لماذا نرى البرق قبل سماع صوت الرعد؟
تعتبر ظاهرة البرق والرعد من أكثر الظواهر الجوية إثارة للاهتمام والملاحظة على مستوى العالم، حيث يصاحب كل منهما الآخر في معظم الأحيان خلال العواصف الرعدية. إلا أنه من المعروف أن البرق يصل إلى العين قبل سماع صوت الرعد، وهي ظاهرة قد تثير تساؤلات حول السبب الكامن وراء ذلك. في هذا المقال، سنستعرض بشكل مفصل الأسباب العلمية لهذه الظاهرة، بالإضافة إلى فهم أفضل لكيفية حدوث البرق والرعد، والعوامل الفيزيائية التي تجعل البرق يظهر أولاً ويليه صوت الرعد بعد فترة زمنية.
ماهية البرق والرعد
قبل أن نتطرق إلى السبب الذي يجعل البرق يُرى أولاً، يجب أن نفهم جيداً ما هو البرق والرعد، وكيف يحدث كل منهما:
البرق:
البرق هو تفريغ كهربائي يحدث بين السحب أو بين السحابة والأرض. يحدث هذا التفريغ نتيجة لتراكم شحنات كهربائية داخل السحابة، مما يسبب تصاعد الشحنات السلبية إلى الأسفل والشحنات الإيجابية إلى الأعلى. وعندما تكون الشحنات الكهربائية بين منطقتين متباعدتين شديدة بما فيه الكفاية، يحدث تفريغ كهربائي يعبر من خلال الهواء، مسببا بذلك الضوء الساطع الذي نراه على شكل برق.
الرعد:
الرعد هو الصوت الناتج عن تمدد الهواء الذي يتعرض للحرارة الشديدة الناتجة عن البرق. عندما يحدث البرق، تسخن الطاقة الكهربائية التي تنتقل عبر الهواء بسرعة هائلة، مما يسبب تمدد سريع للهواء المحيط، وبالتالي يحدث انفجار صوتي ناتج عن هذا التمدد المفاجئ للهواء، وهذا هو الصوت الذي نسمعه كـ “رعد”.
سرعة الضوء وسرعة الصوت
السبب الرئيسي وراء رؤيتنا للبرق قبل سماعنا لصوت الرعد يكمن في الاختلاف الكبير بين سرعة الضوء وسرعة الصوت. لنقم بمقارنة هاتين السرعتين لنتمكن من فهم الظاهرة بشكل أعمق:
سرعة الضوء:
الضوء ينتقل بسرعة هائلة تبلغ حوالي 300,000 كيلومتر في الثانية، وهذه السرعة تجعلنا نرى البرق على الفور تقريباً بمجرد حدوثه. حتى إذا كان البرق بعيدًا عنا، فإننا نراه في ثوانٍ معدودة، وذلك بفضل سرعة الضوء الكبيرة.
سرعة الصوت:
من ناحية أخرى، الصوت ينتقل بسرعة أقل بكثير من الضوء. سرعة الصوت في الهواء تبلغ حوالي 343 مترًا في الثانية عند درجة حرارة 20 درجة مئوية. وهذا يعني أن الصوت يستغرق وقتًا أطول ليصل إلينا مقارنة بالضوء. لذلك، إذا كان البرق على بعد عدة كيلومترات، فإننا نرى البرق أولاً ثم نسمع الرعد بعد فترة من الزمن.
العلاقة بين المسافة والوقت
هناك قاعدة بسيطة تساعدنا في تقدير المسافة بيننا وبين العاصفة الرعدية استنادًا إلى الوقت بين رؤية البرق وسماع الرعد. إذا قمنا بحساب الوقت بين رؤيتنا للبرق وسماعنا للرعد، يمكننا تقدير المسافة التي يفصلها بيننا وبين العاصفة. كل 3 ثوانٍ من الفارق بين البرق والرعد يعادل حوالي 1 كيلومتر من المسافة.
على سبيل المثال، إذا لاحظنا البرق ثم سمعنا الرعد بعد 9 ثوانٍ، فهذا يعني أن العاصفة تقع على بعد حوالي 3 كيلومترات.
لماذا نرى البرق أولاً؟
إذن، لماذا نرى البرق أولاً؟ يعود ذلك إلى الفرق الكبير في السرعات بين الضوء والصوت. لأن الضوء ينتقل بسرعة عالية جدًا، فإنه يصل إلينا بشكل فوري تقريباً عندما يحدث البرق، بينما الصوت، الذي ينتقل بسرعة أقل بكثير، يستغرق وقتًا أطول للوصول إلينا. هذا هو السبب في أننا نرى البرق قبل أن نسمع الرعد، بغض النظر عن مدى قوة العاصفة.
تأثير العوامل الجوية على سرعة الصوت
من المهم أيضًا أن نأخذ في الحسبان تأثير العوامل الجوية على سرعة الصوت. على سبيل المثال، يمكن أن تختلف سرعة الصوت تبعًا لدرجة الحرارة والضغط الجوي. في الطقس الحار، ينتقل الصوت بسرعة أكبر من الطقس البارد. ومع ذلك، حتى في هذه الظروف، فإن الفرق بين سرعة الضوء وسرعة الصوت يبقى كبيرًا جدًا، مما يجعل البرق يصل إلينا أولاً.
هل يمكن أن نسمع الرعد دون أن نرى البرق؟
في بعض الحالات، قد نسمع صوت الرعد دون أن نرى البرق. يحدث ذلك عادة عندما تكون العاصفة بعيدة جدًا عن مكاننا، أو إذا كان البرق يحدث في اتجاه آخر، مما يجعله غير مرئي بالنسبة لنا. في هذه الحالات، نسمع الرعد نتيجة للانعكاس والتشتت الصوتي في الهواء. كما أن البرق قد يكون خافتًا جدًا بحيث لا يمكن رؤيته بوضوح.
الخلاصة
السبب الرئيسي وراء رؤية البرق قبل سماع الرعد يعود إلى الاختلاف الكبير في سرعة الضوء وسرعة الصوت. بينما ينتقل الضوء بسرعة 300,000 كيلومتر في الثانية، ينتقل الصوت بسرعة أقل بكثير تبلغ حوالي 343 مترًا في الثانية، مما يجعل البرق يصل إلينا أولاً ثم نسمع الرعد بعد فترة من الزمن. يمكننا استخدام الفارق بين البرق والرعد لتقدير المسافة بيننا وبين العاصفة، مما يساعدنا على تحديد مدى اقتراب أو ابتعاد العاصفة.
