متى يعتبر السكر مرتفعًا؟

متى يعتبر السكر مرتفعاً؟

يعد ارتفاع مستوى السكر في الدم أحد أبرز القضايا الصحية التي يعاني منها العديد من الأشخاص حول العالم، وتعتبر هذه الحالة من أبرز عوامل خطر الإصابة بعدد من الأمراض المزمنة مثل مرض السكري، أمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم. ورغم أن التغيرات الطفيفة في مستوى السكر تعتبر طبيعية في بعض الأحيان، فإن ارتفاع السكر المستمر قد يتسبب في مشاكل صحية جسيمة. في هذا المقال، سنناقش متى يعتبر السكر مرتفعًا وكيفية التعامل مع هذه الحالة لتجنب الأضرار الصحية.

1. ما هو مستوى السكر الطبيعي في الدم؟

قبل أن نفهم متى يعتبر السكر مرتفعًا، من المهم أن نعرف ما هو المعدل الطبيعي للسكر في الدم. يعتمد هذا المعدل على العديد من العوامل مثل الوقت من اليوم، وما إذا كنت قد تناولت طعامًا مؤخرا. بشكل عام، يمكن تحديد مستويات السكر في الدم بناءً على النوعين الرئيسيين من الفحوصات:

• سكر الدم الصائم: يتم قياسه بعد صيام لمدة 8 ساعات على الأقل. يعتبر المعدل الطبيعي بين 70 و 100 مليغرام/ديسيلتر.

• سكر الدم بعد الأكل (سكر الدم العشوائي): يُقاس هذا النوع من السكر بعد تناول الطعام بساعتين. يجب أن يكون المعدل الطبيعي أقل من 140 مليغرام/ديسيلتر.

وفي حالة الأشخاص المصابين بداء السكري أو مقاومة الأنسولين، تكون هذه الأرقام أعلى من المعدلات الطبيعية، وهو ما يعد إشارة إلى وجود خلل في الجسم.

2. متى يعتبر السكر مرتفعًا؟

الارتفاع في مستوى السكر في الدم يحدث عندما تتجاوز مستويات الجلوكوز الحدود الطبيعية. ولكن متى يتم تحديد هذا الارتفاع؟ هناك معايير معتمدة من قبل المؤسسات الطبية مثل منظمة الصحة العالمية والهيئات الصحية الأمريكية مثل جمعية السكري الأمريكية (ADA) تحدد متى يعتبر مستوى السكر مرتفعًا.

• ارتفاع سكر الدم بعد الصيام (السكر الصائم): إذا كان مستوى السكر في الدم بعد صيام 8 ساعات يتراوح بين 100 و 125 مليغرام/ديسيلتر، فإنه يعد ارتفاعًا طفيفًا ويشار إليه بمصطلح “مقدمات السكري” أو “ما قبل السكري”. إذا كان أعلى من 126 مليغرام/ديسيلتر في أكثر من مناسبة، فذلك يعد مؤشرًا قويًا على الإصابة بمرض السكري.

• مستوى السكر بعد الأكل (سكر الدم العشوائي): إذا كان مستوى السكر في الدم بعد تناول الطعام بساعتين يتجاوز 200 مليغرام/ديسيلتر، فإنه يعد مؤشرًا على مرض السكري.

• اختبار الهيموغلوبين السكري (HbA1c): يعد هذا الفحص مقياسًا مهمًا لمتوسط مستويات السكر في الدم على مدى 2-3 أشهر. في حال كانت قيمة HbA1c تتراوح بين 5.7% و 6.4%، فإن الشخص يعاني من مقدمات السكري، بينما إذا كانت النسبة أعلى من 6.5%، فذلك يعد تشخيصًا لمرض السكري.

3. أسباب ارتفاع مستوى السكر في الدم

هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم بشكل غير طبيعي. من أبرز هذه الأسباب:

• داء السكري: يعد مرض السكري من النوع 1 والنوع 2 من أبرز الأسباب لارتفاع مستوى السكر في الدم. في مرض السكري من النوع الأول، يكون الجسم غير قادر على إنتاج الأنسولين بشكل كافٍ. أما في النوع الثاني، فإن الجسم يطور مقاومة للأنسولين، مما يؤدي إلى تراكم الجلوكوز في الدم.

• التوتر والإجهاد: في حالات التوتر أو الإجهاد النفسي، يفرز الجسم هرمونات مثل الكورتيزول والأدرينالين، التي تؤدي إلى زيادة مستوى السكر في الدم.

• تناول طعام غني بالكربوهيدرات: الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات، مثل الحلويات والمشروبات السكرية، يمكن أن تتسبب في زيادة مستويات السكر في الدم بسرعة.

• قلة النشاط البدني: النشاط البدني المنتظم يساعد على تحسين استجابة الجسم للأنسولين، وبالتالي يساعد في الحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن الحدود الطبيعية. إذا كانت الحياة خالية من النشاط البدني، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر.

• العوامل الوراثية: يمكن أن يكون للعوامل الوراثية دور كبير في زيادة خطر الإصابة بارتفاع مستويات السكر في الدم، حيث أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من مرض السكري يكونون أكثر عرضة للإصابة بالمرض.

• الأدوية: بعض الأدوية، مثل الستيرويدات وبعض الأدوية النفسية، يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع مستوى السكر في الدم.

4. أعراض ارتفاع السكر في الدم

يمكن أن تظهر العديد من الأعراض عندما يكون مستوى السكر في الدم مرتفعًا. هذه الأعراض تتفاوت في شدتها وقد لا تكون واضحة في المراحل المبكرة من المرض. من أبرز الأعراض التي قد تظهر:

• العطش الشديد

• التبول المتكرر

• الشعور بالتعب والإرهاق

• رؤية ضبابية

• جفاف الفم

• الجروح التي تلتئم ببطء

إذا ظهرت أي من هذه الأعراض بشكل مستمر أو متكرر، يجب استشارة الطبيب لإجراء الفحوصات اللازمة.

5. مخاطر ارتفاع السكر في الدم

ارتفاع السكر في الدم بشكل مزمن يمكن أن يؤدي إلى عدة مشاكل صحية على المدى الطويل. من أبرز المخاطر التي قد تنتج عن ارتفاع السكر المزمن:

• أمراض القلب والأوعية الدموية: يمكن أن يسبب ارتفاع السكر في الدم أضرارًا للأوعية الدموية ويزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية.

• الفشل الكلوي: يمكن أن يؤثر ارتفاع السكر على كفاءة وظائف الكلى ويؤدي إلى الفشل الكلوي في الحالات المتقدمة.

• ضعف الرؤية: قد يؤدي السكر المرتفع إلى تلف الأوعية الدموية في العينين، مما يزيد من خطر الإصابة بالمياه البيضاء (الكتاراكت) أو اعتلال الشبكية السكري.

• مشاكل الأعصاب: من الممكن أن يؤدي ارتفاع السكر إلى تلف الأعصاب، مما يسبب ألمًا وخدرًا في الأطراف.

• التهابات الجلد: الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع مستمر في السكر هم أكثر عرضة للإصابة بالتهابات الجلد نتيجة لضعف جهاز المناعة.

6. كيفية التعامل مع ارتفاع السكر في الدم

من المهم أن يتم التعامل مع ارتفاع السكر في الدم بشكل جاد من خلال مجموعة من الخطوات الوقائية والعلاجية:

• النظام الغذائي المتوازن: يجب أن يحتوي النظام الغذائي على أطعمة منخفضة السكر والكربوهيدرات المعقدة مثل الحبوب الكاملة والخضروات. من المهم أيضًا تقليل تناول الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والسكريات البسيطة.

• ممارسة الرياضة بانتظام: النشاط البدني يساعد على تحسين استجابة الجسم للأنسولين وتنظيم مستوى السكر في الدم.

• إدارة التوتر: تعلم تقنيات إدارة التوتر مثل التأمل واليوغا يمكن أن يساعد في تقليل تأثيرات الإجهاد على مستوى السكر في الدم.

• مراقبة مستوى السكر في الدم: من الضروري متابعة مستويات السكر في الدم بانتظام باستخدام جهاز قياس السكر، خاصة إذا كنت مصابًا بمقدمات السكري أو مرض السكري.

• الأدوية: في بعض الحالات، قد يحتاج الشخص إلى تناول الأدوية أو الأنسولين للحفاظ على مستوى السكر في الدم ضمن النطاق الطبيعي.

7. التشخيص المبكر لارتفاع السكر في الدم

التشخيص المبكر لارتفاع مستوى السكر في الدم يعد أمرًا بالغ الأهمية لتجنب المضاعفات طويلة المدى. الفحوصات المنتظمة، مثل اختبار الهيموغلوبين السكري أو اختبار مستوى السكر الصائم، تساهم في اكتشاف الارتفاع المبكر وتوفير الوقت للعلاج والوقاية من مرض السكري.

8. الختام

يعد ارتفاع مستوى السكر في الدم حالة طبية يجب التعامل معها بعناية لتجنب المضاعفات الصحية الخطيرة التي قد تترتب عليها. من خلال الاهتمام بالنظام الغذائي، ممارسة النشاط البدني، والقيام بالفحوصات الطبية المنتظمة، يمكن الوقاية من العديد من المخاطر الصحية المتعلقة بارتفاع السكر. الفهم الجيد لهذه الحالة، بالإضافة إلى اتخاذ التدابير الوقائية، يمكن أن يساعد في تقليل فرص الإصابة بالأمراض المزمنة المرتبطة بارتفاع السكر في الدم.