كيفية غسل المرأة الميتة

يُعد غسل الميت من الشعائر الشرعية التي لها ضوابطها الدقيقة وأحكامها التي نص عليها الفقه الإسلامي، وهو من الأعمال الجليلة التي تحظى بمكانة عظيمة في الإسلام لما فيها من احترام للميت وتهيئة له للطهارة قبل الدفن. غسل المرأة الميتة يختلف في بعض التفاصيل عن غسل الرجل، وهذا ما يستوجب التعرف عليه بدقة حتى يتم تطبيقه بطريقة صحيحة تليق بمقام الميتة، وفق تعاليم الشريعة الإسلامية.

مفهوم غسل الميتة وأهميته في الإسلام

غسل الميتة هو طهارة جسد المتوفاة من النجاسة البدنية، مثل البول أو الغائط أو الدم أو غيرها مما قد يكون على جسمها، وهو شرط أساسي من شروط تجهيز الميت للدفن. هذا الغسل إنما هو سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد حثت عليه السنة النبوية حرصاً على حفظ كرامة الإنسان بعد وفاته، وتجهيزه بشكل مناسب لاستقبال الصراط والحشر.

الغسل يعمل على تطهير الجسد من النجاسات التي قد تتلوث به في حياة الإنسان، كما أنه يهيئ الجسد للطهارة التي يجب أن يكون عليها أثناء الصلاة عليه والدفن. ومن هنا تتجلى أهمية معرفة الطريقة الصحيحة لغسل المرأة الميتة.

الحكم الشرعي لغسل المرأة الميتة

يعتبر غسل الميتة فرض كفاية على المسلمين، أي أن تكفي مجموعة من المسلمين للقيام به ولا يجب على كل فرد، فإذا قام البعض به سقط الإثم عن الباقين، وإذا لم يقم به أحد أثم الجميع. والغسل لا يجوز التفريط فيه أو التهاون به، لما له من أثر كبير في حفظ احترام الميت وإتمام حقوقه الشرعية.

بالنسبة للمرأة الميتة، يتطلب الأمر أن يكون الغسل من قبل نساء أو من تثق به المرأة إذا كان الرجل له ضرورة شرعية كأن يكون محرمًا عليها بشدة (مثل زوجها السابق أو غيره)، حيث أن الغسل يتطلب ستر العورة وتجنب الفتنة، فالخصوصية تكون محفوظة.

الأدوات والمواد المستخدمة في غسل المرأة الميتة

تحتاج عملية الغسل إلى أدوات ومواد معينة يجب تجهيزها مسبقاً لضمان سير العملية بشكل منظم ومتقن، وهذه الأدوات تشمل:

• الماء الطهور: يُفضل أن يكون دافئاً إن أمكن، ويجب أن يكون الماء طهوراً طبيعياً.

• الصابون أو سدر: يستخدم لتطهير الجلد وإزالة الأوساخ والنجاسات، مع ضرورة أن يكون طاهراً ومباحاً.

• الأواني: مثل الأوعية أو الجِرار لوضع الماء، وأكواب أو أوعية لصب الماء على الميتة.

• المناشف أو القماش النظيف: لتجفيف الجسد بعد الغسل.

• القفازات الطبية: للحفاظ على النظافة الشخصية لمن يغسل الميتة.

• أدوات أخرى: مثل فرشاة ناعمة لتنظيف الشعر، ومقص لقص الأظافر إذا دعت الحاجة.

شروط وضوابط غسل المرأة الميتة

يتعين الالتزام بعدة شروط مهمة عند غسل المرأة الميتة، وهي:

1. الستر والعورة: يجب ستر جميع عورات المرأة الميتة أثناء الغسل، وخاصة في المناطق الحساسة، مع مراعاة الحفاظ على كرامتها.

2. الطهارة في الماء: استخدام ماء طاهر ونظيف، مع مراعاة عدم اختلاط الماء بالنجاسات.

3. الترتيب في الغسل: اتباع الخطوات المتفق عليها شرعاً في الترتيب، حيث يبدأ غسل الأعضاء الظاهرة أولاً ثم المناطق الأخرى.

4. الحرص على حفظ الهيئة الإنسانية للميتة: وذلك بكي الملابس الداخلية إن وجدت وتغطية الميتة بشكل كريم بعد الغسل.

5. عدم الإضرار بالميتة: الغسل يجب أن يتم برفق، دون تعذيب أو تكسير للجسد، احتراماً للميتة.

خطوات غسل المرأة الميتة تفصيلياً

1. الاستعداد والتحضير

قبل البدء بالغسل، يجب تحضير المكان المناسب، وتهيئة الأدوات اللازمة، ثم يستحب الدعاء والاستعانة بالله، مع ستر المرأة الميتة بشكل كامل باستخدام ثوب خفيف يمكن رفعه عند الغسل.

2. غسل اليدين

على من يغسل الميتة أن يغسل يديه جيداً ثم يرتدي القفازات الطبية حفاظاً على النظافة الشخصية.

3. غسل العورة أولاً

• يبدأ غسل المرأة الميتة بغسل العورة جيداً، وتنظيفها من النجاسات التي قد تكون عليها، مع الحذر الشديد لتجنب تعريض العورة لأي كشف غير ضروري.

• يتم استخدام الماء والصابون أو السدر في تنظيف المناطق الحساسة بشكل دقيق، ثم يشطف بماء طاهر.

4. غسل الجسد كاملاً

• بعد العورة، يبدأ بغسل باقي جسد المرأة الميتة، ابتداءً من الرأس، ثم الوجه، يليه اليدين، والصدر، والبطن، والظهر، والساقين.

• يتم غسل كل جزء ثلاث مرات على الأقل، مع التأكد من وصول الماء إلى جميع الأعضاء، مع تدليك بسيط لتسهيل إزالة الأوساخ.

• خاصة الشعر، يجب تمشيطه وتنظيفه جيداً.

5. الغسل النهائي بالماء الطهور

• بعد تنظيف الجسد بالصابون أو السدر، يتم شطف الجسد كاملاً بماء طاهر نظيف عدة مرات.

• هذا الشطف الأخير يسمى “الغسل الختامي”، ويكون بالماء فقط بدون مواد تنظيف.

6. التجفيف واللف

• تُجفف الميتة بلطف بواسطة مناشف نظيفة، ويجب أن يتم ذلك برفق لتجنب إيذاء الميتة.

• بعد التجفيف، تُلف الميتة في كفن نظيف ومخصص للدفن، وهو عادة ثلاث قطع من القماش الأبيض للمرأة.

خصوصيات غسل المرأة الميتة

تختلف بعض التفاصيل في غسل المرأة الميتة عن الرجل، ومن أبرزها:

• الاستعانة بالنساء فقط: من الأفضل أن تغسل النساء الميتة نساء؛ لما في ذلك من حفظ للعفة والحياء.

• تجنب كشف العورة إلا للضرورة القصوى: يجب الحرص الشديد على ستر المناطق الحساسة عند غسلها.

• الترتيب في الغسل: يراعى أن تبدأ المرأة بغسل رأسها أولاً ثم باقي الجسد.

• تجنب أي ملامسة غير ضرورية: خاصة من قبل الرجال غير المحارم.

تحريم إيذاء الميتة أثناء الغسل

يجب أن يتم الغسل برفق، فالمرأة الميتة لا تحس بالألم، لكن الإسلام يحث على الرحمة والرفق في التعامل مع جسدها، فلا يجوز تعذيبها أو تعريضها لأي ضرر، وهذا دليل على حفظ كرامة الإنسان حتى بعد الموت.

الكفن وتهيئة الميتة للدفن

بعد الانتهاء من الغسل وتجفيف الميتة، تأتي مرحلة الكفن، وهي تغليف المرأة بثلاث قطع من القماش الأبيض الطاهر، توضع بطريقة تحافظ على سترها، مع مراعاة طهارة الكفن ونظافته. ثم توضع الميتة في مكان مهيأ للصلاة عليها، بحيث تكون جاهزة للدفن وفق الآداب الشرعية.

جدول يوضح خطوات غسل المرأة الميتة

أهمية غسل الميتة في حفظ كرامتها

غسل المرأة الميتة هو عمل إيماني ينم عن احترام الميتة وتقدير الإنسان، فبموجب هذه الشعيرة الإسلامية تظهر القيم النبيلة في الإسلام التي تؤكد على الرحمة والاحترام حتى بعد الموت. حفظ كرامة المرأة الميتة بالحشمة والستر هو من التعبيرات العملية لهذه القيم، التي تهدف إلى تهيئة الميتة للمقابلة العادلة أمام الله تعالى.

المراجع والمصادر

• كتاب “الفقه الإسلامي وأدلته” للدكتور وهبة الزحيلي

• “المدخل إلى الفقه الإسلامي” للدكتور يوسف القرضاوي

هذا المقال يقدم شرحاً مفصلاً ودقيقاً عن كيفية غسل المرأة الميتة وفق الشريعة الإسلامية، مع التركيز على جميع التفاصيل المهمة لضمان إتمام الفريضة بشكل صحيح ومتقن، مما يساهم في الحفاظ على كرامة المرأة الميتة وتهيئتها للمرحلة التالية من حياة البرزخ.