متى يتحرك الجنين؟
يعد الحمل من الفترات المهمة في حياة المرأة، حيث يمر الجنين بالعديد من المراحل التطورية التي تبدأ منذ لحظة التخصيب وتستمر حتى ولادته. من أهم هذه المراحل هي لحظة شعور الأم بحركة الجنين داخل رحمها. حركة الجنين تعد من أبرز العلامات التي تشعر بها الأم وتعتبر مؤشراً على صحة الجنين وسلامته. في هذا المقال، سنتناول متى يبدأ الجنين في التحرك وكيفية تطور هذه الحركات، إضافة إلى العوامل المؤثرة على حركة الجنين.
تطور حركة الجنين خلال الحمل
تمر حركة الجنين بمراحل عدة خلال فترة الحمل، حيث تبدأ في البداية بشكل غير ملحوظ وتصبح أكثر وضوحاً مع مرور الوقت. وتختلف هذه الحركات من امرأة إلى أخرى، ولكن هناك بعض المعايير العامة التي تشير إلى الوقت الذي تبدأ فيه الحركة.
الشهر الثالث من الحمل (الأسبوع 12 – 14)
في بداية الحمل، تبدأ أعضاء الجنين في التكون والتطور، ويبدأ الجنين في ممارسة بعض الحركات البسيطة في الأسبوعين الثامن والتاسع من الحمل. ومع ذلك، تكون هذه الحركات في هذه المرحلة غير ملحوظة بالنسبة للأم. ففي هذه الفترة، تكون العضلات والأعصاب قد بدأت في النمو والتطور بشكل كافٍ يسمح للجنين بالقيام بحركات خفيفة مثل التمدد والتموج داخل رحم الأم، لكن لا يمكن للأم أن تشعر بهذه الحركات بعد.
الشهر الرابع من الحمل (الأسبوع 16 – 18)
عادة ما يبدأ معظم الأمهات في الشعور بحركة الجنين بين الأسبوعين السادس عشر والثامن عشر من الحمل. في هذا الوقت، تبدأ العضلات والأعصاب في الجنين بالعمل بشكل أفضل، مما يسمح له بتحريك أطرافه. ومع ذلك، تكون هذه الحركات في البداية خفيفة جداً مثل “النبضات” أو “الفراشات” وقد تصعب على الأم ملاحظتها، خصوصاً إذا كانت الأم في حملها الأول. في هذه المرحلة، يمكن أن تحدث الحركات على فترات غير منتظمة ولا تكون قوية، مما يجعلها غير محسوسة في بعض الأحيان.
الشهر الخامس من الحمل (الأسبوع 20 – 24)
في هذا الوقت، يبدأ الجنين في النمو بشكل أكبر ويصبح أكثر نشاطاً. تصبح حركات الجنين أكثر وضوحاً للأم، ويمكن أن تشعر بها كركلات أو حركات طفيفة. بعض الأمهات قد تشعر بحركة الجنين في وقت مبكر من الشهر الرابع، ولكن هذه الحركات تكون أحياناً غير منتظمة وصغيرة جداً. مع تقدم الحمل، تصبح الحركات أكثر وضوحاً وقوة، مما يساعد الأم على تحديد وقت حدوثها بشكل أكثر دقة.
الشهر السادس من الحمل (الأسبوع 24 – 28)
في هذا الشهر، يبدأ الجنين في التوسع بشكل كبير ويزداد حجم جسمه. يمكن للأم الآن الشعور بحركات الجنين بشكل واضح ومتكرر. قد تصبح الحركات أكثر قوة، وأحياناً قد تشعر الأم بحركات قوية تشبه الركلات أو دفع اليد أو القدم ضد جدار الرحم. مع تقدم الحمل، قد تبدأ الحركات في التنوع بين الركلات والتمدد والدوران. في هذه الفترة، يمكن أن يبدأ الجنين في تحريك أجزاء مختلفة من جسمه داخل رحم الأم.
الشهر السابع والثامن من الحمل (الأسبوع 28 – 36)
بحلول هذه الفترة من الحمل، يصبح الجنين أكثر نشاطاً داخل رحم الأم. الحركات تصبح قوية جدًا ويمكن للأم الشعور بها بوضوح. تبدأ بعض الأمهات في الشعور بحركات الجنين أكثر في الأوقات التي تكون فيها هادئة أو مستلقية. يصبح الجنين في هذه الفترة أكبر حجمًا، ويأخذ وضعية مريحة داخل رحم الأم، مما يعني أن الحركات قد تصبح أكثر تحدداً ومحدودة بناءً على المساحة المتاحة في الرحم. في بعض الحالات، قد تبدأ الحركات تصبح أقل في العدد بسبب ضيق المساحة، ولكنها غالباً ما تكون أكثر قوة.
الشهر التاسع من الحمل (الأسبوع 36 – 40)
في الأسابيع الأخيرة من الحمل، قد تلاحظ الأم انخفاضاً في حركة الجنين، وهذا قد يكون نتيجة لنمو الجنين الكبير الذي يستهلك معظم المساحة المتاحة داخل رحم الأم. على الرغم من ذلك، لا يزال الجنين يقوم بحركات، وإن كانت أقل في العدد مقارنة بالأشهر السابقة. قد يكون من الصعب على الجنين التحرك بحرية بسبب قرب موعد الولادة وضيق المساحة، ولكن الحركات التي تحدث في هذه الفترة قد تكون عبارة عن تمدد أو انكماش في عضلات الجنين.
العوامل المؤثرة على حركة الجنين
هناك العديد من العوامل التي قد تؤثر في مدى وضوح أو تكرار حركة الجنين، بعضها يرتبط بحالة الأم الصحية أو وضع الجنين نفسه داخل الرحم.
-
الجنين الأول:
عادة ما تشعر الأم بحركة الجنين في وقت لاحق مقارنة بالأمهات اللاتي حملن من قبل. حيث أن النساء اللاتي حملن سابقاً عادة ما يشعرن بحركة الجنين في وقت أبكر مقارنة بحملهن الأول. -
حجم الجنين:
يمكن أن يؤثر حجم الجنين على مدى وضوح حركته. الجنين الأكبر قد يكون أقل قدرة على التحرك بحرية داخل الرحم، وبالتالي قد تشعر الأم بحركات أقل، خاصة في المراحل المتأخرة من الحمل. -
وضع الجنين:
وضعية الجنين داخل الرحم قد تؤثر بشكل كبير على حركة الجنين. في حالة كان الجنين في وضع الجلوس أو كان رأسه لأسفل، قد تكون الحركات أكثر وضوحًا مقارنةً إذا كان الجنين في وضع آخر مثل الوضع العرضي. -
المستوى النفسي:
الحالة النفسية للأم قد تؤثر أيضًا على قدرتها على الشعور بحركة الجنين. فالإجهاد أو القلق يمكن أن يجعل الأم أقل انتباهاً أو وعيًا بالحركات البسيطة. بالمقابل، الراحة النفسية والهدوء قد تجعل الأم أكثر قدرة على الإحساس بحركة الجنين. -
النشاط البدني للأم:
في بعض الحالات، يمكن أن تؤثر الأنشطة اليومية للأم على كيفية شعورها بحركة الجنين. على سبيل المثال، في حال كانت الأم نشطة بشكل يومي أو تمارس الرياضة قد تكون أكثر قدرة على ملاحظة حركة الجنين بعد فترات من الراحة. -
الحالة الصحية للأم:
إذا كانت الأم تعاني من مشاكل صحية مثل سكر الحمل أو ضغط الدم المرتفع، قد تؤثر هذه الحالات على حركة الجنين. في بعض الحالات، قد تقل حركة الجنين بشكل ملحوظ، مما يتطلب تدخلًا طبيًا.
كيف يمكن للأم متابعة حركة الجنين؟
من المهم أن تتابع الأم حركة الجنين بشكل دوري خلال الحمل، خاصة في الأشهر الأخيرة. إذا لاحظت الأم انخفاضًا مفاجئًا في حركة الجنين أو عدم شعورها بأي حركة لفترة طويلة، يجب أن تستعين بالطبيب لتقييم الحالة.
يمكن أن يساعد تسجيل عدد الحركات يومياً في متابعة حالة الجنين. على سبيل المثال، يمكن للأم الجلوس في مكان هادئ مع الاستلقاء على جانبها الأيسر وبدء العد لحركات الجنين. يوصي الأطباء عادةً بالعد لمدة ساعتين: إذا شعرت الأم بـ 10 حركات أو أكثر في غضون ساعتين، فهذا يشير إلى أن الجنين في حالة جيدة.
الخلاصة
حركة الجنين هي إحدى اللحظات المميزة والمثيرة التي تمر بها الأم خلال فترة الحمل، وهي تدل على تطور الجنين وسلامته. تبدأ الحركات في وقت مبكر من الحمل، ولكن لا تصبح ملحوظة للأم إلا بعد الشهر الرابع أو الخامس. تزداد الحركات بمرور الوقت وتصبح أكثر وضوحاً في الأشهر الوسطى والمتأخرة من الحمل. بالإضافة إلى أن عوامل عديدة مثل وضع الجنين وصحة الأم تؤثر على هذه الحركات. تعتبر متابعة حركة الجنين من الأمور الضرورية لضمان صحتها وسلامته، وللتأكد من أن الجنين ينمو بشكل طبيعي.
