فقدان الأحباء هو من أصعب التجارب التي قد يمر بها الإنسان، وتعدّ من أقوى الصدمات النفسية التي تترك أثراً عميقاً في قلب كل من يعايشها. وعندما نفقد شخصاً عزيزاً علينا، يمر الأهل والأصدقاء بحالة من الحزن الشديد، وتتراكم عليهم مشاعر من الألم والفراغ، لذا فإن من واجب المجتمع أن يقدم الدعم والمواساة لهم في هذه الأوقات الصعبة. في هذا المقال، سنستعرض طرقاً متنوعة وفعّالة لدعم وتقديم العزاء لأهل الميت، وذلك من خلال تقديم الإرشادات التي يمكن أن تساعد في تخفيف الألم والمساهمة في الصبر على المصاب.
1. التعاطف والمواساة العاطفية
أحد أهم أساليب دعم أهل الميت هو تقديم التعاطف والمواساة العاطفية. فالكلمات الطيبة والمشاعر الصادقة قد تكون لها تأثير كبير في تخفيف الألم. لا يجب أن تكون المواساة بالكلمات فقط، بل يمكن أن تكون بتعبيرات مثل التواجد بجانبهم والاستماع إليهم. فالشخص الذي فقد عزيزاً يحتاج إلى أن يشعر بأن هناك من يهتم به ويشعر بألمه.
من المهم أن تتجنب استخدام كلمات قد تبدو غير مناسبة أو قد تؤذي مشاعر الحزن. كلمات مثل “كل شيء بيد الله” أو “كان من نصيبه” قد تكون قاسية في بعض الأحيان، لذا من الأفضل أن تركز على كلمات تشعر الشخص المصاب بالراحة مثل “أنا هنا من أجلك” أو “أنت لست وحدك في هذه المحنة”.
2. الصلاة والدعاء
الدعاء من أبلغ وسائل التخفيف التي يمكن أن تقدم لأهل الميت. فالدين يعد مصدراً قوياً من مصادر الصبر والسلوان، والدعاء للميت بالرحمة والمغفرة هو أمر يشجع العائلة على التمسك بالأمل في هذه اللحظات العصيبة. كما أن الدعاء لأهل الميت بالصبر والتسليم لإرادة الله يساعد في تقوية إيمانهم ورفع معنوياتهم.
إلى جانب الدعاء، يمكن دعوة أهل الميت إلى إقامة الصلاة في جماعة أو قراءة القرآن، خاصة السور التي تتميز بالسكينة والطمأنينة، مثل سورة الفاتحة وسورة الإخلاص.
3. التواجد الجسدي والدعم المادي
التواجد المادي في هذا الوقت الحرج له أهمية كبيرة. ليس من الضروري أن يكون هناك حديث مستمر أو حديث طويل؛ قد يكون مجرد الجلوس معهم في صمت أو تقديم مساعدة عملية في تحضير الطعام أو العناية بالأطفال كافياً. أحياناً، لا تكون الكلمات كافية لتخفيف الألم، ولكن وجودك الجسدي يعكس الدعم العاطفي الذي يحتاجه الشخص المتألم.
كذلك يمكن تقديم الدعم المادي، كالمساهمة في ترتيبات الدفن أو في العزاء أو حتى مساعدتهم في الأعمال اليومية التي قد تكون صعبة في ظل الحزن. هذه المساعدات تعتبر بمثابة رسالة دعم واهتمام، وتخفف عنهم عبء الكثير من التكاليف أو الأعمال التي قد تضاعف معاناتهم.
4. تشجيع الذكر والتأمل الروحي
غالباً ما يشعر أهل الميت بفراغ روحي بعد الفقد. من الطرق الفعالة لمساعدتهم على الصبر هو تشجيعهم على ممارسة الذكر والتأمل الروحي. يمكن أن يكون ذلك عن طريق ذكر الله أو قراءة الأذكار اليومية مثل أذكار الصباح والمساء. فإن الذكر يهدئ النفس ويمنح الشخص طمأنينة في أوقات الألم.
كذلك يمكن أن يشجعهم بعض الأشخاص على القيام بأعمال خيرية باسم الميت، مثل التبرع للأعمال الخيرية أو توزيع الطعام على الفقراء، وهو ما يسهم في تخفيف الشعور بالحزن ويعزز لديهم مشاعر الأمل.
5. تجنب الضغط الزمني
يجب أن يتفهم الجميع أن كل شخص يتعامل مع الحزن بطريقة مختلفة. البعض قد يحتاج إلى وقت طويل ليتمكن من تخطي الألم، بينما قد يحتاج آخرون إلى وقت أقل. لذا من المهم تجنب الضغط على أهل الميت من أجل أن “يتجاوزوا” الحزن سريعاً. يجب أن يُسمح لهم بالوقت اللازم للتعبير عن مشاعرهم والحزن على فقدان أحبائهم دون الشعور بالذنب أو الضغوط من الآخرين.
المواساة لا تعني فقط الانتهاء من الجنازة والعزاء، بل هي عملية طويلة تستمر في الأيام والأسابيع التي تلي الحدث. يجب أن يتم احترام الحزن الخاص بهم، مع السماح لهم بالاستمرار في حياتهم بما يتناسب مع مشاعرهم.
6. التواصل المستمر بعد فترة العزاء
غالباً ما يشعر أهل الميت بأن الدعم يقل بعد فترة من الوقت، بعد أن تنتهي فترة العزاء ويعود الناس إلى حياتهم الطبيعية. لكن استمرار التواصل معهم بعد العزاء له تأثير إيجابي للغاية. يمكن إرسال رسائل دعم، أو تقديم عروض للمساعدة في أعمال معينة، أو حتى مجرد الاطمئنان على حالتهم النفسية والصحية.
هذا التواصل المستمر يمنحهم شعوراً بأنهم لم يُترَكوا بمفردهم في محنتهم، ويسهم في تعزيز ارتباطهم الاجتماعي، مما يخفف عنهم وحدتهم.
7. الصبر على قدر الله
من الأمور التي يجب أن يتم التأكيد عليها لأهل الميت هي أهمية الصبر على القضاء والقدر. فالفقد جزء من الحياة، ويجب أن يتم تذكيرهم بأن ما حدث هو جزء من إرادة الله، وأن ما عند الله خير وأبقى. هذا المفهوم الديني يساعد في تهيئة الشخص لقبول المصيبة والصبر عليها، ويعزز من إيمانه بأن الله قادر على تعويضه بما هو خير.
8. تقديم النصائح بإيجابية
عند تقديم النصائح لأهل الميت، يجب أن تكون النصائح إيجابية وبعيدة عن السلبية. النصائح يجب أن تحفزهم على العيش بطريقة تجعلهم يشعرون بالراحة، مثل أهمية الحفاظ على الصحة النفسية والبدنية، وكيفية التعامل مع مشاعرهم بطرق صحية مثل ممارسة الرياضة أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
إنَّ الدعم المعنوي، الروحي والجسدي يمكن أن يساعد أهل الميت في تخطي مرحلة الحزن والمضي قدماً في حياتهم، متسلحين بالإيمان والتفاؤل.
