رؤية ابن خلدون للعلم والتكنولوجيا في الحضارة كانت متشككة إلى حد كبير. ففي كتابه “المقدمة”، أكد ابن خلدون أن الحضارات تتعرض للنهوض والسقوط، وأن التطور العلمي والتكنولوجي ليس ضامناً لبقاء الحضارة، بل قد يؤدي إلى تدهورها.
وبحسب ابن خلدون، يرتبط التقدم العلمي بتطور الاقتصاد والمجتمع، فعندما تتدهور الحالة الاجتماعية والاقتصادية، يتوقف التطور العلمي والتكنولوجي.
ويعتبر ابن خلدون العلم والتكنولوجيا جزءًا من التحولات الثقافية الشاملة التي تؤثر في نظم المجتمعات وأساليب الحكم والاقتصاد والثقافة. ويرون أن التكنولوجيا الحديثة والتطور العلمي يمكن أن يؤديان إلى هدم الثقافة الوطنية والتقليل من الحضارات والتقاليد القديمة.
بالإضافة إلى ذلك، يرى ابن خلدون أن التكنولوجيا والعلم لا يمكن أن يكونا عاملاً محورياً في نمو المجتمعات والحضارات. فعلى سبيل المثال، يرى أن اختراع الكتابة قد أحدث تغييراً كبيراً في المجتمعات القديمة، حيث تمكن الناس من تدوين العلوم والمعرفة، ولكنهم ظلوا يمارسون هواياتهم وأنشطتهم اليومية بنفس الطريقة كما كانوا يفعلون قبل اختراع الكتابة.
إن النظرة الكلية لابن خلدون تتمحور حول اعتبار الحضارات والتطور العلمي والتكنولوجي على الأقل محدودين، وأنهم يجب أن يتم تقييمهم على أسس واسعة التي تشمل العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المختلفة التي تؤثر في النمو والانحدار.