مدة التعرض للشمس لفيتامين د

مدة التعرض للشمس للحصول على فيتامين د

فيتامين د هو واحد من الفيتامينات الأساسية التي يحتاجها الجسم للحفاظ على صحة العظام والمناعة، فضلاً عن دورها المهم في تنظيم مستوى الكالسيوم والفوسفات في الدم. يساهم فيتامين د في العديد من العمليات الحيوية داخل الجسم، مثل تعزيز امتصاص الكالسيوم من الأمعاء وتعزيز صحة الجهاز المناعي. من أبرز مصادر فيتامين د هو التعرض لأشعة الشمس، الذي يعتبر الطريقة الأكثر فاعلية للحصول عليه بشكل طبيعي. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: كم من الوقت يحتاج الشخص إلى التعرض للشمس للحصول على الكمية اللازمة من فيتامين د؟ وهل هناك عوامل تؤثر في هذه المدة؟

كيف يتم تصنيع فيتامين د في الجسم؟

عندما يتعرض الجلد لأشعة الشمس، وتحديداً للأشعة فوق البنفسجية B (UVB)، تبدأ عملية تصنيع فيتامين د في الجسم. يقوم الجلد بامتصاص الأشعة فوق البنفسجية وتحويلها إلى فيتامين د3 (Cholecalciferol)، وهو الشكل النشط من فيتامين د. بعدها، يتم تحويل فيتامين د3 في الكبد إلى مركب يسمى 25-هيدروكسي فيتامين د، والذي يتم تفعيله في الكلى إلى الشكل النشط “1,25-ديهيدروكسي فيتامين د”. هذا الشكل النشط من الفيتامين هو الذي يستخدمه الجسم في العديد من وظائفه الحيوية، مثل تحسين امتصاص الكالسيوم في الأمعاء.

مدة التعرض المثلى للشمس للحصول على فيتامين د

تختلف مدة التعرض لأشعة الشمس اللازمة للحصول على كمية كافية من فيتامين د وفقاً للعديد من العوامل، مثل المكان الجغرافي، توقيت اليوم، نوع البشرة، والظروف المناخية. وفيما يلي بعض العوامل التي تؤثر في هذه المدة:

1. الموقع الجغرافي والفصول

الموقع الجغرافي له تأثير كبير على قدرة الجسم على إنتاج فيتامين د من الشمس. في المناطق القريبة من خط الاستواء، حيث تكون الشمس عمودية معظم أيام السنة، يمكن للجسم أن ينتج فيتامين د بشكل أكثر فعالية وبوقت أقل. أما في المناطق الشمالية أو الجنوبية، حيث تكون الشمس أقل قوة في فصل الشتاء، فقد يحتاج الأشخاص إلى مدة أطول للحصول على نفس الكمية من الفيتامين.

في فصل الشتاء، تقل قدرة أشعة الشمس على الوصول إلى الأرض في بعض المناطق، خاصة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، مما يؤدي إلى انخفاض قدرة الجسم على إنتاج فيتامين د. في هذه الفترات، قد يكون من الضروري الحصول على فيتامين د من مصادر غذائية أو مكملات.

2. توقيت اليوم

أفضل وقت للتعرض لأشعة الشمس لإنتاج فيتامين د هو بين الساعة العاشرة صباحاً والثالثة بعد الظهر، عندما تكون الأشعة فوق البنفسجية B في ذروتها. خلال هذا الوقت، يكون تأثير الشمس على الجلد أقوى، مما يعزز من قدرة الجسم على امتصاص الأشعة وتحويلها إلى فيتامين د.

3. نوع البشرة

تأثير أشعة الشمس على الجلد يعتمد بشكل كبير على نوع البشرة. الأشخاص ذوو البشرة الداكنة، التي تحتوي على مستويات أعلى من الميلانين، يحتاجون إلى وقت أطول في الشمس للحصول على نفس كمية فيتامين د مقارنةً بالأشخاص ذوي البشرة الفاتحة. الميلانين يعمل كحاجز طبيعي ضد الأشعة فوق البنفسجية، مما يقلل من قدرة الجلد على إنتاج فيتامين د. لهذا السبب، الأشخاص ذوو البشرة الداكنة قد يحتاجون إلى التعرض لأشعة الشمس لفترة أطول، خاصة في الأماكن ذات الأجواء الباردة أو في الشتاء.

4. العمر والصحة العامة

القدرة على إنتاج فيتامين د تتناقص مع التقدم في العمر. كبار السن عادةً ما يكون لديهم مستويات أقل من فيتامين د في الدم مقارنةً بالشباب، ويرجع ذلك إلى أن قدرتهم على امتصاص الأشعة فوق البنفسجية في الجلد تتناقص مع تقدمهم في السن. بالإضافة إلى ذلك، الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية مثل السمنة أو الأمراض المزمنة قد يكونون أقل قدرة على الاستفادة من فيتامين د حتى إذا تعرضوا للشمس لفترات طويلة.

5. الملابس والحماية من الشمس

ارتداء الملابس السميكة أو استخدام واقيات الشمس يمكن أن يقلل من قدرة الجسم على إنتاج فيتامين د. الحماية من الشمس ضرورية لتجنب المخاطر الصحية مثل سرطان الجلد، ولكن في الوقت نفسه قد تؤثر على قدرة الجلد على امتصاص الأشعة فوق البنفسجية. لذا، ينصح بالتعرض لأشعة الشمس بشكل معتدل مع تجنب التعرض لفترات طويلة دون حماية.

مدة التعرض المطلوبة للحصول على فيتامين د

عند النظر في هذه العوامل، يمكن القول أن معظم الأشخاص بحاجة إلى حوالي 10-30 دقيقة من التعرض لأشعة الشمس المباشرة 2-3 مرات في الأسبوع للحصول على كميات كافية من فيتامين د. ولكن هذه المدة قد تختلف بناءً على العوامل المذكورة سابقاً. الأشخاص ذوو البشرة الفاتحة قد يحتاجون إلى 10-15 دقيقة فقط، بينما الأشخاص ذوو البشرة الداكنة قد يحتاجون إلى 30 دقيقة أو أكثر في الشمس.

عوامل أخرى تؤثر في امتصاص فيتامين د

1. الطقس والمناخ

الحالة الجوية تؤثر أيضاً في قدرة الجسم على امتصاص فيتامين د. في الأيام الملبدة بالغيوم أو الأمطار، قد يكون التعرض المباشر لأشعة الشمس أقل، مما يعني أن الجسم قد لا يتمكن من إنتاج كميات كافية من الفيتامين. في مثل هذه الظروف، قد يكون من الضروري الاستعانة بمصادر أخرى للحصول على فيتامين د.

2. استخدام واقي الشمس

العديد من الأشخاص يفضلون استخدام واقيات الشمس لتجنب الحروق الشمسية والمخاطر الصحية الأخرى المرتبطة بالتعرض المفرط لأشعة الشمس. لكن من المهم أن نعرف أن استخدام واقي الشمس بشكل كامل يمكن أن يمنع الجلد من امتصاص الأشعة فوق البنفسجية B اللازمة لإنتاج فيتامين د. لهذا السبب، ينصح باستخدام واقي الشمس في الحالات التي يتطلب فيها التعرض الشديد لأشعة الشمس لفترات طويلة، ولكن مع الأخذ في الاعتبار أن التعرض المعتدل للشمس ضروري أيضاً لصحة الجسم.

3. التغذية

من المهم أن نذكر أن الحصول على فيتامين د من الشمس لا يعني أن الجسم يمكن أن يعتمد فقط على هذا المصدر. يُوصى بالحصول على فيتامين د من مصادر غذائية متنوعة مثل الأسماك الدهنية، مثل السلمون، والتونة، وزيت كبد السمك، وكذلك الأطعمة المدعمة مثل الحليب والعصائر. إضافة إلى ذلك، يمكن تناول مكملات فيتامين د تحت إشراف طبي إذا كان الشخص يعاني من نقص حاد في هذا الفيتامين.

الخلاصة

يعتبر فيتامين د من الفيتامينات الأساسية التي تلعب دوراً مهماً في العديد من وظائف الجسم، وفي مقدمتها الحفاظ على صحة العظام والمناعة. يعد التعرض لأشعة الشمس المصدر الرئيسي للحصول على هذا الفيتامين بشكل طبيعي، ولكن تختلف المدة اللازمة للتعرض للشمس بناءً على عدة عوامل مثل الموقع الجغرافي، توقيت اليوم، نوع البشرة، والظروف الصحية. في المجمل، يُوصى بالتعرض لأشعة الشمس لمدة 10-30 دقيقة عدة مرات في الأسبوع، مع الأخذ في الاعتبار استخدام وسائل الحماية من الشمس للحفاظ على صحة الجلد.