كيفية قطع الحبل السري بشكل صحيح

كيفية قطع الحبل السري: إجراء طبي هام في عملية الولادة

يعد قطع الحبل السري من الإجراءات الأساسية في عملية الولادة، حيث يرتبط هذا الإجراء بتكوين الرابط الأول بين المولود وعالمه الجديد خارج رحم الأم. الحبل السري هو عبارة عن أنبوب مرن يحتوي على شرايين وأوردة، ويعمل كحلقة وصل بين الجنين والمشيمة في رحم الأم، حيث ينقل الأوكسجين والمواد الغذائية التي يحتاجها الجنين للتطور والنمو. وبعد ولادة الطفل، يصبح الحبل السري غير ضروري حيث يمكن للطفل أن يعتمد على جهازه التنفسي والهضمي للعمل بشكل مستقل. في هذا المقال، سنتناول كيفية قطع الحبل السري بشكل مفصل، مع التركيز على أهمية هذا الإجراء، التوقيت الأمثل له، الأدوات المستخدمة، والآثار التي تترتب عليه.

أولاً: تعريف الحبل السري ووظيفته

الحبل السري هو هيكل أنبوبي الشكل يربط الجنين بالمشيمة التي ترتبط بدورها بجدار رحم الأم. يتكون الحبل السري عادة من ثلاثة عناصر رئيسية: شريانين وأوردة واحدة. الشرايين تنقل الدم غير المؤكسج من الجنين إلى المشيمة، بينما تنقل الوريد الدم الغني بالأوكسجين والمغذيات من المشيمة إلى الجنين. يحتوي الحبل السري أيضًا على مادة جيلاتينية تعرف باسم “جيل” أو “مادة هيلوب” التي تحيط بالأوعية الدموية وتحميها من الضغط أو التلف.

بمرور الوقت، ومع اقتراب موعد الولادة، يصبح الحبل السري ضرورة أقل بالنسبة للجنين. لذلك، في اللحظة التي يولد فيها الطفل، يصبح إجراء قطع الحبل السري خطوة حاسمة لضمان انتقاله إلى مرحلة الحياة المستقلة بعيدًا عن رحم الأم.

ثانياً: التوقيت المثالي لقطع الحبل السري

يعتبر التوقيت المثالي لقطع الحبل السري من الموضوعات التي تثير العديد من التساؤلات في مجال الرعاية الصحية. على الرغم من أنه يتم قطع الحبل السري عادةً بعد الولادة مباشرة، إلا أن هناك بعض الجدل حول ما إذا كان يجب الانتظار لفترة معينة بعد الولادة أو قطعه فورًا. أظهرت الدراسات أن تأخير قطع الحبل السري لمدة تتراوح بين 30 ثانية إلى دقيقتين بعد الولادة قد يكون له فوائد صحية للطفل، حيث يتيح ذلك للدم أن يتدفق من المشيمة إلى الطفل بشكل كامل، ما يعزز مستويات الحديد في الدم ويزيد من كمية خلايا الدم الحمراء.

على الجانب الآخر، يفضل بعض الأطباء قطع الحبل السري فورًا بعد ولادة الطفل، خاصة في حالات الولادة التي تتطلب تدخلاً طبيًا سريعًا أو إذا كانت حالة الطفل أو الأم تتطلب سرعة في الإجراءات الطبية. يمكن للطبيب أو القابلة تحديد التوقيت بناءً على ظروف الولادة وصحة الأم والطفل.

ثالثاً: الأدوات المستخدمة في قطع الحبل السري

تتم عملية قطع الحبل السري باستخدام أدوات طبية معقمة لضمان تجنب أي عدوى أو مضاعفات. الأدوات الرئيسية التي تستخدم تشمل:

1. المقص الجراحي: يعتبر المقص الجراحي من الأدوات الأكثر استخدامًا في عملية قطع الحبل السري. يتميز المقص بحدوده الحادة والقدرة على إجراء القطع بدقة وبدون التسبب في تمزق الأنسجة المحيطة.

2. ملقط الحبل السري: في معظم الحالات، يتم استخدام ملقط أو مشبك طبي لربط الحبل السري قبل قطعه. هذا الملقط يثبت الحبل السري في مكانه ويمنع تدفق الدم إلى ما بعد مكان القطع، مما يقلل من خطر النزيف.

3. المواد المعقمة: تشمل المحاليل المعقمة أو المواد التي يمكن أن تستخدم لتطهير الجرح الناتج عن قطع الحبل السري، وهي ضرورية لمنع حدوث العدوى في موقع القطع.

4. الخيوط الطبية: في بعض الحالات، قد يتم استخدام خيوط طبية لربط الحبل السري بعد قطعه لضمان عدم حدوث نزيف.

رابعاً: كيفية إجراء قطع الحبل السري

عند ولادة الطفل، يتم تأكيد صحة الطفل أولاً من خلال إجراء فحوصات سريعة، مثل تقييم التنفس وضربات القلب. وبعد التأكد من أن الطفل في حالة صحية جيدة، يتجه الطبيب أو القابلة إلى قطع الحبل السري. هناك خطوات محددة عادة ما تتبع في هذه العملية:

1. تحديد التوقيت المناسب: كما ذكرنا سابقًا، يتم تحديد التوقيت المناسب بناءً على وضع الولادة وصحة الطفل. إذا كان الطبيب يفضل الانتظار لبعض الوقت، فسيقوم بمراقبة تدفق الدم قبل أن يقرر الوقت الأنسب للقطع.

2. استخدام الملقط الطبي: يقوم الطبيب أو القابلة بوضع ملقط طبي على الحبل السري بالقرب من السرة، على بعد بضعة سنتيمترات من الجسم. هذا الملقط يهدف إلى إغلاق الشرايين والأوردة، ومنع التدفق الدموي إلى الطفل.

3. القطع: بعد التأكد من تأمين الحبل السري باستخدام الملقط، يتم استخدام المقص الجراحي لقطع الحبل السري بعناية. عادةً ما يتم قطع الحبل في مكان يتيح للأم والطفل عدم التعرض لمضاعفات.

4. تطهير الجرح: بعد القطع، يقوم الطبيب بتطهير الطرف المتبقي من الحبل السري باستخدام محاليل معقمة لضمان عدم حدوث العدوى.

5. مراقبة الأم والطفل: بعد القطع، يتابع الفريق الطبي حالة الطفل والأم للتأكد من عدم حدوث نزيف أو مضاعفات أخرى.

خامساً: الاحتياطات والمخاطر المحتملة

على الرغم من أن قطع الحبل السري يُعد إجراءً روتينيًا في معظم حالات الولادة، إلا أن هناك بعض المخاطر التي يجب أن يراعيها الطاقم الطبي. من بين هذه المخاطر:

• النزيف: من المحتمل أن يحدث نزيف إذا لم يتم ربط الحبل السري بشكل صحيح بعد القطع. لذلك، يتطلب الأمر عناية خاصة لضمان أن الطرف المتبقي من الحبل السري لا ينزف.

• العدوى: إذا لم يتم تطهير الجرح بشكل كافٍ بعد قطع الحبل السري، فقد يؤدي ذلك إلى إصابة الطفل أو الأم بعدوى في منطقة القطع. يتم دائمًا استخدام أدوات معقمة وتطهير المنطقة لتقليل هذه المخاطر.

• إصابة الطفل: في حالات نادرة جدًا، قد تحدث إصابة غير مقصودة للطفل أثناء عملية قطع الحبل السري. ومع ذلك، فإن هذا يعد نادرًا للغاية بفضل تقنيات الطاقم الطبي المدربة والأدوات المستخدمة.

سادساً: آثار قطع الحبل السري على الطفل

يعد قطع الحبل السري خطوة طبيعية ضرورية لانتقال الطفل إلى الحياة المستقلة. بعد القطع، يعتمد الطفل على جهازه التنفسي والهضمي لتوفير الأوكسجين والمواد المغذية. لا يعاني الطفل من أي ألم بسبب وجود أعصاب قليلة جدًا في الحبل السري، ولا يتطلب الأمر سوى لحظات قليلة لإتمام القطع.

بعض الدراسات تشير إلى أن قطع الحبل السري بطريقة غير متسرعة، وتركه متصلًا لفترة قصيرة بعد الولادة، قد يكون له فوائد صحية طويلة الأمد للطفل، مثل تحسين مستوى الحديد في الدم.

سابعاً: العناية بالحبل السري بعد القطع

بعد قطع الحبل السري، يستمر الطبيب في مراقبة منطقة السرة لضمان عدم حدوث أي مضاعفات. عادة ما يتم تغطية الجرح بضمادة معقمة. في الأيام التالية، يقوم الطاقم الطبي بتوجيه الأم حول كيفية العناية بالحبل السري المتبقي، حتى يسقط من تلقاء نفسه بعد بضعة أيام أو أسابيع.

ثامناً: الخلاصة

إن عملية قطع الحبل السري تعد خطوة أساسية في عملية الولادة، وتمثل الفصل بين حياة الجنين داخل الرحم وحياة الطفل في العالم الخارجي. على الرغم من أن هذا الإجراء يتم بشكل روتيني في معظم الحالات، إلا أنه يتطلب اهتمامًا دقيقًا من الفريق الطبي لضمان سلامة الأم والطفل. من خلال فحص التوقيت المناسب، استخدام الأدوات المعقمة، ومراقبة الحالة الصحية للأم والطفل بعد الولادة، يمكن تقليل المخاطر وضمان ولادة آمنة وصحية.