كيف كان النبي يأكل ويشرب

كيف كان النبي يأكل ويشرب: دراسة في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم

في حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، نجد نمطًا من الطعام والشراب يعكس التوازن والاعتدال، ويُظهر كيف كان يتعامل مع نعم الله بشكل يتسم بالاعتدال والتواضع. كان تناول الطعام والشراب عند النبي صلى الله عليه وسلم متسماً بالبساطة، بعيداً عن التفاخر أو الإسراف، لكنه في نفس الوقت كان يعبّر عن عميق شكر لله سبحانه وتعالى على نعمه. في هذا المقال، نلقي الضوء على كيفية تناول النبي صلى الله عليه وسلم للطعام والشراب، مستعرضين بعضًا من السنن والأحاديث التي توضح ذلك.

1. الأساسيات الغذائية في حياة النبي صلى الله عليه وسلم

كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على تناول طعام بسيط ولكنه متوازن من جميع النواحي. كان طعامه يتكون من الأغذية المتوافرة في بيئته، مثل التمر، والشعير، واللبن، والزيت، والخبز. لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يميل إلى الأطعمة الفاخرة أو الدسمة، بل كان يكتفي بما يفي بالغرض.

الخبز والشعير

كان الخبز في حياة النبي صلى الله عليه وسلم من الشعير، وكان يفضل تناول الخبز المحضّر من دقيق الشعير، الذي كان يُعد الطعام الأساسي في تلك الحقبة. كانت الحصة الغذائية الأساسية للنبي في الغالب تتألف من خبز الشعير الذي غالبًا ما كان يُأكل مع اللبن أو الزيت.

التمر

التمر كان من الأطعمة التي يحبها النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ورد في العديد من الأحاديث الشريفة ذكره كغذاء رئيسي. كان النبي صلى الله عليه وسلم يتناول التمر بشكل مستمر لما له من فوائد غذائية صحية؛ حيث كان غنياً بالطاقة والفيتامينات والمعادن الضرورية للجسم.

اللبن

كان اللبن جزءًا من النظام الغذائي للنبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يشرب اللبن مع التمر أو الخبز. وقد ورد في الأحاديث النبوية العديد من الإشارات حول محبته لشرب اللبن، بل وكان يثني على بركته وفوائده.

اللحم

على الرغم من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل اللحم بين الحين والآخر، إلا أنه لم يكن يتناوله بانتظام. فكان يأكله في المناسبات الخاصة، وقد وُصف في بعض الأحاديث كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل اللحم خاصة من الضأن أو الإبل.

2. كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل؟

كان النبي صلى الله عليه وسلم في أكله يتبع أدبًا عظيمًا، ويعطي لكل لقمة من طعامه حقها. كان أكله متوازناً من حيث الكمية والنوعية، بعيدًا عن التبذير أو الإسراف.

الجلوس أثناء الطعام

كان النبي صلى الله عليه وسلم يتناول طعامه وهو جالس على الأرض، معتمدًا على البساطة والتواضع. كان النبي صلى الله عليه وسلم يشجع الصحابة على أن يأكلوا بنفس الطريقة، إذ كان يعتبر الجلوس على الأرض خلال تناول الطعام من مظاهر التواضع.

التسمية قبل الطعام

كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على التسمية قبل تناول الطعام. ففي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: “إذا دخل أحدكم بيته فليقل: بسم الله، ولتسموا إذا دخلتم على الطعام” (رواه مسلم). بهذه الطريقة كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله ويشكر نعمه قبل أن يبدأ في تناول الطعام.

الأكل باليد اليمنى

كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على أن يأكل بيده اليمنى فقط، مُبتعدًا عن الأكل باليد اليسرى. فقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله” (رواه مسلم).

تقسيم الطعام

كان النبي صلى الله عليه وسلم يتناول طعامه بتأنٍ ويقسمه إلى أجزاء صغيرة، حيث كان يأخذ وقتًا في مضغ الطعام، وهو ما يعكس التوازن في تناول الطعام وعدم الاستعجال. وكان لا يعجل في الانتهاء من الطعام، بل كان يمضغ الطعام بشكل جيد قبل بلعه.

الأكل مما يليه

كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على أن يأخذ الطعام الذي يليه من الطبق أو المائدة، وهو ما يُعتبر سنة نبوية تنم عن حسن الأدب واتباع أسلوب منظم في تناول الطعام. فقد ورد في الحديث الشريف: “إذا أكَلَ أحدُكم فليأكل من جانبِ الصحفةِ، ولا يأكل من وسطِها، فإن البركةَ تُنزلُ في وسطِها” (رواه مسلم).

3. كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يشرب؟

كان النبي صلى الله عليه وسلم يتبع أسلوبًا مماثلاً في شربه للماء والعصائر، حيث كان يتناول الشراب بأسلوب متوازن وآداب خاصة.

شرب الماء

كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب شرب الماء، ولكن بطريقة متوازنة. فقد كان يشرب الماء على ثلاث مرات، حيث كان يقف بين كل شربة وأخرى. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تشربوا واحدًا، ولكن اشربوا اثنين أو ثلاثة” (رواه الترمذي).

التسمية قبل الشرب

كما هو الحال مع الطعام، كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله قبل أن يشرب. فقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول عند الشرب: “بسم الله، الحمد لله” (رواه مسلم).

عدم الشرب من فم الإناء

كان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر من الشرب مباشرة من فم الإناء، إذ كان يشرب من الجوانب أو الأطراف، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه: “لا يشربن أحدكم من فم السقاء” (رواه البخاري).

شرب من كؤوس خاصة

كان النبي صلى الله عليه وسلم يفضل أن يكون له كأس خاص به. فقد ورد في الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشرب من كأس خاص به وكان له عادة شرب ماء زمزم في الحج.

4. فضل الطعام والشراب

كان النبي صلى الله عليه وسلم يُظهر امتنانه لله على نعمه في الطعام والشراب. ولم يكن يبالغ في الشكر أو الجحود، بل كان يعترف دائمًا بأن كل شيء من الله. وكان يُحث صحابته على تناول الطعام والشراب بقلب شاكِر، كما كان يُشدد على عدم الإسراف أو التبذير.

الشكر على النعم

كان النبي صلى الله عليه وسلم يشكر الله دائمًا على ما يرزقه من طعام وشراب. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل طعامًا قال: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين” (رواه الترمذي).

5. الدروس المستفادة من طريقة النبي صلى الله عليه وسلم في الأكل والشرب

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في أكله وشربه نموذجًا يُحتذى به، حيث تبين لنا من سيرته الشريفة عدة دروس قيمة. من هذه الدروس:

1. التوازن والاعتدال: كان النبي صلى الله عليه وسلم بعيدًا عن الإفراط أو التفريط في تناول الطعام والشراب.

2. النية والشكر لله: كان دائمًا يشكر الله على النعم التي أنعم بها عليه.

3. التواضع في تناول الطعام: كان يأكل وهو جالس على الأرض، وقد كان في سلوكه أسمى مظاهر التواضع.

4. الاهتمام بالنظافة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يهتم بنظافة يديه وأدوات الطعام، ويشجع الصحابة على ذلك.

6. الختام

لقد كانت حياة النبي صلى الله عليه وسلم في تناول الطعام والشراب دروسًا عظيمة في الاعتدال والشكر والتواضع. كانت طريقة أكله وشربه من أسمى الممارسات التي تعكس عظمة خلقه وسمو تعاليمه، وكان في ذلك قدوة للمسلمين في جميع أنحاء العالم، ليحافظوا على هذه السنن النبوية في حياتهم اليومية.