كيفية كتابة رسالة شخصية

كيفية كتابة رسالة شخصية

الرسائل الشخصية تمثل أحد أقدم أشكال التواصل البشري وأكثرها تأثيرًا على العلاقات بين الأفراد. تختلف الرسائل الشخصية عن الرسائل الرسمية أو المهنية في طابعها العاطفي والإنساني، فهي تحمل في طياتها مشاعر وخواطر وأفكارًا حرة تُعبّر عن مشاعر الكاتب تجاه المستقبل أو المرسل إليه. قد تكون هذه الرسائل قصيرة أو طويلة، رسمية أو غير رسمية، ولكن يبقى الهدف الأساسي منها هو التواصل الشخصي المباشر والحميم بين الأفراد.

إن كتابة رسالة شخصية ليست مجرد فعل لغوي، بل هي تعبير عن علاقة، سواء كانت علاقة صداقة، حب، شكر، مواساة، أو حتى تعبير عن مشاعر الفرح والحزن. فكتابة الرسائل تتطلب وعيًا بمحتوى الرسالة، والأسلوب الأنسب لها، والهدف من إرسالها، بالإضافة إلى مراعاة بعض القواعد التي تضمن وضوح الفكرة وجودة التعبير.

1. مقدمة الرسالة الشخصية

المقدمة في الرسالة الشخصية عادة ما تتضمن تحية للمرسل إليه. وعادة ما تكون هذه التحية حميمية أو دافئة لتعكس طبيعة العلاقة بين الكاتب والمستلم. فعلى سبيل المثال، إذا كانت الرسالة موجهة لصديق، فإن التحية ستكون أكثر قربًا، مثل: “أخي العزيز”، “أصدقائي الأحباء”، أو “حبيبي”. أما إذا كانت الرسالة موجهة إلى شخص في مستوى أقل من الألفة، فقد تكون التحية أكثر رسمية، مثل: “إلى السيد/السيدة”.

تُعتبر المقدمة فرصة مهمة للمرسل للتعبير عن شعوره في اللحظة التي يكتب فيها الرسالة. يمكن أن تشمل بعض الكلمات عن حالته الشخصية أو ملاحظات حول الأحداث الجارية. على سبيل المثال، قد تبدأ الرسالة بالقول: “أتمنى أن تجدك هذه الرسالة في أحسن حال” أو “لقد مر وقت طويل منذ آخر مرة تحدثنا فيها، وآمل أن تكون بخير”.

2. المحتوى الرئيسي للرسالة

المحتوى هو العنصر الأكثر أهمية في الرسالة الشخصية. هذا هو الجزء الذي يتحدث فيه الكاتب عن موضوع الرسالة بكل تفصيل، ويعبر عن مشاعره وأفكاره بطريقة تلامس مشاعر القارئ. من المهم هنا أن يكون الكاتب صادقًا في تعبيره، وأن يوضح ما يريد قوله بشكل مباشر، مع مراعاة النبرة العامة للرسالة.

أ. الموضوع العاطفي:
إذا كانت الرسالة تحمل طابعًا عاطفيًا، مثل رسالة حب أو رسالة اعتذار، فإنه يجب أن يكون التعبير عن المشاعر صريحًا، بعيدًا عن التعقيد أو التكلف. يمكن للكاتب أن يصف مشاعره بصدق، مثل: “لقد كنت أفكر فيك كثيرًا مؤخرًا” أو “أشعر بالحزن لأنني لم أتمكن من رؤيتك هذا الأسبوع”.

ب. الموضوع الشخصي:
في حال كانت الرسالة تتعلق بمواقف أو أحداث شخصية، يمكن للكاتب أن يشارك التفاصيل بشكل مطول. مثلًا، إذا كان الكاتب يكتب إلى صديق قديم ليحدثه عن تجربة سفر أو حدث معين في حياته، يمكنه أن يصف تجربته وأحاسيسه بكل تفاصيلها: “لقد زرت المكان الذي حلمت به طوال حياتي، وكان شعورًا لا يوصف أن أراه أخيرًا”.

ج. التوجيهات أو النصائح:
في بعض الأحيان، قد تكون الرسالة الشخصية موجهة إلى شخص مقرب، حيث يرغب الكاتب في تقديم نصيحة أو إرشاد. في هذه الحالة، من المهم أن تكون النصائح موجهة بلغة لطيفة وداعمة. على سبيل المثال: “أعلم أن الأمور قد تكون صعبة الآن، لكنني واثق أنك ستتجاوز هذه المحنة بسهولة”.

3. نبرة الرسالة

النبرة في الرسالة الشخصية هي جزء أساسي من كيفية إيصال الرسالة. يجب أن تكون النبرة متوافقة مع الموقف والعلاقة بين المرسل والمستقبل. فالنبرة في رسالة شخصية إلى حبيب تختلف عن النبرة التي تستخدم في رسالة إلى صديق أو حتى إلى شخص لم تلتقِ به منذ فترة طويلة.

أ. النبرة الحميمية:
إذا كانت الرسالة موجهة إلى شخص مقرب، فإن النبرة تكون أكثر دافئة وعاطفية. يمكن استخدام عبارات مثل: “أفتقدك كثيرًا” أو “أنت دائمًا في بالي”. الهدف هنا هو إشعار الشخص الآخر بقوة العلاقة والارتباط العاطفي.

ب. النبرة المشجعة:
عندما تكتب رسالة لشخص يمر بتجربة صعبة، من الأفضل استخدام نبرة مشجعة ومحفزة. العبارات مثل: “أنت قوي بما يكفي لتجاوز هذا” أو “أنا هنا من أجلك مهما كان” تساعد في تقوية الروابط بين الأشخاص وتقديم الدعم العاطفي.

ج. النبرة الاحترافية:
في بعض الحالات، قد تكون الرسالة الشخصية موجهة إلى شخص في محيطك المهني، لكن لا تزال تحمل طابعًا شخصيًا. في هذه الحالة، تكون النبرة أقل حميمية، لكنها ما زالت تحمل طابع الاحترام والود.

4. الختام

الختام هو نهاية الرسالة الشخصية، ويعتمد بشكل كبير على نوع العلاقة التي تربط الكاتب بالمستلم. في رسائل الحب والصداقة، قد يكون الختام أكثر عاطفية، مثل: “أنت دائمًا في قلبي” أو “أنت حبي الأبدي”. أما في الرسائل الأخرى التي تكون أقل حميمية، فيمكن استخدام عبارات أكثر بساطة مثل: “أرجو أن أسمع منك قريبًا” أو “أنتظر ردك بفارغ الصبر”.

تُعتبر الجمل الختامية مهمة لأنها تترك انطباعًا لدى المرسل إليه. وبالإضافة إلى العبارة الختامية، قد يضيف الكاتب توقيعه الشخصي إذا كانت الرسالة مكتوبة يدويًا، أو حتى إشارة إلى موعد قريب للتواصل مرة أخرى.

5. أسلوب الكتابة واللغة المستخدمة

أسلوب الكتابة في الرسائل الشخصية ينبغي أن يكون قريبًا إلى حد ما من اللغة الطبيعية اليومية. من الأفضل تجنب التعقيد في الكلمات أو الجمل الطويلة جدًا، والتركيز على أن تكون الأفكار واضحة وسلسة.

يُفضل استخدام اللغة التي تعكس الشخصية، مما يجعل الرسالة أكثر شخصية وأقل رسمية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام بعض المصطلحات المشتركة بينك وبين المرسل إليه لتقوية العلاقة، مثل الألقاب أو الأسماء المستعارة التي تعبر عن علاقة خاصة.

6. العوامل التي تؤثر في طريقة كتابة الرسالة

عند كتابة رسالة شخصية، يجب أن تكون على دراية ببعض العوامل التي تؤثر على طريقة الكتابة. من هذه العوامل:

• العلاقة بين المرسل والمستلم: تتيح العلاقة الوطيدة أو الرسمية تحديد الأسلوب والنبرة المناسبة.

• المناسبة أو الموضوع: سواء كانت الرسالة للاحتفال بحدث سعيد أو للتعبير عن التعاطف، يختلف الأسلوب واللغة حسب الموضوع.

• الوقت والمكان: قد يؤثر المكان الذي تُكتب فيه الرسالة والوقت الذي تكتب فيه أيضًا على أسلوب الكتابة، خاصة إذا كان الكاتب في حالة نفسية معينة تؤثر على تعبيراته.

7. أهمية الرسائل الشخصية

الرسائل الشخصية تظل واحدة من أكثر طرق التواصل تأثيرًا في العلاقات الإنسانية. فهي تساعد في بناء الروابط وتقويتها، وتسمح للأفراد بالتعبير عن مشاعرهم، سواء كانت مشاعر حب، قلق، شكر، أو دعم. كما أن الرسائل الشخصية غالبًا ما تترك أثرًا كبيرًا في القلب، لأنها تعكس جانبًا حقيقيًا وصادقًا من الشخص.

يمكن أن تكون الرسائل وسيلة مهمة للتمسك بالعلاقات في أوقات الفراق أو حتى في أوقات الإحباط. ولأنها ليست محكومة بالزمن أو المكان، تظل الرسائل الشخصية أداة فعّالة في التواصل على مر العصور.

ختامًا، تبقى الرسائل الشخصية علامة فارقة في ثقافة التواصل، ومن المهم أن نتذكر أنها لا تقتصر على مجرد كلمات مكتوبة، بل هي وسيلة تعبيرية تحمل بين سطورها مشاعر وأحاسيس ومواقف قد تشكل ذكرى دائمة في حياة المرسل والمستلم على حد سواء.