كيفية معرفة القدرة على الإنجاب: دليل شامل لفهم الخصوبة عند الرجال والنساء

تُعد القدرة على الإنجاب من أهم الجوانب الصحية التي تؤثر على حياة الأفراد والأسر، فهي ترتبط بسلامة الجهاز التناسلي وجودة الوظائف البيولوجية التي تسمح بحدوث الحمل والولادة. ويعد تقييم القدرة على الإنجاب من المواضيع الطبية الدقيقة التي تتطلب فهماً متكاملاً للتغيرات الفسيولوجية، والعوامل البيئية، والنمط الحياتي، بالإضافة إلى الفحوصات الطبية الدقيقة.

في هذا المقال، سيتم تقديم شرح مفصل وواسع حول كيفية معرفة القدرة على الإنجاب، مع التركيز على الفحوصات والإجراءات الطبية التي تساعد في تحديد الخصوبة عند كل من الرجال والنساء، بالإضافة إلى الأسباب التي تؤثر على القدرة الإنجابية وسبل التشخيص العلمي والموضوعي.

مفهوم القدرة على الإنجاب

القدرة على الإنجاب تشير إلى القدرة الفسيولوجية لإنتاج نطفة أو بويضة سليمة وقادرة على التلقيح، إلى جانب وجود بيئة رحمية مناسبة لاستقبال البويضة المخصبة واستمرار الحمل. تعني القدرة على الإنجاب بشكل عام أن الجهاز التناسلي يعمل بطريقة طبيعية، دون معوقات تمنع أو تعرقل حدوث الحمل.

تختلف القدرة على الإنجاب بين الرجال والنساء من حيث آلية التقييم والعوامل المؤثرة، لكنها تتطلب تعاون الطرفين لفهم الحالة بشكل كامل. لذلك، يعتمد تقييم القدرة الإنجابية على تحليل عدة عوامل بيولوجية، بالإضافة إلى إجراء الفحوصات المخبرية والطبية المتخصصة.

تقييم القدرة على الإنجاب عند النساء

1. دورة الحيض والخصوبة

تعد دورة الحيض الشهرية أول مؤشر على خصوبة المرأة، فهي تعكس انتظام التبويض وإمكانية حدوث الحمل. الدورة المنتظمة (عادة كل 28 يوماً) تشير إلى وظيفة بيولوجية سليمة، في حين أن عدم انتظام الدورة أو غيابها قد يشير إلى مشاكل في التبويض.

• التبويض: هو إطلاق البويضة الناضجة من المبيض، ويحدث عادة في منتصف الدورة الشهرية. عدم حدوث التبويض هو سبب رئيسي للعقم لدى النساء.

• مدة الدورة: تختلف من امرأة لأخرى، ويجب متابعة التغيرات الهرمونية المرتبطة بها لتقييم الخصوبة.

2. الفحوصات الهرمونية

يتم قياس مستويات عدة هرمونات مهمة لتنظيم الدورة والإنجاب، مثل:

• هرمون الحليب (البرولاكتين): ارتفاعه قد يمنع التبويض.

• الهرمون المنشط للجريب (FSH) والهرمون اللوتيني (LH): يتحكمان في نضوج البويضة.

• هرمون الاستروجين والبروجسترون: تقييم وظائف المبيض والرحم.

• الهرمونات الدرقية: اضطراباتها تؤثر سلباً على الدورة والإنجاب.

3. فحص هرمون الموجهة الغونادوتروبين المشيمائية (hCG)

يقيس هذا الهرمون في الدم أو البول للكشف عن الحمل، لكنه أيضاً يستخدم في بعض الحالات لتقييم وظيفة الحمل في المختبرات.

4. تصوير الجهاز التناسلي

• الموجات فوق الصوتية (السونار): تساعد في تقييم شكل وحجم الرحم والمبيضين، وجود تكيسات أو أورام، وعدد وحجم الجريبات.

• تصوير الرحم بالصبغة (HSG): يفحص قناة فالوب والرحم، حيث تُحقن صبغة خاصة ويتم تصويرها بالأشعة للكشف عن الانسدادات أو التشوهات.

• التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): في حالات معينة لتقييم تشوهات الجهاز التناسلي بدقة عالية.

5. اختبار جودة البويضة

يُعتمد على تقييم مخزون المبيض عبر قياس هرمون AMH (Anti-Müllerian Hormone) وعدد الجريبات الصغيرة التي تظهر بالسونار، ما يعكس احتياطي المبيض وقدرته على إنتاج بويضات قابلة للإخصاب.

6. تقييم بطانة الرحم

سلامة وسماكة بطانة الرحم ضرورية لزرع البويضة المخصبة. يتم تقييم ذلك عبر السونار أو خزعة بطانة الرحم، حيث تشير سماكة البطانة بين 7 إلى 14 ملم عادةً إلى بيئة مناسبة للحمل.

7. فحص العدوى والأمراض المنقولة جنسياً

بعض الالتهابات مثل التهاب الحوض والعدوى بفيروسات أو بكتيريا معينة تؤثر على الخصوبة، لذا يتم عمل فحوصات مخبرية للكشف عن هذه الالتهابات وعلاجها.

تقييم القدرة على الإنجاب عند الرجال

1. تحليل السائل المنوي (Semen Analysis)

يُعد التحليل الأساسي لتقييم خصوبة الرجل، حيث يتم فحص عدة معايير تشمل:

• عدد الحيوانات المنوية: يجب أن يكون العدد كافياً، حيث يعد العدد الطبيعي حوالي 15 مليون حيوان منوي لكل ملليلتر.

• الحركة (الحيوية): نسبة الحيوانات المنوية المتحركة مهمة، والحركة الطبيعية يجب أن تكون أكثر من 40%.

• الشكل: شكل الحيوانات المنوية يؤثر على قدرتها على اختراق البويضة.

• حجم السائل المنوي: نقص الحجم قد يشير إلى مشاكل في إنتاج السائل.

• درجة الحموضة (pH): تؤثر على حيوية الحيوانات المنوية.

• وجود خلايا الدم البيضاء أو كريات الدم الحمراء: قد يشير إلى التهاب.

2. فحص الهرمونات الذكرية

• هرمون التستوستيرون: الهرمون الأساسي لإنتاج الحيوانات المنوية.

• هرمون FSH وLH: مسؤولان عن تنظيم إنتاج الحيوانات المنوية.

• هرمون البرولاكتين: ارتفاعه قد يسبب اضطرابات في الخصوبة.

3. الفحص السريري

يقوم الطبيب بفحص الخصيتين، والحبل المنوي، والغدد التناسلية، للكشف عن:

• وجود دوالي الخصية التي تؤثر على تدفق الدم وحرارة الخصية.

• تضخم أو تشوهات قد تؤثر على إنتاج الحيوانات المنوية.

4. فحص الجينات

في حالات العقم غير المبرر، قد يُطلب تحليل جينات معينة مثل الكروموسومات أو الطفرات التي قد تسبب مشاكل في إنتاج الحيوانات المنوية.

5. اختبار وظيفة القذف

تقييم كمية السائل المنوي المتدفق ووجود أي مشاكل في القذف مثل القذف العكسي أو الانسداد.

عوامل تؤثر على القدرة الإنجابية عند الجنسين

العوامل البيئية والنمط الحياتي

• التدخين: يؤثر سلباً على جودة الحيوانات المنوية والبويضات.

• تناول الكحول والمخدرات: يؤدي إلى اضطرابات هرمونية وضعف إنتاج الخلايا التناسلية.

• التغذية غير المتوازنة: نقص بعض الفيتامينات والمعادن يؤثر على الخصوبة.

• الضغط النفسي: يؤثر على الهرمونات الجنسية ويؤدي إلى اضطرابات في التبويض والقذف.

• التعرض للسموم والمواد الكيميائية: مثل المبيدات الحشرية والمعادن الثقيلة.

• السمنة والوزن الزائد أو النقص الشديد في الوزن: تؤثر على الهرمونات وتوازن الجسم.

الأمراض المزمنة

• مرض السكري، اضطرابات الغدة الدرقية، وأمراض القلب والكبد تؤثر على الخصوبة.

• الالتهابات المزمنة وأمراض الجهاز التناسلي.

العوامل الطبية والجراحية

• التعرض لعمليات جراحية في الجهاز التناسلي أو الحوض.

• تاريخ الإصابات أو الحوادث التي تؤثر على الأعضاء التناسلية.

• العلاجات الكيميائية والإشعاعية في حالات السرطان.

مراحل تقييم القدرة على الإنجاب

تبدأ عملية تقييم الخصوبة عند الزوجين بتاريخ طبي مفصل يشمل:

• مدة الزواج والرغبة في الإنجاب.

• تاريخ الحيض والطمث عند المرأة.

• وجود أمراض مزمنة أو التهابات.

• العادات الحياتية مثل التدخين، الكحول، والنظام الغذائي.

• وجود أعراض مثل ألم، إفرازات، أو اضطرابات جنسية.

تلي ذلك الفحوصات المخبرية والسريرية لكل من الزوجين، مع إمكانية اللجوء إلى اختبارات إضافية بناءً على نتائج الفحوصات الأولية.

تقنيات مساعدة لتحديد الخصوبة

في بعض الحالات التي يصعب فيها تشخيص المشكلة بدقة، أو في حالات العقم المستعصي، يتم اللجوء إلى تقنيات متقدمة مثل:

• تحليل الحيوانات المنوية بتقنيات متقدمة: مثل تقييم الحمض النووي (DNA fragmentation) للحيوانات المنوية.

• تنظير الرحم وتنظير البطن: للكشف عن انسدادات أو التهابات داخلية.

• تقنيات التلقيح الصناعي (IVF) والحقن المجهري (ICSI): تستخدم عندما تكون هناك مشاكل في الإخصاب الطبيعي.

• تقييم احتياطي المبيض باستخدام تقنيات السونار المتقدمة والهرمونات.

جدول مقارنة بين فحوصات القدرة على الإنجاب عند الرجال والنساء

خلاصة

معرفة القدرة على الإنجاب تعتمد على تقييم شامل ومتكامل لكل من الجهاز التناسلي للمرأة والرجل، بداية من التاريخ الطبي مروراً بالفحوصات الهرمونية والمخبرية وصولاً إلى تقنيات التصوير والفحوصات المتقدمة. تساهم هذه الفحوصات في تشخيص الأسباب الدقيقة للعقم أو ضعف الخصوبة، مما يمكن من اتخاذ الإجراءات المناسبة لعلاجها وتحسين فرص الإنجاب. تؤثر العديد من العوامل الحياتية والبيئية على الخصوبة، لذا لا بد من الاهتمام بأسلوب الحياة الصحي المتوازن إلى جانب المتابعة الطبية الدقيقة.

المصادر

1. Mayo Clinic – Fertility testing: https://www.mayoclinic.org/tests-procedures/fertility-tests/about/pac-20385242

2. American Society for Reproductive Medicine – Fertility Evaluation: https://www.asrm.org/topics/topics-index/fertility-evaluation/