متى تظهر أسنان الرضيع؟

متى تظهر الأسنان عند الرضع؟

يُعدّ ظهور الأسنان اللبنية عند الرضع من أبرز المحطات في نمو الطفل وتطوره الجسدي، وتُعرف هذه المرحلة طبيًا بمرحلة “التسنين”. تبدأ هذه العملية البيولوجية عادة خلال العام الأول من حياة الطفل، وقد تختلف توقيتاتها من طفل إلى آخر بفعل عوامل وراثية وبيئية وصحية. يعتبر التسنين علامة من علامات النضج العصبي والعظمي، ويرتبط بمجموعة من الأعراض والتغيرات السلوكية التي قد تثير قلق الوالدين، ولكنها تُعدّ طبيعية في معظم الأحيان. في هذا المقال، نستعرض تفصيليًا مواعيد ظهور الأسنان عند الرضع، المراحل المختلفة للتسنين، العوامل المؤثرة، العلامات المصاحبة، بالإضافة إلى الإرشادات اللازمة للعناية بالأسنان اللبنية.

أولاً: جدول زمني لظهور الأسنان اللبنية عند الرضع

يتكون الفم الكامل للطفل من 20 سنًا لبنيًا، وتبدأ بالبزوغ تدريجيًا في الفم ضمن جدول زمني متدرج يبدأ من الشهر الرابع حتى حوالي عمر الثلاث سنوات. يُوضح الجدول التالي تسلسل ظهور الأسنان عند غالبية الأطفال:

هذا الجدول يمثل النمط الشائع، لكن بعض الأطفال قد يبدأ لديهم التسنين في وقت مبكر جدًا (الشهر الثالث)، أو يتأخر حتى ما بعد الشهر الثاني عشر دون أن يكون هذا مدعاة للقلق.

ثانيًا: مراحل التسنين

يمر الطفل خلال التسنين بعدة مراحل تتداخل فيها العوامل الفسيولوجية والسلوكية، وهي:

1. مرحلة ما قبل التسنين (0 – 3 أشهر):

لا تظهر خلالها أسنان، لكن يمكن ملاحظة بعض العلامات التمهيدية مثل زيادة إفراز اللعاب، وحركات المص بالفم، وقد يبدأ الطفل بوضع يديه أو الأشياء في فمه بشكل متكرر.

2. بداية التسنين (4 – 7 أشهر):

في هذه المرحلة تبدأ القواطع السفلية بالبروز. تكون اللثة متورمة قليلاً، وقد يعاني الطفل من تهيج بسيط، وحاجة دائمة للمضغ.

3. مرحلة التسنين النشط (8 – 24 شهرًا):

تتوالى خلالها بقية الأسنان اللبنية بالظهور، وتكون هذه المرحلة مصحوبة بزيادة في الأعراض المرافقة، كارتفاع درجة الحرارة الخفيف، واضطراب النوم.

4. المرحلة النهائية (24 – 36 شهرًا):

تظهر فيها الأضراس الخلفية، وغالبًا ما تكون هذه المرحلة الأكثر صعوبة على الطفل نظرًا لحجم الأضراس وطبيعة بروزها من اللثة.

ثالثًا: العوامل المؤثرة على توقيت التسنين

1. العامل الوراثي:

يميل الأطفال إلى اتباع نمط التسنين نفسه الذي مر به أحد الوالدين أو الأشقاء الأكبر، فالعامل الجيني يلعب دورًا مهمًا في تحديد مواعيد التسنين.

2. التغذية:

الرضاعة الطبيعية، الغنية بالكالسيوم وفيتامين D، تسهم في تقوية العظام والأسنان وتدعم نموها السليم.

3. الحالة الصحية العامة:

يعاني بعض الأطفال من تأخر في التسنين بسبب مشاكل صحية مثل قصور الغدة الدرقية أو سوء التغذية أو الأمراض المزمنة.

4. الولادة المبكرة:

الرضع المولودون قبل الأوان غالبًا ما يتأخر لديهم التسنين بسبب عدم اكتمال النضج العظمي عند الولادة.

رابعًا: الأعراض المصاحبة للتسنين

لا يُعد التسنين مرضًا، لكنه يرافقه مجموعة من الأعراض التي تُعد طبيعية ومؤقتة، ومن أبرزها:

• زيادة سيلان اللعاب.

• تورم واحمرار اللثة.

• رغبة قوية في العض أو مضغ الأشياء.

• التهيج والبكاء المتكرر دون سبب واضح.

• اضطرابات النوم.

• فقدان شهية مؤقت.

• ارتفاع طفيف في درجة الحرارة (أقل من 38° مئوية).

لكن في حال ظهور أعراض شديدة كالإسهال المستمر، ارتفاع درجة الحرارة لأكثر من يومين، أو الطفح الجلدي، ينبغي مراجعة الطبيب للتأكد من أن السبب لا يعود إلى مرض آخر.

خامسًا: التسنين المبكر والمتأخر: هل هو طبيعي؟

التسنين المبكر:

بعض الرضع يُولدون بأسنان، ويُعرف هذا النوع بـ”الأسنان الولادية”، وهي نادرة جدًا. وقد تظهر الأسنان خلال الشهر الثالث أو الرابع لدى بعض الأطفال دون وجود أي خلل.

التسنين المتأخر:

في حال تأخر التسنين عن الشهر الـ13 دون ظهور أي سن، يجب تقييم الحالة من قبل طبيب الأطفال للتأكد من عدم وجود مشاكل صحية تؤخر النمو العظمي أو نقص في الفيتامينات والمعادن.

سادسًا: العناية بصحة فم وأسنان الرضيع

من الضروري العناية بصحة الفم منذ الأيام الأولى للولادة، قبل حتى بزوغ أول سن، وذلك من خلال:

• تنظيف لثة الطفل بقطعة قماش ناعمة ومبللة بالماء المعقم بعد كل رضعة.

• استخدام فرشاة أسنان ناعمة وصغيرة بمجرد ظهور أول سن، دون استخدام معجون الأسنان قبل عمر السنة، أو باستخدام كمية صغيرة جدًا بحجم حبة الأرز.

• تجنب وضع الرضيع للنوم مع زجاجة الحليب أو العصير لتفادي تسوس الأسنان المبكر.

• زيارة طبيب الأسنان للمرة الأولى بين عمر 6 أشهر وسنة واحدة.

سابعًا: متى ينبغي القلق بشأن التسنين؟

يجب الانتباه إلى بعض العلامات التي قد تدل على وجود خلل يستدعي تدخلًا طبيًا:

• عدم ظهور أي سن بعد بلوغ 13 شهرًا.

• ظهور الأسنان بشكل غير منتظم أو مائل.

• وجود علامات على ضعف مينا الأسنان كالتصبغات أو التشققات.

• ترافق التسنين مع أعراض حادة مثل الحمى الشديدة، أو فقدان الوعي المؤقت.

ثامنًا: التسنين والتطور الحركي واللغوي

يرتبط ظهور الأسنان بشكل غير مباشر بتطور مهارات الطفل:

• تحفيز عضلات الفم: مع نمو الأسنان، يبدأ الطفل في تطوير عضلات الفك واللسان، ما يساعده على إصدار الأصوات والتدرج نحو النطق والكلام.

• تحسين عملية المضغ: يسمح التسنين بتقديم أطعمة صلبة تدريجيًا، ما يساهم في تنويع النظام الغذائي وتحسين الصحة العامة.

• دعم تطور الفكين: يساعد الضغط الذي تسببه الأسنان النامية على تشكيل الفك العلوي والسفلي بشكل طبيعي، مما ينعكس إيجابًا على شكل الوجه مستقبلاً.

تاسعًا: أخطاء شائعة حول التسنين

• الربط بين التسنين والإسهال: رغم أن التسنين قد يصاحبه تغير بسيط في البراز، إلا أن الإسهال الشديد ليس علامة مباشرة على التسنين.

• الاعتماد على المسكنات الموضعية بشكل دائم: بعض المستحضرات المخدرة الخاصة باللثة تحتوي على مواد قد تضر بالطفل إذا استُخدمت بكثرة.

• إهمال تنظيف الأسنان اللبنية: يظن البعض أنها مؤقتة ولا حاجة للعناية بها، لكن تسوسها قد يؤثر سلبًا على الأسنان الدائمة مستقبلاً.

عاشرًا: منتجات مفيدة لتخفيف آلام التسنين

ينصح باستخدام بعض الأدوات والمنتجات للمساعدة على تهدئة الطفل خلال التسنين، منها:

• عضاضات التسنين: يمكن تبريدها في الثلاجة لتخفيف حرارة اللثة.

• فرشاة تنظيف لثة سيليكونية: مناسبة للمساعدة على تنظيف اللثة بطريقة ناعمة ومريحة.

• جل التسنين الطبي: يجب استخدامه تحت إشراف طبي.

الحادي عشر: دور الأهل في دعم الطفل خلال التسنين

يتطلب التسنين دعمًا نفسيًا وسلوكيًا من الوالدين. يمكن تحقيق ذلك عبر:

• توفير بيئة هادئة ومريحة.

• احتضان الطفل وتقديم الحنان لتهدئة انزعاجه.

• تشتيت انتباهه باللعب أو الغناء.

• تجنب الإفراط في القلق وتذكُّر أن هذه المرحلة طبيعية ومؤقتة.

المصادر:

• American Academy of Pediatrics (AAP): https://www.aap.org

• Mayo Clinic: https://www.mayoclinic.org

عنوان المقال المناسب والمُحسن لمحركات البحث:

موعد ظهور أسنان الرضيع