متى يصام يوم عاشوراء؟

متى يكون صيام يوم عاشوراء؟

يعد يوم عاشوراء من الأيام المميزة في تاريخ الأمة الإسلامية، وله مكانة عظيمة في قلوب المسلمين لما يحمله من دلالات دينية وروحية، فضلاً عن كونه يرتبط بمجموعة من الأحداث التاريخية الهامة. يعتبر هذا اليوم ذا أهمية خاصة، ويترقب المسلمون في مختلف أنحاء العالم قدومه، لما له من فوائد عظيمة وأجر كبير. ومن أبرز أعمال هذا اليوم هو الصيام، الذي يعد من السنن المؤكدة، وله فضائل جليلة ذكرت في السنة النبوية الشريفة.

التاريخ الهجري ليوم عاشوراء

يوافق يوم عاشوراء العاشر من شهر المحرّم، وهو الشهر الأول في التقويم الهجري الذي اعتمده المسلمون بداية من هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة. ويأتي هذا اليوم في اليوم العاشر من المحرم سنوياً، ويتغير تاريخه في التقويم الميلادي من عام إلى آخر، بسبب اختلافه مع التقويم الميلادي الذي يعتمد على الدورة الشمسية. في المقابل، يعتمد التقويم الهجري على الدورة القمرية، مما يجعل شهور السنة الهجرية أقصر من تلك في السنة الميلادية بحوالي 11 إلى 12 يوماً.

الصيام في يوم عاشوراء

يُعد صيام يوم عاشوراء من السنن المؤكدة في الشريعة الإسلامية، وقد ورد في العديد من الأحاديث النبوية التي تحث على صيام هذا اليوم، بل وتبيّن فضله الكبير. ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: “أن النبي صلى الله عليه وسلم صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه.” وهذا الحديث يُبين تأكيد النبي صلى الله عليه وسلم على صيام هذا اليوم.

فضل صيام يوم عاشوراء

يصوم المسلمون يوم عاشوراء اعتقاداً منهم في فضله وأجره الكبير، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله”. (رواه مسلم). ويُعتبر صيام هذا اليوم مكفراً لذنوب السنة الماضية، وهو ما يعزز الأثر الروحي الكبير لهذا اليوم في حياة المسلم.

وقد بيّن العلماء أن هذا اليوم يحمل بين طياته فضائل متعددة، منها:

1. التكفير عن الذنوب: كما ذكر الحديث السابق، فإن صيام يوم عاشوراء يكفر ذنوب السنة الماضية، وهو من الأعمال التي تقرب المسلم إلى الله سبحانه وتعالى.

2. التقرب إلى الله: يعد هذا اليوم فرصة للمسلمين للعبادة والتقرب إلى الله تعالى بالصيام والذكر والصلوات.

3. سنّة النبي صلى الله عليه وسلم: يعتبر صيام يوم عاشوراء من السنن التي يجب على المسلم الحرص عليها، إذ ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم صيامه لهذا اليوم، ما يجعله سنة يجب على المسلمين اتباعها.

4. إحياء ذكرى النجاة: يعد يوم عاشوراء ذكرى لنجاة نبي الله موسى عليه السلام وقومه من فرعون، حيث يُذكر أن الله تعالى نجى بني إسرائيل من بطش فرعون في هذا اليوم، وهو يوم مبارك له معانٍ تاريخية ودينية عميقة.

الحكمة من صيام يوم عاشوراء

يتساءل بعض المسلمين عن الحكمة من صيام يوم عاشوراء، وفي هذا الصدد فإن الفقهاء يرون أن صيام هذا اليوم يعود إلى عدة أسباب:

1. شكر لله على نعمة النجاة: كما ذكرنا سابقاً، فإن صيام يوم عاشوراء يعود إلى أن الله تعالى نجى موسى عليه السلام وبني إسرائيل من فرعون في هذا اليوم، فكان صيام هذا اليوم شكرًا لله على تلك النعمة العظيمة.

2. إحياء سنة النبي صلى الله عليه وسلم: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على صيام يوم عاشوراء، فكان ذلك سنة ثابتة في حياته صلى الله عليه وسلم، ويحرص المسلمون على إحياء هذه السنة.

3. التكفير عن الذنوب: يعتبر صيام يوم عاشوراء وسيلة لتكفير الذنوب وتطهير النفس، وقد ثبت في العديد من الأحاديث النبوية أن الله سبحانه وتعالى يكفر بالعبادات والطاعات، ومنها صيام هذا اليوم.

كيفية صيام يوم عاشوراء

صيام يوم عاشوراء مستحب ويدخل ضمن السنن المؤكدة، ومن الأفضل للمسلم أن يصوم هذا اليوم كاملاً، إلا أن هناك بعض الأمور التي يمكن للمسلم مراعاتها للحصول على الأجر الكامل:

1. النية والإخلاص لله: يجب أن تكون النية خالصة لله سبحانه وتعالى في صيام هذا اليوم، وأن يكون الهدف من الصيام التقرب إلى الله تعالى.

2. الحرص على عدم صيامه منفردًا: قد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه من الأفضل أن يصوم المسلم يومًا قبله أو يومًا بعده، لتفريق المسلمين عن اليهود الذين كانوا يصومون يوم عاشوراء وحده. لذلك، من المستحب أن يصوم المسلم يوم التاسع من المحرم أو يوم الحادي عشر مع العاشر من المحرم.

3. الإكثار من الدعاء والذكر: يعد يوم عاشوراء يومًا مناسبًا للإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله، كما يُستحب للمسلم الإكثار من ذكر الله تعالى في هذا اليوم.

4. الابتعاد عن المعاصي: يُستحسن أن يحرص المسلم في هذا اليوم على الامتناع عن المعاصي والذنوب، والتركيز على التوبة والطاعات.

المسائل الفقهية المتعلقة بصيام يوم عاشوراء

1. هل يجوز صيام يوم عاشوراء فقط؟
   نعم، يجوز صيام يوم عاشوراء فقط دون إضافة أي يوم آخر معه. ومع ذلك، فإن الأفضل هو صيام يوم قبله أو بعده، وذلك لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه صام يوم عاشوراء، وحرص على مخالفة اليهود في صيامهم هذا اليوم.

2. هل يجوز للمرأة الحامل أو المرضعة صيام يوم عاشوراء؟
   يجوز للمرأة الحامل أو المرضعة صيام يوم عاشوراء إذا لم يكن هناك أي ضرر عليها أو على جنينها أو طفلها. وفي حالة وجود أي ضرر أو مشقة، يُنصح بالإفطار أو قضاء اليوم في وقت لاحق.

3. هل يجب قضاء صيام يوم عاشوراء؟
   إذا لم يصم المسلم يوم عاشوراء لأي سبب من الأسباب، فإنه يمكنه القضاء في وقت لاحق، ولكن لا يكون ذلك بنفس الفضل الذي يحصل عليه من صام يوم عاشوراء في وقته المحدد.

4. هل هناك من أدعية أو أعمال خاصة في هذا اليوم؟
   لا يوجد أدعية خاصة بيوم عاشوراء، لكن يمكن للمسلم أن يدعو بما شاء من الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم أو من الأدعية التي تعبر عن التوبة والاستغفار وطلب المغفرة من الله تعالى.

متى كان صيام يوم عاشوراء في التاريخ؟

كان صيام يوم عاشوراء معروفًا قبل أن يفُرض شهر رمضان على المسلمين. فقد كان العرب في الجاهلية يصومون هذا اليوم، ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وجد أن اليهود يصومون هذا اليوم أيضًا، وفسروا صيامهم بالاحتفال بنجاة نبي الله موسى عليه السلام من فرعون، فصامه النبي صلى الله عليه وسلم وأوصى بصيامه، ولكنه فضل أن يُميز المسلمين عن اليهود، فأوصى بصيام يوم قبله أو بعده.

خاتمة

يعتبر يوم عاشوراء من الأيام التي تحتل مكانة خاصة في قلب المسلم، لما يحمل من دلالات دينية وروحية عميقة. صيام هذا اليوم له العديد من الفضائل التي تجعل المسلم حريصًا على اغتنامها. ومع ذلك، من المهم أن يدرك المسلم أن صيام يوم عاشوراء ليس مجرد عمل عبادي، بل هو فرصة للتقرب إلى الله تعالى والتأمل في معاني النعم والنجاة التي منّ بها الله على عباده، خصوصًا في ذكرى نجاة بني إسرائيل من فرعون.