كيف تكتسب عادات جديدة وتستمر فيها

كيفية اكتساب عادة جديدة والاستمرار عليها: خطوات عملية لبناء عادات دائمة

إن اكتساب عادة جديدة والتمسك بها يعد من التحديات التي يواجهها الكثير من الناس، سواء كانت هذه العادة تتعلق باللياقة البدنية، تناول الطعام الصحي، تحسين الإنتاجية الشخصية أو حتى تبني أسلوب حياة أكثر استدامة. تعتبر العادات من اللبنات الأساسية التي تشكل حياتنا اليومية، ولكن تحويل السلوكيات الجديدة إلى عادات دائمة يتطلب تخطيطًا وعزيمة، بالإضافة إلى معرفة كيفية التكيف مع التحديات التي قد تظهر أثناء الطريق. في هذا المقال، سنقدم استراتيجيات مثبتة علميًا تساعد في بناء العادات الجديدة وتثبيتها في حياتنا اليومية، وصولًا إلى جعلها جزءًا لا يتجزأ من روتيننا المعتاد.

1. فهم أساسيات تكوين العادات

قبل الشروع في اكتساب عادة جديدة، من المهم أولًا أن نفهم كيفية تكوين العادات. العادة هي سلوك يتم تكراره بشكل مستمر بحيث يصبح جزءًا من روتيننا اليومي دون الحاجة إلى التفكير فيه. يشمل تكوين العادة ثلاث مراحل رئيسية:

• التحفيز: هو السبب أو الدافع الذي يجعلك تبدأ في ممارسة سلوك معين.

• السلوك: هو الفعل نفسه الذي تقوم به.

• التعزيز: هو المكافأة أو الشعور الجيد الذي تحصل عليه بعد القيام بالسلوك.

عندما تكرر هذا السلوك بمرور الوقت، تبدأ العادة في الترسخ، وتقل الحاجة إلى التفكير أو التحفيز المستمر.

2. تحديد الهدف بوضوح وبشكل محدد

من أكبر الأخطاء التي يرتكبها الكثير من الأشخاص عند محاولة اكتساب عادة جديدة هو تحديد الهدف بشكل غير واضح. لا يمكن البدء في بناء عادة جديدة إذا كان الهدف غير محدد أو غامض. على سبيل المثال، إذا قررت أن تصبح أكثر نشاطًا بدنيًا، فإن تحديد الهدف “أريد أن أكون أكثر صحة” ليس كافيًا. بدلاً من ذلك، يجب أن يكون الهدف واضحًا ومحددًا مثل “أريد ممارسة الرياضة لمدة 30 دقيقة، 3 أيام في الأسبوع.”

تحديد الهدف بدقة سيسهل عليك أيضًا تتبع تقدمك ومراقبة ما إذا كنت تلتزم بعادتك أم لا.

3. البدء بخطوات صغيرة

من أكثر النصائح فعالية عند محاولة اكتساب عادة جديدة هي البدء بخطوات صغيرة. غالبًا ما يفشل الناس عندما يبدأون بفرض تغييرات كبيرة في حياتهم دفعة واحدة، مما يسبب لهم الإرهاق والتعب النفسي. بدلاً من ذلك، يجب أن تبدأ بخطوات صغيرة قابلة للتحقيق، ثم تزيد تدريجيًا. على سبيل المثال، إذا كنت ترغب في القراءة يوميًا، لا تبدأ بقراءة ساعة كاملة يوميًا، بل ابدأ بخمس أو عشر دقائق يوميًا، ثم تزيد الوقت تدريجيًا مع مرور الأيام.

تبدأ العادة الجديدة بالترسيخ عندما يشعر الشخص بالتقدم البسيط والمستمر، وهذا يشجع على الاستمرار.

4. استخدام قاعدة الدقيقتين لتبسيط العادة

إحدى الطرق الفعالة لبناء العادات هي استخدام ما يعرف بـ “قاعدة الدقيقتين”، والتي تنص على أنه يجب أن تبدأ أي عادة جديدة بتصرف يمكن إتمامه في دقيقتين فقط. على سبيل المثال، إذا كنت ترغب في اكتساب عادة القراءة، فابدأ بقراءة صفحة واحدة فقط. الهدف هو أن تبدأ العادة بدون أن تشعر بالتعب أو الإرهاق، حيث يؤدي التكرار البسيط إلى تشجيعك على الاستمرار والتوسع في العادة.

تعمل قاعدة الدقيقتين على تخفيض الحاجز النفسي الذي قد يجعلك تتجنب بدء العادة، مما يجعلها أسهل للالتزام بها.

5. الربط بين العادة الجديدة وعادة قديمة

من الطرق الممتازة لزيادة فرص نجاحك في اكتساب عادة جديدة هي ربطها بعادة قديمة بالفعل تمارسها بشكل يومي. هذا ما يسمى بـ “الربط القوي للعادات”. على سبيل المثال، إذا كنت تريد شرب كوب من الماء في كل صباح، اربط ذلك بتناول فنجان من القهوة أو الشاي الذي تشربه عادةً. بهذه الطريقة، لا يتعين عليك أن تذكر نفسك بذلك، حيث يرتبط الفعل الجديد بالفعل بعادة قديمة.

العقل البشري يتكيف بسرعة مع الروتين، والربط بين العادات يسهل الالتزام بها.

6. إنشاء بيئة داعمة

تعتبر البيئة المحيطة بك أحد العوامل الهامة التي تؤثر على نجاحك في اكتساب العادات. حاول أن تخلق بيئة تسهل عليك القيام بالعادات الجديدة. على سبيل المثال، إذا كنت ترغب في تناول طعام صحي، حاول أن تملأ ثلاجتك بالأطعمة الصحية التي يسهل الوصول إليها، وتجنب تخزين الأطعمة غير الصحية. إذا كنت تحاول القراءة بشكل منتظم، ضع الكتب التي تنوي قراءتها في أماكن مرئية وقريبة منك، مثل على طاولة الطعام أو بجانب سريرك.

وجود بيئة داعمة يعزز من سهولة ممارسة العادات الجديدة ويقلل من التحديات اليومية التي قد تواجهها.

7. تتبع التقدم واحتفل بالنجاحات الصغيرة

من المهم أن تتتبع تقدمك في اكتساب العادة الجديدة. يساعد تتبع التقدم على تذكيرك بما حققته ويعزز من شعورك بالإنجاز. يمكن استخدام تقويم لتحديد الأيام التي تم فيها ممارسة العادة، أو حتى استخدام تطبيقات خاصة بتتبع العادات.

الاحتفال بالإنجازات الصغيرة، مثل الإشارة إلى أنك تمكنت من ممارسة العادة لعدة أيام متتالية، يساهم في تحفيزك على الاستمرار. حتى لو كانت هذه الإنجازات صغيرة، فإنها تعطيك دفعة قوية للاستمرار في تحقيق هدفك على المدى الطويل.

8. التحلي بالصبر والمثابرة

من الأشياء التي يجب أن تكون واضحًا بشأنها عندما تحاول اكتساب عادة جديدة هي أن العادات لا تتشكل بين عشية وضحاها. تتطلب العادات الجديدة وقتًا لتتأصل وتصبح جزءًا من حياتك اليومية. كما أن هناك أيامًا قد تشعر فيها بالإحباط أو أنك لا تحقق التقدم المطلوب، ولكن الاستمرارية والمثابرة هما المفتاح. قد لا ترى نتائج فورية، لكن مع مرور الوقت، سيبدأ النجاح في الظهور.

من الأفضل أن تتجنب الشعور بالذنب إذا فاتتك ممارسة العادة في يوم من الأيام. بدلاً من ذلك، استمر في العودة إليها في اليوم التالي دون أن تكثر من التفكير في الأخطاء السابقة.

9. مكافأة النفس عند تحقيق الهدف

من طرق تعزيز العادات والتمسك بها هي مكافأة نفسك عند تحقيق أهدافك. المكافأة تعتبر من أقوى محفزات السلوك البشري. عندما تحقق هدفًا معينًا مثل ممارسة الرياضة لمدة أسبوع كامل، كافئ نفسك بشيء تحبه، مثل مشاهدة فيلم مفضل أو تناول وجبة لذيذة.

المكافأة تعمل على تعزيز السلوك وتجعل من العادة الجديدة شيئًا أكثر إرضاءً. ومع مرور الوقت، تبدأ العادة نفسها في أن تصبح مكافأة ذاتية، حيث تشعر بالارتياح بمجرد إتمام الفعل.

10. التعلم من الفشل

لا يقتصر اكتساب العادات على النجاح فقط، بل يشمل أيضًا التعامل مع الفشل. في بعض الأحيان، قد تواجه صعوبة في التمسك بالعادة أو قد تتوقف عنها لفترة. لكن بدلاً من أن تشعر بالإحباط، تعلم من الفشل. حاول أن تعرف السبب الذي جعلك تتوقف عن ممارسة العادة، وابحث عن حلول لتجاوز تلك العوائق.

التعلم من الفشل هو جزء طبيعي من عملية اكتساب العادات، ويساعدك على تحسين استراتيجياتك المستقبلية وجعل العادة أكثر استدامة.

الخاتمة

إن اكتساب عادة جديدة ليست مهمة مستحيلة، لكنها تتطلب وقتًا وجهدًا مستمرين. من خلال البدء بخطوات صغيرة، تحديد أهداف واضحة، وإيجاد بيئة داعمة، يمكن لأي شخص أن يحقق النجاح في تحويل السلوكيات الجديدة إلى عادات دائمة. المفتاح هو التحلي بالصبر والمثابرة وعدم الاستسلام للفشل، بل استخدامه كفرصة لتحسين الأداء في المستقبل.