كيف تساعد طفلك بعد التحرش

كيف تساعد طفلك على تخطي مرحلة تعرّضه للتحرش الجنسي؟

يعد التحرش الجنسي من أكثر التجارب المروعة التي قد يتعرض لها الأطفال، وهي تجربة تترك آثاراً عميقة في نفسية الطفل إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح. تُعد مرحلة تجاوز هذا النوع من الصدمات النفسية من المراحل الحرجة التي تحتاج إلى دعم نفسي وجسدي من الأسرة والمجتمع. في هذا المقال، سنتناول كيفية مساعدة الطفل على تخطي مرحلة تعرّضه للتحرش الجنسي وكيفية التعامل مع هذه المشكلة بطرق آمنة وفعّالة.

1. الاستماع للطفل بأذن صادقة

أول خطوة في مساعدة الطفل على تخطي تجربة التحرش هي أن تشعره بالأمان وتسمح له بالتحدث عن تجربته دون الخوف من الانتقاد أو اللوم. من المهم أن يشعر الطفل أنه في بيئة آمنة يمكنه فيها التعبير عن مشاعره ومخاوفه. لا تحاول التدخل بشكل سريع أو دفع الطفل للكلام عن التفاصيل، ولكن دع الطفل يختار الوقت الذي يشعر فيه بالراحة للتحدث.

من المهم أن تكون كلماتك لطيفة وتعبر عن الدعم والتفهم. تجنب إظهار الصدمة أو الغضب عند سماع القصة؛ حيث يمكن أن يشعر الطفل بالذنب أو الخوف إذا شعر برد فعل مبالغ فيه من قبل الوالدين أو المحيطين.

2. التأكيد على أن الطفل ليس مذنبًا

قد يشعر الطفل بالذنب أو الخجل بعد تعرّضه للتحرش الجنسي، خاصة إذا كانت التجربة قد تسببت في ارتباكه أو خوفه. لذلك، من الضروري التأكيد له بأن ما حدث ليس خطأه وأنه ليس مسؤولاً عن الأفعال التي قام بها المعتدي. يمكن أن يؤدي شعور الطفل بالذنب إلى مشاكل نفسية طويلة الأمد مثل القلق والاكتئاب، لذا تأكد من أن الطفل يدرك تمامًا أنه لم يكن هو السبب في ما حدث.

3. البحث عن مساعدة مختصة

من أفضل الطرق لدعم الطفل في هذه المرحلة هو اللجوء إلى أخصائي نفسي متخصص في التعامل مع الأطفال الذين تعرضوا للتحرش الجنسي. يستطيع المعالج النفسي تقديم الأدوات والطرق المناسبة لمساعدة الطفل على التحدث عن مشاعره وتجاوز الآلام التي تعرض لها. العلاج النفسي ليس فقط للأطفال الذين تعرضوا للتحرش، بل هو مهم أيضًا للأهل الذين قد يعانون من مشاعر الذنب والصدمة.

الاستعانة بمعالج متخصص يساعد في توفير بيئة مناسبة للطفل لتعلم كيفية التعامل مع مشاعره بطرق صحية وآمنة. قد يستخدم الأخصائي تقنيات مثل العلاج باللعب أو العلاج السلوكي المعرفي لمساعدة الطفل على التعبير عن مشاعره دون الشعور بالضغط.

4. مساعدة الطفل في استعادة شعوره بالأمان

من الطبيعي أن يشعر الطفل بالخوف الشديد بعد تعرضه للتحرش الجنسي. في هذه المرحلة، يجب العمل على إعادة الشعور بالأمان له. قد تشمل هذه العملية تأكيد أن المنزل مكان آمن، وأنه يمكنه دائمًا اللجوء إلى الوالدين أو شخص بالغ موثوق به إذا شعر بالخطر. كما يجب تعليم الطفل كيفية تحديد حدود شخصيته وعدم السماح لأي شخص بتجاوز هذه الحدود.

إن مشاركة الطفل في الأنشطة التي تمنحه شعوراً بالأمان مثل الرياضة أو الفنون قد تساعده في تقوية ثقته بنفسه وتخطي مشاعر العجز والضعف.

5. التحدث عن الحماية الشخصية بشكل مستمر

من المهم أن يُعلم الطفل حقوقه الجسدية وكيفية حماية نفسه. يمكن أن يتم ذلك من خلال تعليم الطفل عن الحدود الشخصية والموافقة، وأهمية أن يقول “لا” إذا شعر بعدم الارتياح تجاه تصرفات شخص آخر. يجب أن يفهم الطفل أن جسده ملك له فقط وأنه لا ينبغي لأحد أن يلمسه أو يعامله بطريقة تجعله يشعر بعدم الراحة.

تُعتبر التثقيفات الجنسية المناسبة لمرحلة الطفل العمرية جزءًا أساسيًا في الوقاية من التحرش، مما يساعد الطفل على تمييز السلوكيات غير المقبولة وإبلاغ الشخص البالغ المسؤول عنها.

6. مراقبة سلوك الطفل بعد الحادثة

من المهم مراقبة سلوك الطفل بعناية بعد الحادثة. قد تظهر بعض العلامات التي تشير إلى أن الطفل يعاني من آثار نفسية جراء ما حدث، مثل:

• الانسحاب الاجتماعي أو العزلة.
• تغيرات في السلوك مثل التبول اللاإرادي أو قلة الشهية.
• الشعور بالخوف أو القلق المستمر.
• اضطرابات النوم أو الكوابيس.

إذا لاحظت أي من هذه العلامات، يجب التحدث مع الطفل بشكل لطيف وبدون ضغط للتعرف على ما يشعر به، ومحاولة العمل مع أخصائي لمساعدته في معالجة هذه المشاعر.

7. الحفاظ على الروتين اليومي للطفل

في أوقات الأزمات، يمكن أن يشعر الطفل بالفوضى وعدم الاستقرار. يساعد الحفاظ على الروتين اليومي للطفل في إعطائه شعورًا بالطمأنينة والانتظام. ينبغي إعادته إلى المدرسة أو الأنشطة التي كان يشارك فيها قبل الحادثة، إذا كان ذلك ممكنًا. هذا يساهم في استعادة إحساسه بالأمان والروتين الطبيعي للحياة.

8. توفير الدعم العاطفي المستمر من الأسرة

يجب أن يشعر الطفل بدعم دائم من أسرته. من خلال التفاعل المستمر مع الطفل وتوفير بيئة داعمة، يمكن للأسرة مساعدته في التأقلم مع الموقف. لا ينبغي للأسرة أن تكتفي بالحديث عن الحادثة مرة واحدة فقط، بل يجب أن تكون على استعداد دائم للاستماع إلى مشاعر الطفل وتوفير الدعم العاطفي المستمر له. إن القرب العاطفي من الأهل في هذه المرحلة يعزز من قدرة الطفل على الشفاء والتغلب على مشاعره السلبية.

9. إجراءات قانونية إذا لزم الأمر

إذا كان هناك حاجة لإجراءات قانونية، مثل تقديم شكوى للشرطة أو اتخاذ خطوات قانونية ضد المعتدي، يجب أن يتم ذلك بحذر شديد ومع مراعاة مصلحة الطفل أولاً. يمكن أن يساعد الأطباء أو المحامون المتخصصون في هذه الحالات على إرشاد الأهل للخطوات الصحيحة لضمان حماية الطفل والعدالة.

10. التفكير في المستقبل وتجنب الأذى المستمر

من المهم أن يعمل الأهل على التأكد من أن الطفل لا يتعرض لأي شكل آخر من أشكال الأذى أو التحرش في المستقبل. يمكن القيام بذلك من خلال فحص الأشخاص الذين يختلط بهم الطفل، والتأكد من أن البيئة المحيطة به آمنة. كما يمكن تعليم الطفل كيفية التعرف على السلوكيات غير السليمة وكيفية التصرف حيالها.

الخلاصة

تعد مرحلة تجاوز الطفل لتجربة التحرش الجنسي من أكثر التحديات التي قد تواجه الأسرة، ويتطلب الأمر دعمًا مستمرًا ورعاية خاصة. من خلال الاستماع بعناية، توفير الأمان العاطفي، واللجوء إلى الدعم المهني المتخصص، يمكن للأطفال أن يتغلبوا على هذه التجربة المؤلمة. من خلال تدابير وقائية وتعليمية، يمكن للأسرة أن تساهم بشكل فعال في مساعدة الطفل على بناء حياة سليمة وآمنة بعيدًا عن آثار الصدمة.

إذا كنت في حاجة إلى مساعدة إضافية، فإن التواصل مع أطباء نفسيين أو مراكز الدعم الخاصة بالأطفال يمكن أن يكون خطوة مهمة في عملية الشفاء.