اسم ستار الكعبة

يعتبر ستار الكعبة من أبرز وأهم الرموز الإسلامية التي تحيط بالكعبة المشرفة، وهو يحمل في طياته معاني دينية وروحية عميقة تعكس عظمة هذا البناء المقدس في الإسلام. يشكل ستار الكعبة غطاءً يلف البناء الحجري للكعبة المشرفة، ويتميز بجماله وزخارفه التي تحمل آيات قرآنية وأسماء الله الحسنى، كما يعد تعبيراً فنياً دقيقاً يجمع بين الروحانية والإبداع الحرفي في آنٍ واحد. يمتلك ستار الكعبة اسماً خاصاً يتمتع بمكانة كبيرة في التراث الإسلامي، ويُعرف ببساطة باسم “الكسوة” أو “ستار الكعبة”، لكن من الناحية اللغوية والدينية، فإن اسم “الستار” يدل على الغطاء الذي يستر الكعبة ويحفظ قدسيتها.

مفهوم ستار الكعبة وأهميته

يشير مصطلح “الستار” إلى الغطاء الذي يُلف على الكعبة المشرفة، وقد تم استخدامه منذ عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وحتى الآن كجزء من الطقوس والاحتفالات الدينية. فالستار ليس مجرد قطعة قماش، بل هو رمز مقدس يعبر عن الاحترام والتقدير للكعبة التي تعتبر قبلة المسلمين في صلاتهم ومركزاً روحانياً عالمياً.

الكسوة أو الستار تصنع من أجود أنواع الحرير الطبيعي، وتتزين بخيوط من الذهب والفضة، وتحمل نقوشاً فنية دقيقة تزينها آيات قرآنية مثل آية الكرسي، والاسماء الحسنى، والآيات التي تتحدث عن عظمة الله ووحدانيته. هذه النقوش لا تعكس فقط جمالاً بصرياً بل تمثل رسالة روحية تعزز من مكانة الكعبة وتؤكد على قيم التوحيد والعبادة.

تاريخ ستار الكعبة

يمتد تاريخ استخدام ستار الكعبة إلى ما قبل الإسلام، حيث كانت الكعبة تُغطى بأقمشة تُجدد باستمرار من قبل القبائل العربية التي تعبد الأصنام داخل الكعبة. وعند بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، استمر العرف في تغطية الكعبة بكسوة، لكن تغيرت طبيعة وأهداف هذا الغطاء مع ظهور الإسلام، حيث أصبح الستر يعبر عن التوحيد ونبذ الأصنام والشرك.

في العصر الإسلامي، تطور تصميم الستار ليصبح فناً مكرساً يعكس روح الإسلام، وبدأ الخلفاء والأمراء بتقديم كسوة الكعبة كهدية دينية رمزية تعبر عن الولاء والاحترام. وقد حافظت الدولة السعودية منذ تأسيسها على هذه العادة، حيث تولت مسؤولية إعداد ستار الكعبة وتجديده سنوياً بمناسبة موسم الحج.

مواصفات ومواد صناعة الستار

تصنع كسوة الكعبة من الحرير الطبيعي الفاخر، وتُخاط بخيوط ذهبية وفضية محلاة بزخارف دقيقة تبرز آيات القرآن الكريم. تستخدم أفضل أنواع الحرير المستورد، ويتم اختيار خيوط الذهب بدقة عالية لضمان جودة العمل ومتانته، مع مراعاة الحفاظ على الرونق والجمال. وتتكون الكسوة من عدة أجزاء مترابطة، وهي:

• الستار الخارجي: القماش الحريري الذي يغطي معظم سطح الكعبة.

• اللباس السفلي: طبقة قماشية أقل زخرفة تحمي الكسوة من التلف.

• اللوحة الذهبية: جزء مربع يتوسط الستار، مكتوب عليه آيات قرآنية وأسماء الله.

• الشرائط الجانبية: تحيط بجوانب الكعبة، مزينة بآيات متقنة بخيوط ذهبية.

تتطلب صناعة الستار شهوراً من العمل الدقيق والمجهود الحرفي على يد أفضل الحرفيين في ورش متخصصة في مكة المكرمة، ويتطلب العمل خبرة في فنون التطريز والتطويع اليدوي للمواد.

طقوس تجديد الستار

تجديد الستار يُعد من أهم الطقوس الدينية التي يتم تنفيذها في موسم الحج سنوياً، حيث يتم إزالة الكسوة القديمة عن الكعبة بحضور رسمي مهيب، ثم تُرفع الستار الجديدة، وهي مناسبة يشارك فيها عدد كبير من الحجاج والزوار الذين يشاهدون هذا الحدث التاريخي بعناية. يحظى هذا الطقس بقدسية واحترام بالغ، إذ يعتبر تجديد الستار تجديداً للحفاظ على طهارة قدسية الكعبة.

كما يتم بعد إزالة الستار القديم توزيع القطع منه كتحف دينية لهواة الجمع والمقتنين، لأنها تحمل رمزية مقدسة وتاريخية. هذه القطع لا تُباع في الأسواق، وإنما تُمنح هدايا للأشخاص أو المؤسسات المهمة، أو تُودع في المتاحف والمراكز الإسلامية.

العلاقة بين الستار والكعبة في الجانب الرمزي والديني

الكسوة أو الستار يحملان مدلولات روحية وعقائدية كبيرة، فهو يرمز إلى ستر الله لعباده وتقديسه للبيت الحرام. إذ جاء في الحديث الشريف أن الكعبة كانت تُكسى منذ عهد النبي إبراهيم عليه السلام، ومن ثم تجددت هذه العادة وتطورت لتصبح رمزاً لتوحيد الله ونبذ الشرك.

كما يعبّر الستار عن وحدة الأمة الإسلامية، حيث يجتمع المسلمون من جميع أنحاء العالم لأداء فريضة الحج ويتشاركون في تقدير هذه الرمزية من خلال الوقوف أمام الكعبة المشرفة. فالكسوة تمثل الحجاب الذي يفصل بين المقدس والعالم الخارجي، مما يعكس فكرة الحماية والاحترام الإلهي.

مراحل تصنيع الستار

عملية صناعة الستار تتم عبر عدة مراحل متتابعة، تبدأ بتصميم الرسومات والزخارف التي تتناسب مع شكل الكعبة وأبعادها، ويتم اختيار الخطوط القرآنية بعناية من أجل التعبير عن جماليات الخط العربي وأبعاده الروحية. ثم تبدأ مرحلة نسيج الحرير وصبغه بألوان سوداء مميزة، قبل أن يُضاف التطريز اليدوي بخيوط الذهب والفضة.

تستغرق هذه العملية ما بين 6 إلى 8 أشهر في العادة، ويشارك فيها فريق من الحرفيين المختصين في تطريز الأقمشة، بالإضافة إلى مشرفين دينيين لضمان دقة النصوص وعدم وجود أخطاء. وتُحفظ الكسوة القديمة بعناية في متاحف خاصة، لما لها من قيمة تاريخية كبيرة.

الجدول التالي يوضح خصائص ستار الكعبة

الخاتمة

يعتبر ستار الكعبة أكثر من مجرد غطاء مادي؛ فهو قطعة فنية دينية متكاملة تعبّر عن مكانة الكعبة المشرفة في قلوب المسلمين وعقولهم، وتجسد عظمة الإسلام في التوحيد والتقديس والاحترام للبيت الحرام. تحافظ الدول الإسلامية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، على هذه العادة بإتقان وحرص بالغين، تعبيراً عن استمرار التراث الإسلامي وروحانيته. ستار الكعبة هو مرآة للإيمان الذي يجمع ملايين المسلمين حول محور مقدس في كل أنحاء العالم، ويظل رمزاً خالدًا للعبادة والتوحيد والحفاظ على تراث إسلامي عريق يمتد لقرون.

المراجع:

1. الموسوعة الفقهية الكويتية، “الكسوة والستار في الإسلام”، دار الكتب العلمية، 2015.

2. الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف في السعودية، موقع الكعبة المشرفة – قسم الكسوة الرسمية.