تعد الشعرة جزءًا أساسيًا من تركيبة الشعر في جسم الإنسان، وهي تعتبر إحدى السمات الجمالية والصحية التي تلعب دورًا هامًا في التفاعل مع البيئة المحيطة. ومن بين أكثر الأسئلة التي تثير فضول الناس هو “كم تبلغ مدة حياة الشعرة في الرأس؟” للإجابة على هذا السؤال، سنستعرض العديد من الجوانب المتعلقة بنمو الشعر، دورة حياته، والعوامل المؤثرة في طول مدة حياته.
دورة حياة الشعرة
تمر الشعرة في الرأس بعدة مراحل خلال دورة حياتها، والتي تتضمن مراحل نموها وتطورها، ثم تساقطها، ليحل مكانها شعرة جديدة. هذه الدورة لا تحدث بشكل متزامن لجميع الشعرات في فروة الرأس، بل تتفاوت حسب الجينات والعوامل البيئية والتغذوية.
1. مرحلة النمو (Anagen)
تعتبر مرحلة النمو (أو المرحلة الأناغينية) هي المرحلة الأطول في دورة حياة الشعرة، حيث يمكن أن تستمر هذه المرحلة لعدة سنوات. في هذه المرحلة، تنمو الشعرة بشكل نشط من جذرها وتزداد طولًا. تتفاوت مدة هذه المرحلة بين الأشخاص، وقد تستمر في بعض الحالات من 2 إلى 6 سنوات، وفي بعض الحالات النادرة قد تصل إلى 10 سنوات أو أكثر. يعد طول هذه المرحلة أحد العوامل الأساسية التي تحدد مدى طول الشعر في الرأس.
في هذه المرحلة، تتكاثر خلايا بصيلة الشعر بسرعة لتنتج خلايا جديدة تنزلق لأعلى وتستبدل الشعرة القديمة. تزداد كثافة الشعر في هذه المرحلة، وتكون بصيلات الشعر في هذه المرحلة أكثر نشاطًا من أي وقت آخر.
2. مرحلة التوقف (Catagen)
بعد انتهاء مرحلة النمو، تدخل الشعرة في مرحلة التوقف (أو المرحلة الكاتاجينية)، وهي مرحلة انتقالية قصيرة جدًا. تستمر هذه المرحلة عادةً من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. في هذه المرحلة، يتوقف نمو الشعر، وتبدأ بصيلة الشعر في التقلص. تصبح الشعرة أقل اتصالًا ببصيلتها، مما يؤدي إلى توقف العمليات الحيوية فيها.
3. مرحلة السقوط (Telogen)
تعتبر مرحلة السقوط (أو المرحلة التيلوجينية) هي المرحلة الأخيرة من دورة حياة الشعرة. في هذه المرحلة، تتوقف الشعرة تمامًا عن النمو وتظل في مكانها حتى تسقط بشكل طبيعي. تستمر هذه المرحلة عادةً من 2 إلى 4 أشهر، حيث تظل الشعرة ثابتة في فروة الرأس، وفي النهاية يتم التخلص منها عندما يبدأ شعر جديد في النمو في نفس البصيلة.
العوامل المؤثرة في مدة حياة الشعرة
تتأثر مدة حياة الشعرة بعدد من العوامل البيولوجية والبيئية، ويعتمد طول فترة نمو الشعر على كيفية تأثير هذه العوامل في بصيلات الشعر. في ما يلي أبرز العوامل التي تؤثر على دورة حياة الشعرة:
1. الجينات
الجينات تلعب دورًا كبيرًا في تحديد مدة حياة الشعرة وطول مرحلة النمو. يمكن أن يختلف طول الشعر من شخص لآخر بناءً على التركيبة الجينية، حيث يكون بعض الأشخاص أكثر استعدادًا لنمو الشعر لفترات أطول، بينما يعاني آخرون من شعر ينمو لفترات قصيرة.
2. العمر
يتأثر الشعر أيضًا بالعمر، حيث يلاحظ مع التقدم في السن أن معدل نمو الشعر يتناقص. في مراحل متقدمة من العمر، قد تبدأ بعض البصيلات في التوقف عن إنتاج الشعر، مما يؤدي إلى ترقق الشعر. بشكل عام، يتناقص معدل نمو الشعر مع تقدم العمر، لكن هذا لا يعني أن جميع الأشخاص يعانون من تساقط الشعر بشكل كامل في مراحل متقدمة.
3. التغذية
تلعب التغذية دورًا أساسيًا في تعزيز صحة الشعر. إذا كانت التغذية غير متوازنة، فقد تؤثر بشكل سلبي على نمو الشعر. على سبيل المثال، نقص الفيتامينات والمعادن مثل فيتامين د، فيتامين B12، والزنك قد يؤدي إلى ضعف نمو الشعر وتقليل مدة حياة الشعرة. التغذية السليمة التي تشمل الفواكه، والخضروات، والبروتينات، والأحماض الدهنية الصحية، تساعد في تحسين صحة فروة الرأس وتعزز من طول دورة حياة الشعر.
4. التغيرات الهرمونية
تعتبر الهرمونات أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر في مدة حياة الشعرة. على سبيل المثال، الحمل، الولادة، وتناول وسائل منع الحمل يمكن أن تؤدي إلى تغييرات هرمونية تؤثر على نمو الشعر. كما أن اضطرابات الغدة الدرقية يمكن أن تؤدي إلى تساقط الشعر، وبالتالي تقليل مدة حياة الشعرة.
5. الإجهاد
التعرض للضغوط النفسية يمكن أن يكون له تأثير كبير على صحة الشعر. يمكن أن يؤدي الإجهاد المزمن إلى زيادة مستويات هرمون الكورتيزول في الجسم، مما يؤدي إلى تدهور بصيلات الشعر ووقف نموه في بعض الأحيان. في بعض الحالات، قد يحدث تساقط للشعر بشكل مفاجئ يعرف باسم تساقط الشعر بسبب التوتر (Telogen Effluvium).
6. الرعاية اليومية للشعر
الطريقة التي يتم بها العناية بالشعر تلعب أيضًا دورًا كبيرًا في مدة حياته. غسل الشعر بشكل مفرط أو استخدام منتجات تحتوي على مواد كيميائية قاسية قد يؤدي إلى تلف الشعر. كما أن تصفيف الشعر بقوة أو استخدام أدوات تصفيف الشعر الساخنة بشكل مستمر قد يؤدي إلى تلف الشعرة وتقليص مدة حياتها.
7. التلوث والعوامل البيئية
التعرض للتلوث البيئي والغبار والأشعة فوق البنفسجية يمكن أن يسبب تلف الشعر ويقلل من مدة حياته. يؤثر التلوث على فروة الرأس من خلال انسداد المسام، مما يعوق نمو الشعر ويسهم في تساقطه المبكر.
8. الأمراض والعوامل الصحية
بعض الأمراض مثل السكري وأمراض المناعة الذاتية قد تؤدي إلى تساقط الشعر المبكر أو ضعف نموه. كما أن بعض الأدوية المستخدمة لعلاج السرطان أو الأمراض المزمنة قد تؤثر على دورة حياة الشعر.
مدة حياة الشعرة في الرأس
بناءً على ما تم شرحه حول دورة حياة الشعر والعوامل المؤثرة، فإن عمر الشعرة يتراوح بين 2 إلى 6 سنوات في المتوسط خلال مرحلة النمو. هذه المدة قد تختلف بشكل كبير حسب العوامل الفردية لكل شخص، مثل الجينات والعمر والصحة العامة. في المتوسط، قد تنمو الشعرة من 1 إلى 1.5 سنتيمتر في الشهر.
لكن ما يجب ملاحظته هو أن الشعر لا ينمو بشكل مستمر. بينما تنمو بعض الشعيرات، تبدأ شعيرات أخرى في التوقف عن النمو والتساقط في دورة طبيعية ومتواصلة. وفي بعض الأحيان، قد يعاني الأشخاص من تساقط الشعر بشكل ملحوظ خلال فترات معينة بسبب العوامل المذكورة سابقًا، لكن في الغالب لا يتوقف نمو الشعر تمامًا طالما كانت بصيلات الشعر في صحة جيدة.
الخلاصة
مدة حياة الشعرة تتراوح بين 2 إلى 6 سنوات في مرحلة النمو، ويعتمد ذلك بشكل كبير على العوامل الوراثية والصحية والبيئية. ومع ذلك، من المهم العناية بالشعر من خلال التغذية السليمة والابتعاد عن العوامل المدمرة مثل التوتر والتلوث لتتمكن الشعرات من أن تستفيد من دورة حياتها الكاملة.
