“مأكول،” للكاتب جريجوري بينفورد، هو عمل فريد يجمع بين عبقرية العلم وخيال الأدب العلمي بطريقة مدهشة. يتمتع بينفورد بتنوع مذهل من المواهب، فهو عالم يشارك بشكل وثيق في آخر التطورات في الفيزياء التجريبية والنظرية. عمله العلمي حقق له شرف دولي، بما في ذلك انتخابه كعضو في الجمعية الملكية الفلكية. ومع ذلك، يُعتبر بينفورد أيضًا كاتبًا حائزًا على جوائز، يتميز بقدرته على توصيل العلم الحديث بوضوح فائق في قصص تبحث في قلب الإنسان بالإضافة إلى أبعد النطاقات في الزمان والمكان.
في “مأكول”، يقدم بينفورد لنا صورة للمستقبل القريب، حيث ستواجه قدرات العقل البشري والتكنولوجيا المبهرة، وشجاعته وخياله، اختبارًا نهائيًا أمام كائن إلهي يبلغ من العمر مليارات السنين.
الدكتور بنجامين نولتون يترأس مركز “علم الفلك عالي الطاقة”، وهو مركز بحثي مرموق مكرس لتفسير البيانات الفلكية. يقف على قمة مهنته، محترمًا من قبل زملائه ومشاركًا في بحوث لها القدرة على ثورة فهمنا للكون. ومع ذلك، ليس لدى بنجامين سبب للاحتفال. زوجته العزيزة وزميلته، تشانينج، السابقة لرحلات الفضاء والتي أصبحت عالمة فلك، تحارب مرض السرطان وتوشك على الموت. لديها شهور قليلة فقط لتعيشها.
ثم ينبه بنجامين إلى وجود إشارة غريبة من مسبار بعيد يشير إلى وجود ثقب أسود متجول خارج مدار زحل. على الرغم من أن مساره سيأخذه عبر المجموعة الشمسية، إلا أن الفجوة السوداء لا تشكل تهديدًا للأرض – بل على العكس، قد تحمل إجابات على أسئلة الفيزياء الأكثر أساسية. ولكن عندما يتم استقبال رسالة مشفرة من الثقب الأسود، يتحول الحماس إلى دهشة وقلق. الكائن على قيد الحياة، ذكي، عقله يتواجد في حقول كهرومغناطيسية تتذبذب بقوة تشع إلى الخارج من نواتها المتكثفة للغاية. وهو يريد نظرة أقرب إلى الأرض… وسكانها.
الكائن – الذي يُطلق عليه اسم “مأكول” بسبب عادته في ابتلاع كل شيء في طريقه – يبدي استعدادًا لمشاركة معرفته الواسعة، التي اكتسبها في سياق استكشافات بدأت قبل ظهور الحياة على الأرض. بالمقابل، يسعى لمعرفة المزيد عن الفن البشري، والثقافة، والعلم. يسحر العالم بالكائن الفضائي الذي يبدو وكأنه محسن، حتى تستعيد تشانينج قوتها وهدفها.
ولكن تدريجيًا يظهر حقيقة مرعبة عن الثقب الأسود – حقيقة صعبة تقترب من كونها لا تُصدق. الآن، وبينما ينتظر العالم، تتطوع تشانينج للقيام بمخاطرة يائسة: مواجهة وجها لوجه مع “مأكول”.
“مأكول” يقدم لنا قصة مشوقة تجمع بين العلم والخيال بطريقة مثيرة، مخلوق فضائي غريب يُحاط به الغموض والتعقيد، وبينما يبدو وكأنه يقدم الخير، يكشف الوقت عن جانبه المظلم، وتتطلب الأمور تضحية كبيرة من قبل الشخصيات للنجاة من مصير مروع. من خلال هذه الرواية، يأخذنا بينفورد في رحلة مليئة بالتشويق والفلسفة، حيث يجد القارئ نفسه يتساءل عن حدود المعرفة والتضحية وما يمكن أن يفعله الإنسان في مواجهة الغريب والغامض.
“مأكول”، منشور من قبل Harper Voyager في مايو عام 2000، يستحق المكانة المرموقة في عالم الخيال العلمي والأدب العلمي، حيث يمزج بين التشويق والفكر والمغامرة بطريقة مدهشة ومبتكرة.