في محاولة ملموسة لاستشراف أسباب تراجع الإبداع في مجتمعنا المعاصر، يقدم كتاب “مَنْ قتل الإبداع؟” للمؤلفين جايا جرانت وأندرو جرانت نظرة فاحصة ومعمّقة إلى مفهوم الإبداع وتحليل متأنٍ للعوامل التي قد تكون قد أسهمت في تقييد نطاقه وقمعه. تتناول صفحات الكتاب الثلاثمائة وثمانية وأربعون العديد من الأفكار والأسئلة المحيرة التي تثيرها هذه الظاهرة المعقدة.
تبدأ الرحلة الفكرية مع تساؤل محوري حول السبب الرئيسي وراء تراجع الإبداع، هل كانت نتيجة للإجهاد المفرط الذي ينشأ من ضغوط العمل في مكتب المدير التنفيذي؟ أم أن البيروقراطية المتسلطة في مكتب الحسابات قد كانت الجاني الحقيقي، حيث استخدمت “السلبية الخبيثة” كأداة فعّالة لطعن تلك اللحظات الإبداعية في جناحها الحضري.
تقف الكلمات المنسقة ببراعة على صفحات الكتاب كمرآة تعكس حقيقة مريرة حول حالة الإبداع في عصرنا الحالي، حيث يجسد الكتاب لوحة دقيقة ترسم ملامح الصراع بين العقلانية الإدارية والروح الفنية. يتعمق الكتاب في تأثيرات هذا التصادم على الفرد والمجتمع، مشددًا على أن التفكير الإبداعي يمثل ركيزة أساسية للابتكار والتطور.
تأخذ القصة مسارًا مثيرًا عندما يتم استعراض مظاهر متعددة للإبداع وتأثيره على القدرة التنافسية والتقدم الاقتصادي. وفي ظل هذا الإطار، يُشدد الكتاب على ضرورة تحقيق توازن بين المتغيرات الإدارية والفنية لضمان استمرارية الإبداع وازدهاره.
تُلقي الأضواء على تاريخ الإصدار الذي يعود إلى عام 2019، والذي أُشرِفَ على نشره بواسطة دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع. يتسلح الكتاب بغلافه الكرتوني الجذاب، الذي يكمل بشكل رائع مضمونه الفكري ويثير فضول القارئ لاستكشاف أعماقه.
في الختام، يبرز الكتاب كوسيلة فعّالة لاستكشاف مفهوم الإبداع والتفكير الإبداعي في زماننا، مشيرًا إلى أهمية الابتعاد عن العقلانية الجامدة والبيروقراطية المقيدة للسماح بتفجير عوالم الإبداع والتميز.