أثر ابن خلدون في تطور علم الاجتماع بشكل كبير، إذ قدم مفهومًا جديدًا للتاريخ والتحول الاجتماعي، وهذا يمكن أن ينظر إليه على أنه علم الاجتماع. ومن خلال كتابه “المقدمة” الذي يعد من أهم الأعمال في التاريخ، قدم ابن خلدون رؤية مفصلة للتطور الاجتماعي والتاريخي للعالم الإسلامي، وفيه أشار إلى أهمية العوامل الاجتماعية في تحديد اتجاه التاريخ وتطوره.
وقد أسس ابن خلدون لفكرة مفهومية للدراسات الاجتماعية، وهو ما تبنَّاه العلماء في القرن الـ19، حيث قدموا أول تعريف للعلم الاجتماعي على أساس فكرة ابن خلدون. وتأثر الكثير من المؤرخين والعلماء الاجتماعيين بفكرة ابن خلدون، وقد ضمن كتابه نظريات جديدة عن العلاقة بين الحضارات والأجناس والعوائل، وأشار أيضا إلى العديد من المفاهيم المتعلقة بعلم الاجتماع، مثل حركة الانحراف الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية.
بالإضافة إلى ذلك، أسهم ابن خلدون في تطور المنهجية العلمية في الدراسات الاجتماعية، حيث أشار إلى ضرورة البحث العلمي وإجراء الدراسات الميدانية وتحليل البيانات بشكل صحيح، من أجل تطوير معرفة المجتمع وفهمه بشكل أفضل.
وأخيرًا، قدم ابن خلدون نظرية جديدة عن مفهوم الدولة والحكم، وأشار إلى أن الدولة تنبعث من المجتمع ولا يمكنها أن تنفصل عنه، وهو ما اعتبره العلماء بشكل كبير كإسهام كبير في تطور فهمهم لدور الحكومة والدولة وعلاقاتها بالمجتمع في العلوم الاجتماعية.