فوائد نواة البلح
تُعد نواة البلح من المكونات الطبيعية التي غالبًا ما يتم تجاهلها أو التخلص منها بعد استهلاك الثمرة، غير أن الدراسات الحديثة والطب الشعبي القديم يكشفان عن قيمتها الغذائية والدوائية العالية. نواة البلح، المعروفة أيضًا باسم “عَجَم التمر”، تحتوي على مكونات فعالة تقدم مجموعة كبيرة من الفوائد الصحية والوظيفية. يحتوي هذا العنصر على تركيبة كيميائية مميزة تجمع بين الألياف، والدهون الصحية، والمركبات الفينولية، والعناصر المعدنية، مما يجعلها مؤهلة لدخول عالم الأغذية الوظيفية والطب البديل.
هذا المقال يستعرض بتفصيل علمي شامل فوائد نواة البلح، مستندًا إلى مراجع علمية وأبحاث طبية حديثة، ويتناول استخداماتها المتعددة في التغذية والعلاج.
التركيب الكيميائي والغذائي لنواة البلح
نواة البلح تتميز بتركيبة غذائية مركّزة، وقد كشفت التحاليل الكيميائية عن احتوائها على:
-
الألياف الغذائية (بنسبة تتراوح بين 45-60%)
-
الدهون النباتية الصحية (خصوصًا أحماض اللوريك والأولييك)
-
البروتينات (من 5 إلى 10%)
-
المركبات الفينولية ومضادات الأكسدة
-
المعادن الأساسية مثل: المغنيسيوم، البوتاسيوم، الكالسيوم، الحديد، الزنك
-
الكربوهيدرات المعقدة
-
أحماض أمينية ضرورية للجسم
فوائد نواة البلح الصحية
1. تعزيز صحة الجهاز الهضمي
تُعد الألياف غير القابلة للذوبان الموجودة في نواة البلح من العناصر الفعالة في تحسين الهضم، وتعزيز حركة الأمعاء، والوقاية من الإمساك. كما تعمل على تقليل خطر الإصابة بسرطان القولون وتحسين امتصاص العناصر الغذائية.
2. مصدر غني بمضادات الأكسدة
تحتوي نواة البلح على مركبات بوليفينولية قوية مثل الكاتيشين واللوتيولين، التي تلعب دورًا هامًا في محاربة الجذور الحرة وتقليل الإجهاد التأكسدي، مما ينعكس إيجابًا على الوقاية من أمراض الشيخوخة، وأمراض القلب، والأورام السرطانية.
3. خفض مستويات الكوليسترول الضار
تشير بعض الدراسات إلى أن زيوت نواة البلح تحتوي على أحماض دهنية مثل حمض الأوليك، الذي يساعد على تقليل مستويات الكوليسترول الضار LDL، وزيادة مستويات الكوليسترول الجيد HDL، وبالتالي يساهم في حماية القلب والشرايين.
4. تنظيم مستويات السكر في الدم
نواة البلح، خصوصًا بعد تحميصها وطحنها واستخدامها كبديل للقهوة، تساهم في ضبط مستويات السكر في الدم نظرًا لمحتواها العالي من الألياف، ما يساعد على إبطاء امتصاص الجلوكوز وتثبيت معدلات الأنسولين.
5. تحفيز جهاز المناعة
التركيبة الغنية بالمركبات الفينولية والفيتامينات الأساسية تساهم في تعزيز جهاز المناعة ومقاومة العدوى والالتهابات المزمنة، وهو ما يُعد مفيدًا خصوصًا في حالات ضعف المناعة أو الأمراض المزمنة.
6. مضاد طبيعي للبكتيريا
أثبتت دراسات مخبرية أن مستخلصات نواة البلح تمتلك خصائص مضادة للبكتيريا، خاصة تلك المسببة لالتهابات الجهاز الهضمي والبولي، مما يجعلها مرشحًا طبيعيًا للمساعدة في الوقاية من العدوى.
7. تحسين صحة الكلى والكبد
تشير الأدلة إلى أن المركبات الموجودة في نواة البلح تساعد في حماية خلايا الكبد من التلف التأكسدي، وتعمل على تحسين وظائف الكلى، خاصة في الحالات المرتبطة بالتعرض للسموم أو الأدوية التي تؤثر على هذه الأعضاء الحيوية.
8. دعم صحة البشرة والشعر
زيت نواة البلح يستخدم في مستحضرات التجميل الطبيعية نظرًا لاحتوائه على فيتامينات A وE، والأحماض الدهنية التي تغذي البشرة وتحميها من الجفاف، كما يساعد في تقوية الشعر ومنع تساقطه.
9. مفيد للرياضيين والأنشطة البدنية
لأنها غنية بالكربوهيدرات المعقدة، فإن نواة البلح، عند تناولها بشكل مطحون وممزوج بالماء أو الحليب، توفر طاقة مستدامة وتحسّن من الأداء البدني والقدرة على التحمل.
استخدامات نواة البلح في الحياة اليومية
| الاستخدام | التفاصيل |
|---|---|
| بديل للقهوة | بعد تحميص نواة البلح وطحنها، تُستخدم كمشروب طبيعي بديل للقهوة دون كافيين |
| إضافتها للمخبوزات | تُضاف بودرة نواة البلح للعجين لإثرائه بالألياف والمعادن |
| صناعة زيت نواة البلح | يُستخرج زيتها لاستخدامه في الطهي أو في مستحضرات العناية بالبشرة |
| كمكمل غذائي للحيوانات | تُستخدم كمكون غذائي طبيعي في أعلاف الحيوانات والدواجن |
| مستخلصات دوائية طبيعية | تدخل في إنتاج مستحضرات علاجية مضادة للالتهاب والبكتيريا |
تحميص واستخدام نواة البلح
قبل الاستخدام، يُفضل تنظيف النوى جيدًا، ثم تجفيفها تحت أشعة الشمس أو في الفرن، وبعد ذلك تُحمّص حتى تصبح صلبة ويُطحن للحصول على مسحوق يمكن استخدامه كمشروب أو إضافته للطعام. ويُراعى عدم الإفراط في التحميص لتجنب فقدان المركبات الفعالة.
الاستخدام في الطب الشعبي
في الطب التقليدي العربي، استخدمت نواة البلح في عدة وصفات لعلاج أمراض العين، وتسكين آلام الأسنان، وتحفيز الخصوبة، خصوصًا عند الرجال، حيث يُعتقد أن مسحوق النواة له دور في تعزيز الرغبة الجنسية وتحسين جودة الحيوانات المنوية.
الاعتبارات والتحذيرات
رغم أن نواة البلح آمنة للاستهلاك في حدود معقولة، إلا أن تناولها دون طحن أو تحميص قد يسبب مشاكل هضمية بسبب صلابتها. كما يُنصح بعدم الإفراط في الكمية المطحونة يوميًا لتفادي التحميل الزائد على الجهاز الهضمي أو التداخل مع امتصاص بعض الأدوية.
نواة البلح والاستدامة
تُعد نواة البلح مكونًا هامًا في سياق الاقتصاد الدائري، حيث يمكن إعادة تدويرها بدلًا من التخلص منها كنفايات عضوية. فإلى جانب الفوائد الصحية، تُمثل فرصة للاستفادة من النفايات الزراعية وتحويلها إلى منتجات ذات قيمة مضافة، سواء في التغذية، أو الزراعة، أو التجميل.
الخاتمة
نواة البلح لم تعد مجرد جزء مهمل من ثمرة التمر، بل أصبحت مصدرًا طبيعيًا غنيًا يُستحق الدراسة والاستخدام. فهي تجمع بين فوائد طبية وتغذوية وتجميلية، وتوفر بدائل صحية للكثير من المنتجات الصناعية، مما يجعلها مكونًا متعدد الاستخدامات في الحياة المعاصرة. وقد ساعدت الأبحاث الحديثة في إعادة تسليط الضوء على هذا العنصر الطبيعي الذي ظل لقرون جزءًا من الطب التقليدي العربي، ليثبت اليوم مكانته في الطب الحديث والغذاء الوظيفي.
المصادر:
-
Al-Farsi, M., & Lee, C. Y. (2008). Nutritional and functional properties of dates: a review. Critical Reviews in Food Science and Nutrition, 48(10), 877–887.
-
Habib, H. M., & Ibrahim, W. H. (2009). Nutritional quality evaluation of eighteen date pit varieties. International Journal of Food Sciences and Nutrition, 60(S7), 99–111.
