تطور الجنين في الشهر الثالث

الجنين في الشهر الثالث: التطور والنمو

يشهد الجنين في الشهر الثالث من الحمل تطورات ملحوظة تمهد لمرحلة جديدة في رحلة النمو والتطور. هذه الفترة من الحمل تعتبر مرحلة حاسمة في حياة الجنين حيث تبدأ أعضاء الجسم في التكوين بشكل أكثر وضوحاً وتكتسب العديد من الخصائص التي تجعل الجنين أكثر قدرة على التفاعل مع البيئة الداخلية للأم. يستعرض هذا المقال التطورات المختلفة التي تحدث للجنين خلال الشهر الثالث من الحمل، مع التركيز على التغيرات الجسدية والنفسية التي قد يمر بها كل من الأم والجنين.

تطور الجنين في الشهر الثالث

النمو الجسدي للجنين

في بداية الشهر الثالث، أي في الأسبوع التاسع من الحمل، يكون الجنين قد قطع شوطاً طويلاً في نموه وتطور أعضائه. يكون طوله في هذه المرحلة حوالي 5 إلى 7 سنتيمترات، ويزن قرابة 10 غرامات. ومع نهاية الشهر الثالث (أي في الأسبوع الثاني عشر)، يتراوح طوله بين 7 إلى 9 سنتيمترات ويصل وزنه إلى حوالي 15 إلى 20 غراماً. يمكن اعتبار هذه المرحلة بداية التكوين الكامل لبعض الأعضاء الأساسية في جسم الجنين، مما يعكس نموه المطرد والمتسارع.

تكوين الأعضاء الداخلية

في هذه المرحلة من الحمل، يكتمل تكوين معظم الأجهزة الداخلية للجنين. على سبيل المثال، تبدأ الكلى في العمل لإنتاج البول، وتبدأ الكبد في إفراز العصارة الصفراوية. كما يبدأ الجهاز الهضمي في التفاعل بشكل فعال، حيث يلتهم الجنين السائل الأمنيوسي الذي يحيط به. وعلى الرغم من أن الجنين لا يزال في بداية تطوره، إلا أن أعضاءه الداخلية أصبحت أكثر تخصصاً وتعمل بشكل منسجم، ما يعكس التقدم الكبير الذي تم إحرازه خلال هذه الفترة.

تطور الأعضاء الحركية

يبدأ الجنين في الشهر الثالث في ممارسة بعض الحركات الطفيفة التي قد تشعر بها الأم ولكن بشكل غير واضح. تشمل هذه الحركات تحريك الأطراف بشكل عشوائي، سواء كانت اليدين أو القدمين. كما تبدأ العضلات والأنسجة في النمو لتتيح له القدرة على القيام بحركات أكثر تنسيقاً في الأشهر المقبلة. ومع مرور الوقت، تبدأ حركة الجنين في أن تصبح أكثر وضوحاً ويمكن للأم الشعور بها في مرحلة لاحقة.

الوجه والتطور العصبي

يعد تطور الوجه من أبرز التطورات التي تحدث خلال الشهر الثالث من الحمل. في هذه المرحلة، تكون ملامح الوجه أكثر وضوحاً حيث تبدأ الأذنين في التحرك إلى موقعهما النهائي على جانبي الرأس، ويتخذ الأنف شكلًا أكثر دقة. كما يبدأ الجفن في التكون، لكنه يظل مغلقاً طوال الشهر الثالث. على الرغم من أن الجنين في هذه المرحلة لا يمكنه الرؤية، فإن جهازه العصبي بدأ في التكيف مع حركة العين والتفاعل مع الضوء. كما تنمو خلايا الدماغ بسرعة وتبدأ في توجيه الأوامر لبقية الجسم، مما يسمح للجنين بالقيام ببعض الحركات الإرادية في الأسابيع القادمة.

التغيرات التي تطرأ على الأم

أعراض الشهر الثالث

تعتبر الفترة التي تلي الشهر الثاني من الحمل مرحلة انتقالية للأم. ففي هذه الفترة، تبدأ بعض الأعراض التي عانت منها في الأسابيع الأولى من الحمل في التلاشي، مثل الغثيان والتعب المستمر. ومع ذلك، قد تواجه بعض النساء استمرار بعض الأعراض الخفيفة مثل التقلبات المزاجية، وزيادة في شهية الطعام أو نقصانها. كما قد تشعر الأم بتحسن عام في حالتها الصحية، مما يساعدها على التكيف بشكل أفضل مع التغيرات التي تطرأ على جسمها.

التغيرات الهرمونية

تستمر الهرمونات في التأثير على جسم الأم بشكل كبير، حيث تزداد مستويات هرمون “البروجسترون” و”الإستروجين”، مما يساهم في تحسين تدفق الدم إلى الرحم وتحفيز نمو الجنين. هذه التغيرات الهرمونية يمكن أن تؤثر على مزاج الأم، حيث قد تواجه بعض الحالات من التوتر أو القلق بسبب هذه الهرمونات المتقلبة. وعلى الرغم من هذه التغيرات، فإن معظم النساء يشعرن بزيادة في مستويات الطاقة في هذا الشهر.

العناية الصحية للأم في الشهر الثالث

من المهم خلال الشهر الثالث من الحمل أن تتابع الأم مع طبيبها المعالج للتأكد من أن الحمل يسير بشكل طبيعي. يوصي الأطباء في هذه المرحلة ببدء تناول الفيتامينات والمكملات الغذائية الموصى بها مثل حمض الفوليك، وذلك لتقليل احتمالات حدوث تشوهات في الأنبوب العصبي للجنين. كما يُنصح بالتركيز على نظام غذائي صحي يحتوي على العناصر الغذائية الأساسية مثل البروتينات، الفيتامينات، والمعادن لضمان توفير كل ما يحتاجه الجنين من العناصر الغذائية الأساسية.

تطور الجهاز العصبي للجنين

خلال الشهر الثالث من الحمل، يكون الجهاز العصبي للجنين في مرحلة تطور مهمة. في هذا الشهر، تبدأ خلايا الدماغ في التمايز والتخصص، وتبدأ الأعصاب في التواصل مع العضلات بشكل أفضل. تنمو الألياف العصبية بسرعة كبيرة، مما يمكّن الجنين من القيام بحركات أكثر تنسيقاً. يتطور الجهاز العصبي المركزي بشكل خاص ليبدأ في التحكم في وظائف الجسم الحيوية مثل التنفس، والهضم، والتحكم في حركة الأعضاء الداخلية.

تطور القلب والدورة الدموية

خلال الشهر الثالث، يكتمل تطور القلب ليبدأ في ضخ الدم بشكل فعال عبر الأوعية الدموية. في هذه المرحلة، يصبح بإمكان الأطباء سماع دقات قلب الجنين باستخدام جهاز السونار (الألتراساوند) الذي يسمح بتحديد سرعة وعدد دقات القلب. مع نهاية الشهر الثالث، يزداد حجم القلب ويتسارع نبضه ليصل إلى 160-180 نبضة في الدقيقة. كما يبدأ الجهاز الدوري في التفاعل مع الأجهزة الأخرى، حيث يبدأ الدم في التدفق عبر جميع أجزاء الجسم بشكل أكثر فعالية.

المشاعر النفسية للأم

تخضع الأم لتغييرات نفسية في الشهر الثالث نتيجة للتغيرات الهرمونية والجسدية التي تمر بها. بعض النساء قد يشعرن بمزيد من الارتياح النفسي بعد تجاوز مرحلة المخاطر التي ترافق الأشهر الأولى من الحمل. قد يكون الشهر الثالث هو بداية شعور الأم بالراحة أكثر، حيث يبدأ الجنين في النمو بشكل طبيعي وتزداد مستويات الطاقة لديها. بعض الأمهات قد يشعرن بزيادة ارتباطهن بالجنين نتيجة للتطورات الواضحة التي يمكن ملاحظتها في هذا الشهر، مما يساهم في تعزيز الرابط العاطفي بين الأم وطفلها.

الفحوصات الطبية في الشهر الثالث

يعد الشهر الثالث من الحمل وقتًا مهمًا لإجراء بعض الفحوصات الطبية التي قد تشمل اختبار الموجات فوق الصوتية (السونار) للكشف عن التطور الطبيعي للجنين. يمكن لهذه الفحوصات أن توفر للمرأة الحامل تفاصيل دقيقة عن وضع الجنين، مثل وجود أو عدم وجود تشوهات خلقية أو مشاكل صحية. كما قد يوصي الطبيب بعمل اختبارات فحص الدم لاكتشاف أي مشاكل محتملة تتعلق بمستوى السكر في الدم أو فقر الدم.

الختام

يعد الشهر الثالث من الحمل مرحلة حاسمة من حيث نمو الجنين وتطوره. في هذه الفترة، تكتمل العديد من أجهزة الجسم الأساسية، وتبدأ الأعضاء الداخلية في أداء وظائفها الحيوية. على الرغم من أن الجنين في هذه المرحلة لا يزال صغيراً جداً، إلا أن تحركاته تصبح أكثر وضوحاً، وتبدأ ملامح وجهه في التكوين. بالنسبة للأم، يعتبر الشهر الثالث بداية شعور بالراحة بعد الأسابيع الأولى التي كانت مليئة بالغثيان والتعب، حيث تبدأ في الشعور بمزيد من النشاط والاستقرار العاطفي. في هذه الفترة، من المهم أن تتابع الأم مع طبيبها وأن تتبع نظامًا غذائيًا صحيًا لضمان صحة الجنين وتطوراته السليمة.