محمد علي كلاي، الذي يُعتبر واحداً من أعظم الملاكمين في تاريخ الرياضة، ترك إرثاً لا يُنسى في عالم الملاكمة والرياضة بشكل عام. كتاب “محمد علي: رينغسايد” الذي حرره جون ميلر، يجمع بين مجموعة من المقالات التي تسلط الضوء على مسيرة هذا الأسطورة، مرتبة زمنياً عبر العقود، لتقدم للقارئ نظرة شاملة عن حياته وإنجازاته.
يتميز هذا الكتاب بتضمينه لمجموعة من التذكارات الشخصية لمحمد علي وصور فوتوغرافية نادرة، مما يضيف بعداً بصرياً مميزاً للتجربة القرائية. من بين الكتاب البارزين الذين ساهموا في هذا العمل نجد أليكس هيلي، جويس كارول أوتس، نورمان ميلر، وبيتر ريتشموند، والذين قدموا رؤى عميقة ومختلفة عن محمد علي كلاي، ليس فقط كملاكم ولكن كشخصية مؤثرة في المجتمع والثقافة.
في الستينيات، برز محمد علي كملاكم فذ، حيث فاز ببطولة العالم للوزن الثقيل للمرة الأولى عام 1964 عندما كان يبلغ من العمر 22 عاماً فقط. لكنه لم يكن مجرد رياضي متميز؛ فقد كان له تأثير كبير خارج الحلبة كذلك. في تلك الفترة، أثار علي الجدل بتبنيه الإسلام ورفضه الخدمة العسكرية خلال حرب فيتنام، مما أدى إلى سحب ألقابه ومنعه من الملاكمة لعدة سنوات.
تستعرض مقالات الكتاب هذه المرحلة الحرجة من حياته، حيث واجه علي الكثير من التحديات والانتقادات، لكنه بقي ثابتاً على مبادئه، ليصبح رمزاً للمقاومة والنضال من أجل الحقوق المدنية. في السبعينيات، عاد علي إلى الحلبة بقوة، مسجلاً بعضاً من أروع النزالات في تاريخ الملاكمة، مثل نزاله الأسطوري مع جو فريزر في “معركة القرن” ونزاله مع جورج فورمان في “معركة الأدغال”.
يوفر الكتاب تحليلاً دقيقاً لهذه النزالات ويعرض كيف أثرت تكتيكات علي وأسلوبه الفريد في الملاكمة على تطوير هذه الرياضة. كما يبرز تأثير شخصيته الكاريزمية وقدرته على التواصل مع الجماهير، مما جعله محبوباً حول العالم.
في الثمانينيات وما بعدها، تدهورت حالة علي الصحية بسبب إصابته بمرض باركنسون، لكنه استمر في استخدام شهرته للترويج للسلام والعمل الخيري. يقدم الكتاب نظرة مؤثرة على هذه المرحلة من حياته، مسلطاً الضوء على إرثه كرمز للإلهام والشجاعة.
بالإضافة إلى ذلك، يحتوي الكتاب على مقالات تعكس رؤى شخصية من الكتاب الذين عرفوا علي شخصياً أو تأثروا به، مما يضيف لمسة إنسانية وحميمة على السرد التاريخي. تتناول المقالات جوانب مختلفة من شخصيته، بما في ذلك شجاعته، حسه الفكاهي، وعمق إيمانه، مما يجعله أكثر من مجرد رياضي عظيم، بل إنساناً استثنائياً.
“محمد علي: رينغسايد” ليس مجرد كتاب عن الملاكمة، بل هو توثيق لحياة رجل تجاوز الرياضة ليصبح رمزاً عالمياً للسلام والعدالة. إن هذا الكتاب، الذي نشرته دار بولفينش في سبتمبر 1999، يقدم للقارئ فرصة فريدة لاستكشاف حياة محمد علي من خلال عيون وأقلام مجموعة من الكتاب الموهوبين، ليظل إرثه خالداً للأجيال القادمة.
من خلال تصفح صفحات هذا الكتاب، يمكن للقراء فهم العمق الحقيقي لتأثير محمد علي، ليس فقط على الرياضة، ولكن على المجتمع بأسره، مما يجعله مصدراً قيماً للمعلومات والإلهام لكل من يهتم بتاريخ الملاكمة والشخصيات التي شكلت القرن العشرين.