أسباب السعال المزمن والجاف
يُعتبر السعال من الأعراض الشائعة التي يمكن أن يعاني منها أي شخص في مرحلة ما من حياته. لكن في بعض الحالات، قد يتحول السعال إلى مشكلة مستمرة تدوم لأشهر أو حتى سنوات، ويُسمى حينها “السعال المزمن”. يُعتبر السعال المزمن والجاف من أكثر أنواع السعال التي تثير القلق، حيث يظل الشخص يعاني من نوبات سعال جافة تؤثر على نوعية الحياة اليومية. في هذا المقال، سنتناول الأسباب المختلفة التي قد تؤدي إلى السعال المزمن والجاف، بالإضافة إلى بعض العوامل الأخرى التي قد تساهم في تفاقم هذه الحالة.
1. التهاب الشعب الهوائية المزمن
يُعد التهاب الشعب الهوائية المزمن أحد الأسباب الرئيسية للسعال المزمن والجاف. وهو حالة شائعة بين المدخنين أو الأشخاص الذين يتعرضون للتلوث البيئي بشكل مستمر. يتميز هذا المرض بالتهاب في الأنسجة المبطنة للشعب الهوائية، مما يؤدي إلى تهيج مستمر في الرئتين والشعب الهوائية. قد يُصاب الشخص بسعال مستمر وجاف يصاحبه شعور بالاحتقان، وخاصة في الصباح.
يُعتبر التهاب الشعب الهوائية المزمن أحد الأعراض الرئيسية لمرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD)، الذي يرتبط بتدهور تدريجي في وظائف الرئة. يؤدي التهاب الشعب الهوائية المزمن إلى إفراز المخاط بشكل مستمر، ومع مرور الوقت يمكن أن يتحول السعال إلى سعال جاف بسبب تلف الأنسجة.
2. الربو
الربو هو مرض مزمن يصيب الشعب الهوائية ويؤدي إلى ضيق في مجرى الهواء. يعد السعال الجاف أحد الأعراض الرئيسية للربو، ويحدث عادةً بسبب التهيج الناتج عن انقباض العضلات المحيطة بالشعب الهوائية. يُعد السعال في حالات الربو غير منتج للمخاط في أغلب الأحيان، مما يجعله جافاً. تتفاقم أعراض الربو عند تعرض الشخص للمؤثرات التي تسبب تهيج الشعب الهوائية مثل الدخان، الغبار، أو البرودة الشديدة.
قد يختلط السعال الجاف المصاحب للربو مع حالات أخرى مثل التهابات الجهاز التنفسي العلوي، مما قد يسبب تأخراً في التشخيص الدقيق. يُنصح المصابون بالربو باستخدام الأدوية الموسعة للشعب الهوائية لتخفيف حدة الأعراض.
3. الارتجاع المريئي (GERD)
يعتبر الارتجاع المعدي المريئي أحد الأسباب غير المتوقعة للسعال المزمن والجاف. يحدث الارتجاع المريئي عندما يتسرب الحمض المعدي إلى المريء، مما يؤدي إلى تهيج الأغشية المخاطية في الحنجرة والشعب الهوائية. يمكن أن يؤدي هذا إلى سعال جاف ومستمر، بالإضافة إلى أعراض أخرى مثل الحموضة والتجشؤ. قد يحدث السعال بشكل خاص بعد تناول الطعام أو عند الاستلقاء على الظهر.
تُظهر الدراسات أن العديد من الأشخاص الذين يعانون من السعال المزمن يعانون في الوقت نفسه من الارتجاع المريئي، ويظل السبب في بعض الحالات غير مكتشف إلا بعد إجراء فحوصات دقيقة.
4. التهابات الجهاز التنفسي العلوي
في بعض الحالات، يمكن أن تسبب التهابات الجهاز التنفسي العلوي، مثل نزلات البرد أو الأنفلونزا، سعالاً جافاً ومزمنًا. قد يستمر السعال الجاف لفترة طويلة بعد زوال الأعراض الأخرى للعدوى، وهذا ما يُسمى “السعال ما بعد العدوى”. هذه الحالة تتسبب في تهيج الشعب الهوائية، مما يسبب استمرار السعال لفترة قد تمتد لأسابيع.
قد يتفاقم السعال بعد العدوى نتيجة لحساسية الشعب الهوائية، مما يؤدي إلى استمرار السعال رغم تحسن الحالة الصحية العامة. غالباً ما يُنصح بتناول الأدوية المضادة للسعال أو المعالجة الطبيعية للمساعدة في تخفيف الأعراض.
5. التعرض للمواد المهيجة
التعرض المستمر للمواد الكيميائية أو الملوثات البيئية مثل دخان السجائر أو المواد المسببة للحساسية قد يؤدي إلى تهيج الشعب الهوائية ويسبب السعال المزمن والجاف. يُعتبر دخان السجائر من أبرز الملوثات التي تؤدي إلى تدمير الأنسجة الرئوية والشعب الهوائية، مما يزيد من احتمالية الإصابة بالسعال المزمن.
حتى الأشخاص الذين لا يدخنون قد يكونون عرضة للسعال المزمن إذا كانوا يتعرضون لدخان السجائر أو مواد كيميائية أخرى في بيئة العمل أو المنزل. هذا النوع من السعال قد يستمر لفترة طويلة ويزداد سوءاً مع استمرار التعرض للمواد المهيجة.
6. التهاب الحنجرة
التهاب الحنجرة هو حالة أخرى قد تسبب السعال الجاف. يحدث التهاب الحنجرة عادة نتيجة للعدوى الفيروسية أو التوتر الصوتي أو التعرض لمواد مهيجة مثل الدخان. يصاحب التهاب الحنجرة عادة التهاب في الأحبال الصوتية، مما يؤدي إلى خشونة الصوت وصعوبة في التحدث بشكل طبيعي. قد يشعر المصاب بحكة أو جفاف في الحلق، مما يؤدي إلى السعال الجاف المستمر.
يُعتبر التهاب الحنجرة شائعًا بين الأشخاص الذين يفرطون في استخدام أصواتهم مثل المعلمين والمطربين، وقد يتفاقم السعال بسبب التعرض المستمر للإجهاد الصوتي.
7. الأدوية
بعض الأدوية قد تكون سببًا في حدوث السعال المزمن والجاف. على سبيل المثال، يُعتبر مثبط الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE inhibitors) من الأدوية الشائعة التي يمكن أن تسبب السعال كأثر جانبي. يُستخدم هذا الدواء بشكل شائع لعلاج ارتفاع ضغط الدم وبعض أمراض القلب، لكنه قد يتسبب في تهيج الشعب الهوائية وبالتالي سعال جاف ومزمن.
يمكن أن يستمر السعال الناتج عن هذه الأدوية لفترة طويلة بعد توقف المريض عن تناول الدواء، وقد يحتاج الشخص إلى تغيير العلاج تحت إشراف الطبيب.
8. الحساسية
الحساسية هي أحد الأسباب الشائعة للسعال الجاف. قد تؤدي المواد المسببة للحساسية مثل حبوب اللقاح، الفطريات، الغبار، أو وبر الحيوانات إلى تهيج الشعب الهوائية، مما يؤدي إلى سعال مزمن وجاف. في كثير من الحالات، قد يصاب الشخص بالسعال الجاف في موسم معين من السنة عندما تكون المواد المسببة للحساسية في أعلى مستوياتها، مثل فصل الربيع أو الخريف.
تشير الدراسات إلى أن الحساسية يمكن أن تؤدي إلى تفاقم حالات الربو، مما يزيد من احتمال الإصابة بالسعال المزمن الجاف.
9. الأمراض المناعية مثل الذئبة الحمراء
الأمراض المناعية الذاتية مثل الذئبة الحمراء قد تؤدي أيضًا إلى السعال المزمن والجاف. في هذه الحالات، يهاجم جهاز المناعة الأنسجة السليمة في الجسم، بما في ذلك الأنسجة الرئوية والشعب الهوائية. نتيجة لهذا الهجوم المناعي، قد يُصاب الشخص بالسعال المستمر، بالإضافة إلى أعراض أخرى مثل الشعور بالتعب العام، الألم المفصلي، وطفح جلدي.
يمكن أن يتسبب التهاب الشعب الهوائية الناجم عن الذئبة في انسداد الممرات الهوائية، مما يؤدي إلى صعوبة في التنفس وسعال جاف مستمر.
10. السرطان الرئوي
في حالات نادرة، قد يكون السعال المزمن والجاف من أعراض سرطان الرئة. على الرغم من أن السعال لا يُعتبر عادة من الأعراض المبكرة لهذا المرض، إلا أنه قد يظهر لاحقًا كأحد العلامات المبكرة لتلف الأنسجة الرئوية. قد يزداد السعال سوءًا مع مرور الوقت، وقد يكون مصحوبًا بأعراض أخرى مثل ضيق التنفس، وفقدان الوزن غير المبرر، أو الدم في البلغم.
من المهم مراقبة أي تغيرات مستمرة في السعال، خاصة إذا كان مصحوبًا بأعراض أخرى غير مألوفة، حيث يمكن أن يكون هذا مؤشرًا على وجود مشكلة صحية خطيرة تتطلب استشارة طبية عاجلة.
11. التهاب الرئتين
التهاب الرئتين هو حالة عدوى تصيب الأنسجة الرئوية وتؤدي إلى تهيج الشعب الهوائية. في حالات معينة، قد يتسبب التهاب الرئتين في سعال جاف مزمن قد يطول حتى بعد علاج الالتهاب الأصلي. يُعتبر هذا النوع من السعال عادةً مصحوبًا بأعراض أخرى مثل الحمى، القشعريرة، وصعوبة في التنفس.
خلاصة
السعال المزمن والجاف هو عرض يمكن أن يكون ناتجًا عن العديد من الأسباب المختلفة التي تتراوح من حالات بسيطة مثل التهابات الجهاز التنفسي إلى أمراض مزمنة مثل الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن. من المهم أن يتم تقييم السعال المزمن بشكل دقيق من قبل الطبيب المتخصص من أجل تحديد السبب الدقيق والعلاج الأنسب.
