كيفية صناعة السكر خطوة بخطوة

كيفية صناعة السكر: من زراعة القصب إلى المعالجة النهائية

السكر هو واحد من المكونات الأساسية في العديد من الأطعمة والمشروبات التي نستهلكها يوميًا. يُستخرج السكر بشكل رئيسي من نوعين من النباتات: قصب السكر وبنجر السكر. لكن القليل من الناس يعرفون التفاصيل الدقيقة حول كيفية صناعة السكر، بدءًا من الزراعة وحتى المعالجة النهائية. في هذا المقال، سنأخذك في جولة مفصلة حول هذه العملية المعقدة والتي تجمع بين الزراعة، الهندسة، الكيمياء، والمعالجة الصناعية.

1. زراعة قصب السكر وبنجر السكر

زراعة قصب السكر

قصب السكر هو النبات الأكثر شيوعًا في صناعة السكر. ينمو بشكل رئيسي في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، حيث تكون الظروف المناخية مثالية له. يتم زراعة قصب السكر في تربة خصبة وغنية بالعناصر الغذائية، ويتطلب كميات كبيرة من المياه لتسريع نموه.

تبدأ عملية زراعة القصب بزراعة قصاصات من السيقان التي تُزرع في الأرض. تستغرق عملية نمو قصب السكر من 12 إلى 18 شهرًا، حيث يصل النبات إلى أقصى درجات نموه، ويُستخرج العصير منه في نهاية دورة حياته.

زراعة بنجر السكر

بنجر السكر هو المصدر الآخر للسكر، ويتم زراعته في المناطق ذات المناخ المعتدل. يختلف بنجر السكر عن قصب السكر في طريقة الاستخلاص، حيث يتم استخدام الجذور بدلاً من السيقان. يعتبر بنجر السكر النبات المثالي للمناطق التي لا تتمتع بمناخ استوائي أو شبه استوائي.

تبدأ عملية زراعة بنجر السكر بتحديد الأراضي الصالحة للزراعة ثم زرع بذور البنجر في الأرض. يحتاج هذا النبات إلى رعاية خاصة من حيث الري والتسميد. تختلف مدة نمو بنجر السكر عن قصب السكر حيث تستغرق العملية حوالي 6 أشهر فقط.

2. استخراج العصير: من النبات إلى السائل

استخراج عصير قصب السكر

عندما ينضج قصب السكر، تبدأ عملية استخلاص العصير من السيقان. تُجمع السيقان وتُقطع إلى قطع صغيرة لتسهيل استخراج العصير. ثم يتم تمرير قطع القصب عبر مجموعة من الآلات الخاصة التي تستخدم الضغط لاستخراج العصير الغني بالسكر. يتم تصفية العصير للتخلص من الشوائب والمواد غير المرغوب فيها.

استخراج عصير بنجر السكر

على الرغم من أن عملية استخلاص العصير من بنجر السكر مماثلة إلى حد ما لقصب السكر، إلا أن الفرق الأساسي يكمن في الطريقة التي يتم بها استخراج العصير. يتم غسل جذور البنجر جيدًا ثم تقطيعها إلى شرائح رقيقة قبل أن تمر عبر آلات خاصة لاستخراج العصير. بعد هذه المرحلة، يتم تصفية العصير للحصول على سائل نقي.

3. معالجة العصير: من سائل إلى سكر خام

عملية الترسيب والتصفية

بمجرد استخراج العصير من النبات، يمر بعدة مراحل لمعالجته وتنقيته. في البداية، يتم إضافة مادة الجير (كربونات الكالسيوم) إلى العصير لتقليل الحموضة وتسهيل ترسيب المواد غير الذائبة. يتم بعد ذلك تصفية العصير باستخدام مرشحات متعددة لفصل الشوائب العالقة.

التبخير

بعد تصفية العصير، يتم تبخير السائل باستخدام أجهزة خاصة تسمى “أبراج التبخير”. تهدف هذه المرحلة إلى تقليل كمية الماء في العصير، مما يزيد من تركيز السكريات ويجعل السائل أكثر كثافة. في هذه المرحلة، يكون السائل شبه لزج، ويبدأ في التحول إلى سائل غليظ القوام.

الترشيح والتبلور

المرحلة التالية تشمل عملية التبلور، حيث يتم إضافة مواد كيميائية لتمكين السكريات من التبلور على شكل بلورات. تُوضع البلورات الناتجة في آلات خاصة تسمى “المراجل”، حيث يتم تسخينها لإزالة المزيد من الرطوبة. في هذه المرحلة، يتشكل السكر الخام على شكل بلورات غير نقية.

4. تكرير السكر: من سكر خام إلى سكر نقي

الغسيل والتكرير

السكر الخام الذي تم استخراجه يحتوي على بعض الشوائب التي قد تؤثر على نقائه ولونه. لذلك، يتم غسله وتجهيزه عبر عدة مراحل تكرير باستخدام مواد كيميائية خاصة مثل حمض الكبريتيك. يتم بعد ذلك تمرير السكر عبر فلاتر قطنية لإزالة الشوائب المتبقية. أثناء هذه العملية، يتم استخدام المواد الكيميائية مثل الفوسفور لإزالة اللون الغامق للسكر الخام، مما يمنح السكر اللون الأبيض النقي الذي نعرفه.

التصفية والتجفيف

بعد التكرير، يتم تصفية السكر مرة أخرى للتأكد من نقاوته التامة. يتم بعد ذلك تجفيفه باستخدام تقنيات خاصة، مما يقلل من محتوى الرطوبة في المنتج النهائي. يعاد السكر إلى مرحلة التبريد ليصبح في شكله النهائي الجاف والبلوري.

5. الأنواع المختلفة للسكر

بعد أن يصبح السكر نقيًا تمامًا، يتم تصنيعه إلى أنواع مختلفة تناسب الاستخدامات المتعددة. من بين الأنواع الشائعة نجد:

• السكر الأبيض: هو السكر الأكثر شيوعًا في الأسواق. يتم الحصول عليه بعد عدة مراحل من التكرير والتنقية، ويتميز بلونه الأبيض النقي.

• سكر القهوة أو السكر البني: يحتوي على نسبة من دبس السكر، مما يضيف له نكهة مميزة ويعطيه لونه البني. يُستخدم عادة في المشروبات والأطعمة ذات النكهة القوية.

• سكر الجلوكوز: يتم تصنيعه من نشا الذرة أو القمح، ويستخدم بشكل رئيسي في صناعة الحلوى والمشروبات.

• السكر الصناعي: يتوفر العديد من أنواع السكر الاصطناعي التي تستخدم في الأطعمة والمشروبات منخفضة السعرات، مثل السكر الصناعي المستخرج من مادة الأسبارتام أو السكارين.

6. استخدامات السكر في الصناعات المختلفة

يمتلك السكر العديد من الاستخدامات الصناعية إلى جانب استهلاكه في الأطعمة والمشروبات. يمكن تلخيص أهم هذه الاستخدامات في:

• صناعة الحلويات: يُستخدم السكر بكميات كبيرة في صناعة الحلويات والعصائر والمربى والمشروبات الغازية.

• صناعة الكحول: يُستخدم السكر في صناعة الكحول مثل الخمور، حيث يتم تخمير السكريات وتحويلها إلى كحول باستخدام الخمائر.

• صناعة الأدوية: يُستخدم السكر في صناعة بعض الأدوية، حيث يعمل كمادة حافظة ويُضاف لتحسين طعم الأدوية.

• صناعة مستحضرات التجميل: يُستخدم السكر في بعض مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة لخصائصه المرطبة والمقشرة.

7. التحديات المستقبلية لصناعة السكر

تواجه صناعة السكر العديد من التحديات، مثل:

• التأثيرات البيئية: زراعة القصب وبنجر السكر تتطلب كميات كبيرة من المياه، مما يؤدي إلى إجهاد الموارد المائية في بعض المناطق. أيضًا، زراعة قصب السكر قد تؤدي إلى تدمير الغابات.

• الاعتماد على المواد الكيميائية: تعتمد صناعة السكر بشكل كبير على المواد الكيميائية مثل الجير والأحماض لتنقية السكر، مما قد يساهم في تلوث البيئة إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح.

• التوجه نحو بدائل السكر: مع تزايد الوعي الصحي، بدأ العديد من الناس في البحث عن بدائل للسكر التقليدي، مثل المحليات الصناعية والبدائل الطبيعية.

8. الخاتمة

صناعة السكر عملية معقدة تشمل العديد من الخطوات بدءًا من الزراعة وصولاً إلى التكرير. من خلال هذه العمليات، يتم تحويل المواد النباتية إلى منتج نقي يمكن استخدامه في مجموعة متنوعة من الصناعات. على الرغم من التحديات البيئية والصحية التي تواجه هذه الصناعة، فإن السكر سيظل جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية في المستقبل القريب.