ماذا يحدث لحساباتك بعد الوفاة؟

ماذا يحدث لمواقعك الاجتماعية بعد وفاتك؟

في عصرنا الرقمي الحالي، أصبح التواصل عبر الإنترنت جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية. العديد من الأفراد يعتمدون على منصات التواصل الاجتماعي للتواصل مع الأصدقاء والعائلة، وكذلك لمشاركة لحظات حياتهم. ومع تزايد استخدام هذه المواقع، أصبح السؤال عن مصير الحسابات الشخصية بعد الوفاة من المواضيع التي تثير اهتمام الكثيرين. ماذا يحدث لحساباتنا الرقمية بعد موتنا؟ هل تظل الحسابات مفتوحة للأبد؟ وهل يمكن للأحباء التحكم فيها؟ سنحاول في هذا المقال تسليط الضوء على هذه الأسئلة وتقديم الإجابات المتاحة بناءً على سياسات أشهر منصات التواصل الاجتماعي.

1. ما الذي يحدث لحساباتك بعد وفاتك؟

عندما يمر شخص ما، يمكن أن يترك وراءه سجلاً رقمياً ضخماً من المحتوى على مواقع مثل فيسبوك، تويتر، إنستغرام، لينكد إن، وغيرهم. على الرغم من أن هذه الحسابات تمثل جزءًا من حياته الرقمية، فإن التعامل مع هذه الحسابات بعد وفاته لا يزال أمرًا معقدًا يختلف من منصة إلى أخرى.

1.1 حسابات فيسبوك

فيسبوك هو أحد أشهر منصات التواصل الاجتماعي، وقد طور سياسة خاصة للتعامل مع حسابات المتوفين. يمكن لأحد أفراد العائلة أو صديق مقرب طلب تحويل الحساب إلى “حساب تذكاري” بعد الوفاة. في هذه الحالة، يتم تجميد الحساب بحيث لا يمكن تعديل محتواه، كما يُسمح للأشخاص الذين كانوا متابعين لهذا الحساب بمواصلة تذكر الشخص من خلال نشر ذكريات وصور في صفحة الحساب. كما يمكن تحديد شخص آخر ليكون “مدير الحساب التذكاري”، وهو الذي يُسمح له بإجراء تعديلات معينة مثل إدارة طلبات الصداقة.

1.2 حسابات تويتر

تويتر، من جهة أخرى، لا يوفر خيار تحويل الحسابات إلى حسابات تذكارية مثل فيسبوك، ولكن يمكن للمستخدمين أو عائلاتهم أن يطلبوا إغلاق الحسابات بعد الوفاة. يتم ذلك من خلال تقديم طلب رسمي يحتوي على شهادة الوفاة وبعض المستندات القانونية الأخرى. تويتر يعترف بالخصوصية الرقمية، لذا فإن الحسابات لا تُفتح أو تُحذف إلا بموافقة قانونية.

1.3 حسابات إنستغرام

يتم التعامل مع الحسابات على إنستغرام بطريقة مشابهة لحسابات فيسبوك بعد الوفاة. يمكن للأحباء تحويل الحساب إلى “حساب تذكاري” عبر تقديم طلب مشابه لذلك الذي يتم تقديمه في فيسبوك. الحساب التذكاري في إنستغرام يتم تجميده أيضًا، بحيث لا يتمكن أي شخص من تعديل أو حذف أي محتوى، وتظل الصور والذكريات متاحة للمشاركة والتعليق.

1.4 حسابات جوجل

يتمتع مستخدمو جوجل بخيار “إدارة الحساب بعد الوفاة” الذي يتيح لهم تحديد شخص أو عدة أشخاص يمكنهم الوصول إلى حساباتهم بعد الوفاة. يمكن تخصيص إعدادات الحساب لتحديد ما إذا كان يجب أن يتلقى الأشخاص المعينون إشعارات أو إذا كان الحساب يجب أن يتم حذفه بعد فترة من عدم النشاط. هذه الميزة تمنح المستخدمين درجة من التحكم في مصير حساباتهم الرقمية بعد رحيلهم.

1.5 حسابات لينكد إن

لينكد إن، كونها منصة مهنية، تهتم أيضًا بالحفاظ على الخصوصية، ويمكن للأفراد أو أفراد العائلة إرسال طلب إلى الشركة لإغلاق الحساب بعد وفاة الشخص. في حال لم يتم تقديم الطلب من قبل أحد أفراد العائلة، فإن حساب المتوفى سيظل نشطًا إلا إذا قررت لينكد إن إغلاقه بناءً على إشعار قانوني.

2. إدارة الحسابات بعد الوفاة: قوانين وحقوق

تختلف قوانين التعامل مع الحسابات الرقمية بعد الوفاة من بلد لآخر. في بعض البلدان، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، تم تشريع قوانين تسمح للعائلات أو الأشخاص المخولين قانونياً بإدارة الحسابات بعد الوفاة، بينما في بلدان أخرى قد تكون هذه المسائل غير منظمة بعد.

تعتبر هذه الحسابات جزءًا من ما يُعرف بـ “التركة الرقمية”، وهي مجموعة من البيانات والمحتويات التي تتركها الأفراد وراءهم على الإنترنت. في بعض الأحيان، يتطلب الوصول إلى هذه الحسابات تقديم إثبات قانوني، مثل شهادة الوفاة أو توكيل قانوني، وهو ما يضمن أن العائلة أو الأصدقاء المقربين فقط هم من يتخذون القرارات المتعلقة بهذه الحسابات.

3. إرثك الرقمي: كيف تضمن حماية بياناتك الرقمية؟

من أجل ضمان أن بياناتك الرقمية سيتم التعامل معها بالطريقة التي ترغب فيها بعد وفاتك، يمكنك اتباع بعض الإجراءات الوقائية:

3.1 تحديد وصية رقمية

يمكنك تضمين تفاصيل عن كيفية التعامل مع حساباتك الرقمية في وصيتك. قد يشمل ذلك تحديد الشخص الذي سيكون مسؤولاً عن إدارة حساباتك الاجتماعية والرقمية. هذا الشخص قد يكون وصياً على حساباتك أو قد يُمنح السلطة لاتخاذ القرارات حول تلك الحسابات.

3.2 استخدام الخدمات الرقمية لتحديد مصير حساباتك

مثلما تتيح جوجل، فإن بعض الشركات والخدمات الرقمية الأخرى تقدم لك خيار إعداد “وصية رقمية” أو تحديد كيفية التعامل مع حساباتك بعد الوفاة. هذه الخدمات قد تشمل منح وصول إلى معلومات الحسابات أو حتى مسح البيانات تلقائيًا بعد مرور فترة من عدم النشاط.

3.3 الشفافية مع عائلتك

تحدث مع أفراد عائلتك عن كيفية التعامل مع حساباتك بعد وفاتك. قد تود أن تخبرهم عن تفاصيل حساباتك أو حتى تقدم لهم معلومات حول كيفية الوصول إليها في حال كان هناك حاجة لذلك.

4. التحديات والمخاوف الأخلاقية

إغلاق الحسابات الرقمية بعد الوفاة ليس مجرد قضية قانونية أو إدارية؛ إنه يحمل العديد من التحديات الأخلاقية. هناك من يرى أنه ينبغي احترام إرادة الشخص المتوفى في ما يخص البيانات الرقمية التي تركها وراءه، سواء كان ذلك في السماح بالوصول إليها أو بإغلاق الحسابات نهائيًا.

قد يطرح البعض تساؤلات حول جدوى إغلاق حسابات الأفراد على منصات التواصل الاجتماعي بعد وفاتهم. هل يمكن أن تشكل هذه الحسابات تذكيرًا مؤثرًا للذكريات؟ أم أن الحفاظ على هذه الحسابات مفتوحة يمكن أن يكون مصدرًا للضرر العاطفي للأحباء الذين قد يواجهون صعوبة في التعامل مع هذه التذكيرات؟ هذه الأسئلة تمثل تحديًا أخلاقيًا يحتاج إلى التفكير العميق.

5. خاتمة

في النهاية، يبقى مصير الحسابات الاجتماعية بعد الوفاة موضوعًا معقدًا ومتعدد الجوانب. هناك العديد من السياسات التي تختلف من منصة إلى أخرى، وتتنوع الخيارات المتاحة للمستخدمين وأسرهم. مع تقدم العصر الرقمي وازدياد أهميته في حياتنا، من الضروري أن نضع في اعتبارنا كيفية التعامل مع إرثنا الرقمي وضمان أن بياناتنا وحساباتنا تتعامل مع الاحترام الذي نرغب فيه.