كيفية صلاة الاستخارة
مقدمة
صلاة الاستخارة هي من أهم السنن التي حثّنا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي وسيلة للاستشارة مع الله سبحانه وتعالى عندما يعجز الإنسان عن اتخاذ القرار المناسب في أمر من أمور حياته. الاستخارة في اللغة تعني طلب الخير، حيث يتوجه المسلم إلى الله عز وجل طالبًا منه أن يختار له ما هو خير في مسألة من المسائل التي يواجه فيها ترددًا أو شكًا. في هذا المقال، سنوضح كيفية أداء صلاة الاستخارة، بالإضافة إلى شروطها، فضلها، ودور الاستخارة في حياة المسلم.
مفهوم صلاة الاستخارة
صلاة الاستخارة هي صلاة يستعين بها المسلم بالله سبحانه وتعالى في اتخاذ القرارات المهمة في حياته، سواء كانت هذه القرارات تتعلق بالعمل، الزواج، شراء منزل، أو غيرها من الأمور التي يتردد فيها الإنسان ويحتاج فيها إلى توجيه إلهي. وفي هذه الصلاة، يطلب المسلم من الله أن ييسر له ما هو خير له في الدنيا والآخرة، ويرضى بما يقدره الله له.
ورد في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني استخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك واسالك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا اقدر وتعلم ولا اعلم وانت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم ان هذا الامر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة امري او قال عاجل امري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم ان هذا الامر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة امري او قال في عاجل امري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم ارضني” (رواه البخاري).
شروط صلاة الاستخارة
قبل الشروع في أداء صلاة الاستخارة، هناك بعض الشروط التي ينبغي على المسلم أن يلتزم بها لتكون صلاته صحيحة ومقبولة:
-
الإخلاص لله تعالى: ينبغي أن يكون نية المسلم خالصة لله تعالى في طلب الهداية والتوجيه، دون الاعتماد على الوسائل المادية فقط.
-
التوكل على الله: بعد أداء صلاة الاستخارة، يجب على المسلم أن يتوكل على الله في جميع أموره، ويعلم أن ما يقدره الله له هو الأفضل، سواء كان كما يرغب أو لا.
-
النية الصافية: يجب على المسلم أن يكون له نية صافية وسليمة في طلب الاستشارة من الله في الأمور التي يجد فيها ترددًا.
-
الرضا بقضاء الله: على المسلم أن يكون راضيًا بما يقدره الله له، وأن يعلم أن كل ما يحدث في حياته هو خير له في النهاية.
-
المتابعة بالعمل: بعد أداء صلاة الاستخارة، ينبغي على المسلم أن يسعى للعمل بما يبدو له أنه الأفضل، دون أن ينتظر علامة مباشرة من الله. فالاستخارة ليست محصورة في رؤية أو حلم، بل في شعور السلام الداخلي والطمأنينة.
كيفية أداء صلاة الاستخارة
-
الوضوء: بدايةً، كما في جميع الصلوات، يجب على المسلم أن يتوضأ وضوءًا كاملًا إذا لم يكن على طهارة.
-
صلاة ركعتين: بعد الوضوء، يقوم المسلم بأداء ركعتين نافلة، يمكن أن يؤديها في أي وقت من اليوم بشرط ألا يكون الوقت محرمًا مثل بعد الفجر أو قبل غروب الشمس.
-
الدعاء بعد الصلاة: بعد أداء ركعتي الاستخارة، يبدأ المسلم في الدعاء. كما ورد في الحديث الشريف، يردد المسلم الدعاء المخصص للاستخارة:
“اللهم إني استخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك، واسالك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا اقدر وتعلم ولا اعلم وانت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم ان هذا الامر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة امري او قال في عاجل امري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم ان هذا الامر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة امري او قال في عاجل امري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم ارضني”.
هذا الدعاء هو الأصل الذي يقال بعد الصلاة. وهو دعاء يطلب فيه المسلم من الله عز وجل أن ييسر له الأمر الذي يستخير فيه.
-
القرار بعد الاستخارة: بعد الدعاء، على المسلم أن يتوكل على الله ويتخذ القرار الذي يشعر في نفسه أنه الأفضل له. يمكن أن يشعر المسلم بالطمأنينة والراحة تجاه أحد الخيارات، أو قد يواجه عوائق معينة تمنعه من اتخاذ هذا القرار. في حالة حدوث ذلك، فذلك يعتبر علامة على أن الله قد صرف عنه هذا الخيار.
-
التكرار: إذا استمر التردد أو عدم اليقين في اتخاذ القرار، يمكن للمسلم أن يؤدي صلاة الاستخارة أكثر من مرة. ويفضل أن يكرر الصلاة في حال لم يشعر براحة أو طمأنينة تجاه الخيار.
فضل صلاة الاستخارة
صلاة الاستخارة تعتبر من الوسائل العظيمة التي يلجأ إليها المسلم للحصول على الهداية من الله عز وجل. فهي:
-
وسيلة لطلب الهداية: من خلال صلاة الاستخارة، يطلب المسلم من الله أن يهديه لما فيه الخير له في الدنيا والآخرة. وتعمل الاستخارة على رفع الهموم والتوترات التي قد تواجهه في اتخاذ القرارات المهمة.
-
تجنب الندم: بتوجيه المسلم إلى اتخاذ القرار الذي يختاره الله له، فإن الاستخارة تساعده في تجنب الندم على الخيارات التي قد يتخذها دون الاستشارة مع الله.
-
الطمانينة الداخلية: من خلال الاستخارة، قد يشعر المسلم بطمأنينة داخلية تساعده على اتخاذ القرار بثقة، مع الرضا التام بقضاء الله وقدره.
-
التحقق من صحة القرار: يمكن أن تظهر بعض العوائق أو التسهيلات التي قد تشير إلى أن القرار الذي اتخذته هو الأنسب. قد يشعر المسلم بطمأنينة أو أن الأمور تسير بشكل سلس، مما يدل على أن القرار الذي اتخذ هو صحيح.
الخاتمة
صلاة الاستخارة هي سُنّة عظيمة تساعد المسلم في اتخاذ قراراته بثقة واطمئنان. بتوجيه دعائه لله سبحانه وتعالى، يعبر المسلم عن توكله عليه وإيمانه الكامل بحكمته وقدرته في اختيار الأفضل له. من خلال ممارسة الاستخارة بانتظام في حياتنا اليومية، نصبح أكثر قدرة على التعامل مع التحديات والتغيرات التي قد تطرأ على حياتنا، كما أننا نتعلم كيف نرضى بقضاء الله وقدره، مهما كانت النتيجة.
