كيفية التعامل مع أحد الوالدين إذا أصيب بعجز؟
تعدّ الإصابات أو الأمراض التي تؤدي إلى العجز الجسدي أو العقلي من أبرز التحديات التي قد يواجهها أفراد الأسرة، ولا سيما عندما يتعرض أحد الوالدين لهذا النوع من الأوضاع. يتطلب التعامل مع هذه الحالة درجة عالية من الوعي، والتخطيط، والمرونة النفسية، والقدرة على توفير الدعم العاطفي والعملي للوالد المصاب، إلى جانب الحفاظ على راحة جميع أفراد الأسرة المعنية. في هذا المقال، سيتم تسليط الضوء على الطرق الأمثل للتعامل مع الوالد الذي أصيب بعجز جسدي أو عقلي، مع تقديم إشارات للدور الذي يمكن أن تلعبه الأسرة، والاحتياجات التي قد تظهر، وسبل التكيف مع هذا التغيير في الحياة.
1. التأقلم مع الصدمة الأولى
عندما يصاب أحد الوالدين بالعجز، سواء كان مفاجئًا أو تدريجيًا، فإن الأثر النفسي يكون بالغًا. قد يشعر الأبناء بالغضب، الحزن، الفزع، وحتى الشعور بالذنب، لاسيما إذا كانت الإصابة مفاجئة ومرتبطة بحادث أو مرض شديد. يتطلب هذا التأقلم النفسي بعض الوقت، وقد يمر الفرد بمراحل مختلفة من الحزن أو الإنكار. من المهم أن يعي أفراد الأسرة أن هذه المشاعر طبيعية وأنها جزء من عملية التعامل مع فقدان القدرة على أداء المهام اليومية.
2. تقديم الدعم النفسي والعاطفي للوالد المصاب
من الأدوار الأساسية التي ينبغي أن يتحملها الأبناء هو تقديم الدعم النفسي والعاطفي للوالد المصاب. قد يشعر الشخص الذي تعرض للعجز بالعزلة، والحزن العميق، وربما الذنب أو العجز عن الاعتناء بنفسه. دعم الوالد بالحديث والتواجد المستمر بجانبه يمكن أن يقلل من شعوره بالإحباط ويعزز ثقته بنفسه.
من المفيد أيضًا تخصيص وقت للحديث عن التغيرات التي حدثت وتبديد المخاوف المتعلقة بالمستقبل. على الرغم من أن الأوقات قد تكون صعبة، إلا أن الكلمات التشجيعية والطمأنة قد تلعب دورًا كبيرًا في تحسين الحالة النفسية للوالد المصاب.
3. تقييم احتياجات الوالد المصاب
يجب على الأسرة تقييم الاحتياجات المادية والصحية للوالد المصاب. تشمل هذه الاحتياجات الرعاية الطبية المستمرة، العلاج الطبيعي إذا كان ذلك ضروريًا، والاحتياجات اليومية مثل تناول الطعام، الحركة، أو حتى الاعتناء بالنظافة الشخصية. من المهم أن يتم تحديد تلك الاحتياجات بالتعاون مع الأطباء والمختصين لضمان توفير الرعاية اللازمة بطريقة آمنة وفعالة.
4. توفير بيئة آمنة ومريحة في المنزل
تعدّ البيئة المنزلية واحدة من العوامل الأساسية التي تساهم في راحة الوالد المصاب. في بعض الحالات، قد يحتاج المنزل إلى تعديلات لتوفير مزيد من الأمان والراحة. على سبيل المثال، إذا كان الوالد يعاني من صعوبة في الحركة أو المشي، فقد يتطلب الأمر تركيب درابزين في الممرات، أو إضافة معدات خاصة مثل كراسي متحركة أو أسرة طبية قابلة للتعديل.
من الضروري أيضًا أن تكون المساحات المعيشية خالية من العوائق التي قد تؤدي إلى وقوع الحوادث. كما يمكن أن تكون بعض الأجهزة الإلكترونية والتقنيات المساعدة مثل أجهزة التنبيه أو الهواتف المحمولة المجهزة بتطبيقات طبية مفيدة في تسهيل الاتصال وتقديم المساعدة في حالات الطوارئ.
5. مراقبة الوضع الصحي والتنسيق مع الأطباء والمتخصصين
من الأهمية بمكان أن يتم مراقبة الحالة الصحية للوالد المصاب بشكل دوري. يمكن أن تشمل هذه المراقبة زيارة الأطباء المتخصصين، مثل أطباء الجراحة، المعالجين الطبيعيين، أو الأطباء النفسيين، حسب نوع العجز. ينبغي أن يكون هناك تنسيق دائم بين أفراد الأسرة والأطباء لضمان أن كل جانب من جوانب الرعاية قد تم تغطيته. قد يحتاج الوالد أيضًا إلى برامج إعادة تأهيل، وتلك البرامج قد تشمل الجلسات العلاجية أو الأدوية المستمرة.
6. الموازنة بين دور الرعاية الشخصية والحياة اليومية
يعد الاهتمام بالوالد المصاب بالعجز مهمة شاقة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتوازن بين تقديم الرعاية والالتزامات اليومية الأخرى مثل العمل أو الاهتمام بالعائلة. هذا قد يسبب شعورًا بالتوتر أو الضغط على الشخص الذي يتولى الرعاية. من المهم أن توازن بين تقديم الرعاية الجسدية والعاطفية، وبين الاعتناء بنفسك وبالآخرين.
إحدى الطرق الفعالة هي تقسيم المسؤوليات داخل الأسرة بحيث لا يتحمل فرد واحد عبء الرعاية بأكمله. على سبيل المثال، يمكن توزيع الأدوار بين الإخوة أو أعضاء الأسرة الآخرين بحيث يقوم كل شخص بتحمل جزء من المسؤولية. هذا ليس فقط يخفف الضغط النفسي والجسدي على الأفراد المعنيين، بل يساعد أيضًا على توفير بيئة داعمة ومتعاونة.
7. التعامل مع العجز العقلي أو الإدراكي
في حال تعرض الوالد لعجز عقلي أو إدراكي (مثل الزهايمر أو الخرف)، فإن الأمر يتطلب نوعًا مختلفًا من العناية. العجز العقلي يضيف طبقة معقدة من الصعوبة في التعامل مع الوالد المصاب، حيث قد يواجه الشخص المصاب تحديات في تذكر الأحداث اليومية، أو في التفاعل مع الآخرين.
من النصائح المهمة في هذه الحالة هو الحفاظ على روتين يومي ثابت قدر الإمكان. يمكن أن يساعد ذلك في تقليل القلق والتشويش الذي قد يشعر به الوالد. كما يُفضل استخدام وسائل تواصل بسيطة وواضحة، وتجنب وضع الشخص في مواقف قد تجعله يشعر بالارتباك.
8. التعامل مع مشاعر الذنب والإحباط في الأسرة
قد يعاني أفراد الأسرة أنفسهم من مشاعر الذنب والإحباط بسبب فقدان بعض الأدوار أو عدم قدرتهم على تقديم ما يكفي من الرعاية. قد يشعر الأبناء بأنهم لا يستطيعون العناية بوالدهم كما ينبغي، خاصة في حالة وجود عجز مستمر يتطلب رعاية يومية مستمرة.
من المفيد في هذا السياق أن يعتني الشخص الذي يقدم الرعاية بنفسه. يمكن أن تشمل العناية الذاتية إيجاد الوقت للاستراحة، طلب الدعم من مستشارين أو مجموعات دعم، وتعلم كيفية التعامل مع الضغوط النفسية المرتبطة برعاية الوالد المصاب.
9. استراتيجيات التعامل مع الضغوط الاجتماعية والعاطفية
في بعض الأحيان، قد يعاني أفراد الأسرة من الضغوط الاجتماعية الناجمة عن حقيقة أن العجز ليس فقط أمرًا محزنًا في الداخل العائلي، بل قد يشكل مصدرًا للضغط من الخارج. فقد يشعر الشخص المتعرض للعجز بأنه عبء على أسرته أو المجتمع، بينما قد يتعرض أفراد الأسرة لنظرة تعاطفية أو انتقادية من المجتمع.
إحدى الطرق المهمة لتقليل هذا التأثير هو من خلال التعليم وزيادة الوعي حول أنواع العجز واحتياجات المصابين به. تعليم الأصدقاء والجيران وأفراد المجتمع عن طبيعة العجز وكيفية تقديم الدعم يمكن أن يسهم في بناء شبكة دعم قوية للمصاب ولأسرته.
10. استخدام الموارد الخارجية
هناك العديد من المنظمات والمؤسسات التي تقدم دعمًا للأسر التي تعاني من حالات العجز. قد تشمل هذه المنظمات مستشفيات إعادة التأهيل، منظمات خيرية، خدمات صحية منزلية، أو حتى دعم مالي في بعض الحالات. ينبغي على الأسرة أن تبحث في الموارد المتاحة في منطقتها وتستفيد منها في تيسير تقديم الرعاية المناسبة.
كما يمكن الاستفادة من خدمات مقدمي الرعاية الصحية المحترفين، الذين قد يكونون قادرين على تقديم الرعاية على مدار الساعة أو لأوقات معينة، مما يمنح الأسرة استراحة ضرورية ويضمن الراحة التامة للوالد المصاب.
11. الاستعداد للتغيرات المستقبلية
العجز ليس حالة ثابتة، بل قد يتطور مع مرور الوقت. قد يزداد الوضع سوءًا مع مرور الأيام، وقد تحتاج الأسرة إلى التكيف مع الاحتياجات المتزايدة للوالد. على الرغم من صعوبة هذا التغيير، فإنه من المهم أن تكون الأسرة مستعدة للتغيرات المستقبلية من خلال التخطيط المسبق واستشارة الأطباء المتخصصين حول طرق التعامل مع الأعراض المحتملة في المستقبل.
من الجيد أن يكون هناك توجيه تدريجي حول كيفية التعامل مع التحولات في الوضع الصحي، سواء كانت زيادة في مستوى العجز أو تغييرات في العلاج أو الرعاية. هذا التخطيط يساعد في تقليل التوتر وتحسين نوعية الحياة للوالد المصاب وللأسرة على حد سواء.
12. الدور الفعّال للمجتمع
يجب أن يكون المجتمع دورًا حيويًا في دعم الأسر التي تمر بتجربة العجز. يمكن للمجتمعات أن تقدم الدعم من خلال تشجيع الأنشطة الاجتماعية التي تشمل الأشخاص المصابين بالعجز، وفتح أبواب المراكز المحلية للرعاية، أو تقديم برامج توعية وتثقيفية حول كيفية التفاعل مع الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة.
