مقال عن كتاب “لمسات بيانية” لفاضل السامرائي
يُعد كتاب لمسات بيانية للمؤلف والمفسر العراقي فاضل السامرائي من أبرز الأعمال التي أسهمت في مجال البلاغة القرآنية وفنون اللغة العربية. يجسد الكتاب محاولة متعمقة للاقتراب من الأسلوب البياني في القرآن الكريم، مستعرضًا كيفية استخدام اللغة في تعبيراتها البيانية لتجسيد المعاني الإلهية وتوضيح البلاغة العالية في كتاب الله.
مقدمة عن فاضل السامرائي
فاضل السامرائي، هو أحد العلماء البارزين في مجال التفسير وعلوم القرآن. برع في العديد من المجالات المتعلقة باللغة العربية وبلاغتها، وهو أستاذ أكاديمي مرموق في الجامعات العربية. قدّم السامرائي إسهامات كبيرة في مجال تفسير القرآن الكريم، وكتب عدة مؤلفات تركز على علوم البلاغة والنحو العربي، وكان له تأثير كبير على الأجيال الجديدة من الدارسين والمفسرين. كان له دائمًا القدرة على تبسيط المفاهيم الصعبة وشرح الجوانب المعقدة للغة العربية بأسلوب سهل وواضح.
الكتاب: لمسات بيانية
كتاب لمسات بيانية هو أحد أبرز أعمال السامرائي، حيث يركز بشكل أساسي على دراسة أساليب البلاغة في القرآن الكريم. يتناول الكتاب بالدراسة التراكيب اللغوية والبيانية في القرآن، ويكشف عن لمسات بلاغية وبيانية قد تكون خفية على الكثيرين، ولكنه يوضح كيف أن هذه اللمسات تجعل النص القرآني مميزًا ومعجزًا.
يحتوي الكتاب على العديد من الأمثلة القرآنية التي تبرز فصاحة القرآن وبلاغته. كما يناقش فيه فاضل السامرائي بعض الأساليب البلاغية المتنوعة، مثل التشبيه، والمجاز، والكناية، والاستعارة، والتوكيد، وغير ذلك من الأساليب التي تدل على عمق اللغة القرآنية.
الأسلوب البياني في القرآن الكريم
يمثل الأسلوب البياني في القرآن الكريم أحد أبرز جوانب إعجازه. فقد أُودع القرآن الكريم في تراكيبه البيانية أدوات لغوية متقنة لم تُستخدم بهذا الشكل في أي نصوص أخرى. يكشف السامرائي في كتابه كيف أن كل كلمة في القرآن، وكل جملة، تحتوي على جمال بياني وبلاغي يهدف إلى إيصال المعنى بأكثر الطرق تأثيرًا وعمقًا. يُظهر الكتاب أن المعاني القرآنية لا تكمن فقط في الكلمات نفسها، بل أيضًا في الترتيبات والتراكيب التي تشكلها تلك الكلمات.
يقدم السامرائي العديد من الأمثلة على ذلك، موضحًا كيف أن التقديم والتأخير في آيات معينة يضيفان بُعدًا من المعنى لم يكن ليظهر لو كانت الكلمات مرتبة بشكل مختلف. كما يشير إلى كيفية استخدام الأسلوب البلاغي في التفسير القرآني، مستعرضًا بعض الآيات التي يظهر فيها هذا البُعد البياني بشكل واضح.
البلاغة في القرآن الكريم
واحدة من المفاتيح التي يعالجها السامرائي هي البلاغة القرآنية، التي تتجلى في القرآن من خلال توظيف الأسلوب الأمثل لتوصيل المعنى. يشير إلى أن البلاغة ليست مجرد كلماتٍ جميلة أو محسنات لفظية، بل هي صياغة معنوية تتميز بالكفاءة والقدرة على التأثير العميق. كل أسلوب بلاغي في القرآن يهدف إلى تحقيق غرض معين، سواء كان في الدعوة، أو الوعظ، أو التحفيز على العمل الصالح.
ويتناول السامرائي في كتابه بعض الجوانب التي قد لا يلاحظها الكثيرون من القراء العاديين، مثل كيفية اختيار الكلمات التي تحمل معاني شتى تتناسب مع السياقات المختلفة. فعلى سبيل المثال، تختار كلمات ذات قوة إيقاعية معينة في آيات الجهاد أو الصبر، بينما في الآيات التي تتحدث عن الرحمة والمغفرة، نجد كلمات تنبض باللطف والتهذيب.
الإعجاز البياني في القرآن
إحدى النقاط الرئيسية التي يعالجها السامرائي في الكتاب هي قضية الإعجاز البياني في القرآن. يرى السامرائي أن هذا الإعجاز لا يكمن فقط في محتوى القرآن الكريم، بل أيضًا في كيفيته. إن التراكيب اللغوية المتنوعة التي جاءت في القرآن الكريم تتضمن إعجازًا بيانيًا عميقًا لا يمكن لأي من البشر أن يأتي بمثله. يتناول السامرائي في كتابه كيف أن القرآن الكريم يدمج بين الأسلوب البياني والعاطفي والعقلي، ليؤثر في القلوب والعقول معًا.
إن الفقرات البلاغية في القرآن ليست مجرد أدوات بلاغية، بل هي أساليب إلهية تحمل معاني عميقة وأبعادًا روحية تسهم في فهم القيم الدينية والإنسانية. ويستعرض السامرائي هذه الأمثلة بطريقة منهجية، موضحًا كيفية تأثير هذه الأساليب في المتلقي، سواء كان ذلك في جوانب التدبر والتأمل أو في جوانب التأثير العاطفي والنفسي.
علاقة الأسلوب البياني بالتفسير
يتطرق السامرائي في كتابه إلى العلاقة بين الأسلوب البياني وتفسير القرآن الكريم. يبين كيف أن الفهم العميق للأساليب البلاغية يساعد في تفسير المعاني القرآنية بطريقة أكثر دقة. إذ إن العديد من الآيات لا يمكن فهمها بشكل صحيح دون مراعاة الجوانب البلاغية والبيانية في النص القرآني. لذلك، يركز السامرائي على أهمية دراسة الأسلوب البياني من أجل استنباط المعاني المقصودة من وراء الآيات القرآنية.
من خلال هذا الكتاب، يقدم السامرائي رؤية جديدة لتفسير القرآن، إذ يطرح فرضية مفادها أن فهم البلاغة القرآنية يشكل خطوة أساسية في فهم المعنى الحقيقي للنصوص القرآنية. فكل أسلوب بياني في القرآن الكريم يحمل رسالة معينة تهدف إلى تقوية العلاقة بين الله والإنسان، وبالتالي فإن الفهم العميق لهذه الأساليب يساعد المسلم على فهم الرسالة الإلهية بطريقة أفضل.
دور الكتاب في تجديد الدراسات القرآنية
يعد كتاب لمسات بيانية مساهمة هامة في تجديد الدراسات القرآنية. فمن خلال هذا الكتاب، يفتح السامرائي بابًا جديدًا من الأفق أمام الباحثين والدارسين في مجال البلاغة القرآنية، حيث يوضح كيف أن دراسة الأساليب البيانية ليست مجرد مسألة لغوية بحتة، بل هي عملية تفاعل بين النص والواقع الإنساني. إن فهم هذه اللمسات البيانية يعزز من قدرة القارئ على استشعار جمالية القرآن وإعجازه، ومن ثم يحقق تقاربًا أكبر مع النصوص القرآنية.
الخلاصة
يتضح من خلال كتاب لمسات بيانية لفاضل السامرائي أن البلاغة القرآنية تمثل أداة إلهية تحمل معاني عميقة، وأن الأساليب البيانية في القرآن الكريم ليست مجرد تجميل لفظي، بل هي عناصر ذات تأثير كبير في النفس البشرية. يعكس الكتاب فكر السامرائي في أهمية دراسة اللغة القرآنية بشكل متعمق، ليس فقط كوسيلة للتفسير، بل كأداة لفتح أبواب جديدة من الفهم الروحي والعقلي. إن هذا الكتاب يمثل مرجعًا مهمًا لكل من يسعى إلى فهم القرآن الكريم من منظور لغوي وبلاغي عميق، ويسهم بشكل كبير في تجديد الدراسات القرآنية على مستوى العالم العربي والإسلامي.
