إضافة عمق للقصة، مثل “توم” (الذي يلعبه تريفانت رودس)، و”تشاك” (الذي يؤديه جون مالكوفيتش). كما أن العلاقة بين الشخصيات تساعد في تكوين جو من التوتر والرهبة.
المخرج والرؤية الفنية:
سوزان بير، التي اشتهرت بإخراج العديد من الأفلام المميزة، تميزت في هذا الفيلم باستخدامها الذكي للمؤثرات البصرية والصوتية لخلق جو من الخوف والترقب. استغلال المخرجة لموارد مثل الظلام والقلق النفسي كان له دور كبير في إبراز الإثارة، حيث لا يستطيع الجمهور رؤية ما يحدث حول الأبطال، مما يترك مساحة كبيرة لتخيل المواقف المرهقة.
أما في ما يخص عناصر الصوت، فقد ساهمت الموسيقى التصويرية في توجيه المشاعر بشكل مثالي، مع تعزيز الأحاسيس المتناقضة من الأمل واليأس، مما يجعل المشاهد يشعر بالرهبة والانتظار المستمر. كما أن هناك أسلوبًا فنيًا مشوقًا في التصوير، حيث يجسد الفيلم التوتر النفسي والفيزيائي الذي يشعر به الأبطال طوال مغامرتهم.
الرسائل الرئيسية في الفيلم:
يتناول “بيرد بوكس” موضوعات عميقة تتعلق بالبقاء، والخوف، وحماية الأسرة. يعكس الفيلم قسوة الظروف التي يمر بها الأفراد في عالم يسيطر عليه الخوف من المجهول. إضافة إلى ذلك، يكشف الفيلم عن قدرة الإنسان على التأقلم مع الأزمات، وكيف يمكن للعلاقات الإنسانية أن تكون بمثابة المصدر الوحيد للنجاة في أوقات الكوارث.
أحد المواضيع الرئيسية التي يعرضها الفيلم هو تأثير الكارثة النفسية على الأفراد، وكيف يمكن لتجربة الخوف المستمر أن تؤثر على اتخاذ القرارات والتفاعلات الاجتماعية. هذا النوع من السيناريوهات يثير تساؤلات حول قدرة الإنسان على الحفاظ على إنسانيته في أوقات الأزمات، كما يناقش الفيلم مفهوم التضحية والقدرة على الثقة في الآخرين.
تقييم الفيلم:
حقق فيلم “بيرد بوكس” نجاحًا كبيرًا عند عرضه على منصة نتفليكس في ديسمبر 2018، وجذب العديد من المشاهدين بسبب طابعه المميز والأداء المتميز للممثلين. حصل الفيلم على تقييمات متباينة من النقاد، حيث أشاد البعض بجو الإثارة والتشويق، بينما انتقد البعض الآخر بعض جوانب القصة والإيقاع. ومع ذلك، يظل الفيلم محط اهتمام نظرًا لفكرته المبتكرة وأدائه المتقن.
الخاتمة:
بشكل عام، يُعتبر “بيرد بوكس” واحدًا من الأفلام التي تقدم تجربة مشوقة وجوًّا من الإثارة المستمرة التي تجعل المشاهد في حالة ترقب طوال فترة عرضه. ينجح الفيلم في استخدام عناصر التشويق النفسي، ويقدم أداءً مميزًا من جميع الممثلين المشاركين فيه، خاصة ساندرا بولوك. رغم بعض الانتقادات المتعلقة ببعض التلميحات السطحية في الحبكة، فإن الفيلم يبقى تجربة مثيرة لمرتادي أفلام الكوارث والإثارة النفسية.