أسباب ظهور الشامات وعلاجها

سبب ظهور الشامات: دراسة شاملة

تعد الشامات من الظواهر الجلدية الشائعة التي تظهر على سطح الجلد، وتعتبر جزءاً طبيعياً من التكوين الجلدي للإنسان. يُقدّر أن كل شخص لديه ما بين 10 إلى 40 شامة على جسمه، قد تظهر هذه الشامات في أي مرحلة من مراحل الحياة، لكنها غالباً ما تظهر خلال الطفولة والمراهقة. تختلف الشامات في شكلها، حجمها، لونها، وموقعها، وقد تكون مسطحة أو مرتفعة عن سطح الجلد. وعلى الرغم من أنها في الغالب غير ضارة، إلا أن ظهور الشامات قد يثير القلق في بعض الأحيان، مما يدفع العديد من الأشخاص للتساؤل عن أسباب ظهورها، وما إذا كان هنالك أي مخاطر صحية مرتبطة بها. في هذا المقال، سوف نناقش بالتفصيل الأسباب المختلفة التي قد تؤدي إلى ظهور الشامات، بالإضافة إلى الفروق بين الشامات الحميدة والخبيثة، وسبل الوقاية والعلاج.

1. ما هي الشامات؟

الشامة هي نمو غير طبيعي لخلايا الجلد تُعرف باسم “الخلايا الصباغية” (melanocytes)، وهي الخلايا المسؤولة عن إنتاج الصبغة الجلدية المسماة “الميلانين”. يختلف لون الشامة بناءً على كمية الميلانين التي تحتوي عليها، فقد تكون بنية فاتحة أو داكنة، وقد تتراوح ألوانها من اللون الوردي الفاتح إلى الأسود. يمكن أن تتخذ الشامات أشكالاً وأحجاماً متعددة، وتظهر عادةً على الوجه، الرقبة، أو الأطراف، ولكن يمكن أن تظهر أيضاً في أماكن أخرى من الجسم.

2. أسباب ظهور الشامات

ظهور الشامات يمكن أن يُعزى إلى عدة عوامل، بعضها وراثي وبعضها بيئي، ويشمل ما يلي:

2.1. الوراثة

الوراثة هي العامل الأول والأهم في تحديد ما إذا كان الشخص سيعاني من الشامات أم لا. إذا كان أحد الوالدين أو كلاهما يعاني من الشامات، فمن المرجح أن يظهر لأبنائهم شامات كذلك. الشامات الوراثية غالباً ما تكون أكثر عدداً، وعادة ما تظهر في مرحلة الطفولة أو المراهقة. هذه الشامات تكون عادةً حميدة ولا تثير القلق، إلا إذا بدأت في التغير في شكلها أو لونها.

2.2. التعرض لأشعة الشمس

أحد الأسباب الرئيسية لظهور الشامات هو التعرض المفرط لأشعة الشمس. الأشعة فوق البنفسجية (UV) التي تصدرها الشمس تؤثر على خلايا الجلد، مما يؤدي إلى زيادة إنتاج الميلانين كرد فعل لحماية الجلد. في بعض الأحيان، يمكن أن يؤدي التعرض المفرط للأشعة فوق البنفسجية إلى تكوّن الشامات الجديدة أو تغيّر في الشامات القديمة، مما يزيد من حجمها أو تغير لونها.

تعد الأشعة فوق البنفسجية مصدرًا رئيسيًا للاختلالات في خلايا الجلد، ويمكن أن تساهم في تكوّن الأورام الجلدية الخبيثة مثل الميلانوما إذا لم يتم أخذ الاحتياطات اللازمة. من هنا تأتي أهمية استخدام واقي الشمس بشكل منتظم، خاصةً في المناطق ذات التعرض العالي للشمس.

2.3. التغيرات الهرمونية

التغيرات الهرمونية التي تحدث خلال فترات معينة من الحياة قد تساهم أيضاً في ظهور الشامات أو تغيّر شكلها. يحدث هذا غالبًا خلال فترة المراهقة، حيث يكون الجسم في مرحلة نمو سريعة تترافق مع تغيرات هرمونية تؤثر على نمو خلايا الجلد. كما قد تؤدي فترات الحمل أو التغيرات الهرمونية المرتبطة بالعمر إلى زيادة في ظهور الشامات.

على سبيل المثال، قد تلاحظ العديد من النساء ظهور شامات جديدة خلال الحمل، ويرجع ذلك إلى التغيرات الهرمونية التي تؤثر على خلايا الجلد. غالباً ما تكون هذه الشامات غير ضارة وتختفي بعد الولادة.

2.4. التقدم في العمر

مع تقدم العمر، يتغير تكوين الجلد بشكل طبيعي. من المعتاد أن تظهر الشامات في مرحلة الطفولة أو المراهقة، لكن يمكن أن تظهر شامات جديدة مع تقدم الشخص في العمر. علاوة على ذلك، قد يتغير حجم ولون الشامات التي كانت موجودة سابقاً. في بعض الأحيان، قد تصبح الشامات أكثر وضوحاً مع تقدم العمر بسبب فقدان الجلد لبعض من مرونته وتدعيمه.

2.5. عوامل بيئية أخرى

تشمل العوامل البيئية الأخرى التي قد تؤثر على ظهور الشامات بعض الأمراض الجلدية أو العوامل الجغرافية. على سبيل المثال، الأشخاص الذين يعيشون في مناطق ذات درجات حرارة عالية أو مستويات عالية من الأشعة فوق البنفسجية قد يكونون أكثر عرضة لظهور الشامات. كذلك، الأشخاص الذين يتعرضون لبيئة ملوثة أو يحتكون مع مواد كيميائية قد يلاحظون زيادة في عدد الشامات.

3. أنواع الشامات

من المهم التمييز بين الأنواع المختلفة للشامات، حيث يمكن أن تكون بعضها حميدة والبعض الآخر قد يكون مؤشراً على وجود حالة طبية تحتاج إلى اهتمام. الشامات بشكل عام يمكن تصنيفها إلى:

3.1. الشامات الحميدة

الشامات الحميدة هي الأكثر شيوعاً، وغالباً ما تكون غير ضارة. يتميز هذا النوع من الشامات بحدود واضحة، وقد تكون صغيرة في الحجم، وتأخذ عادةً لوناً موحداً. كما أن الشامات الحميدة عادة ما تبقى ثابتة في الحجم والشكل طوال الحياة. تعتبر هذه الشامات طبيعية ولا تحتاج إلى علاج، إلا إذا بدأت في التغير بشكل غير طبيعي.

3.2. الشامات غير المنتظمة أو المشبوهة

الشامات غير المنتظمة قد تكون مؤشراً على وجود شيء أكثر خطورة. يتميز هذا النوع من الشامات بحدود غير منتظمة، ويمكن أن يكون لونها غير متجانس مع وجود مناطق داكنة وأخرى فاتحة. هذه الشامات قد تشير إلى بداية تطور أورام خبيثة، مثل الميلانوما، وهي نوع من السرطان الذي يبدأ في الخلايا الصباغية. لذا يجب مراقبة أي تغيير يحدث في شكل الشامات أو لونها أو حجمها.

3.3. الميلانوما

الميلانوما هو نوع خطير من السرطان يحدث نتيجة تغييرات في الخلايا الصباغية (الخلايا التي تنتج الميلانين). يمكن أن تنشأ الميلانوما في شامة قديمة أو قد تظهر بشكل جديد على الجلد. من المهم مراقبة أي شامة أو نمو جديد يظهر، خاصةً إذا كان يظهر فيه أي من الأعراض التالية:

• تغير في الحجم أو الشكل أو اللون.

• عدم التناسق في الأبعاد.

• حواف غير منتظمة.

• نزيف أو حكة.

• تغير في الارتفاع أو ملمس الجلد.

4. الوقاية والعلاج

4.1. الوقاية من الشامات

الوقاية من الشامات أو من المخاطر المرتبطة بها تتضمن تجنب التعرض المفرط لأشعة الشمس واستخدام واقي الشمس بشكل منتظم. يجب تجنب التعرض لأشعة الشمس في ساعات الذروة، أي بين الساعة العاشرة صباحاً والساعة الرابعة مساءً. من الضروري أيضاً ارتداء ملابس واقية مثل القبعات والملابس الطويلة للحماية من الأشعة فوق البنفسجية.

4.2. فحص الشامات

يُنصح بإجراء فحص دوري للجلد لاكتشاف أي تغييرات غير طبيعية في الشامات. يجب على الأشخاص الذين لديهم شامات كثيرة أو شامات غير منتظمة القيام بفحوصات جلدية منتظمة مع الطبيب. الفحص المبكر يمكن أن يساعد في الكشف عن الميلانوما في مراحلها المبكرة، مما يسهم بشكل كبير في نجاح العلاج.

4.3. إزالة الشامات

إزالة الشامات تتم فقط في الحالات التي تشكل فيها تهديداً صحياً أو عندما تكون الشامة مزعجة. يتم إجراء إزالة الشامة بواسطة الجراحة البسيطة أو بواسطة الليزر في بعض الحالات. يجب استشارة الطبيب لتحديد ما إذا كانت إزالة الشامة ضرورية أم لا، بناءً على نوع الشامة وأي تغييرات طرأت عليها.

5. الخاتمة

الشامات هي ظاهرة جلدية طبيعية وغالباً ما تكون غير ضارة. ومع ذلك، فإن فهم أسباب ظهورها يساعد في تحديد ما إذا كانت تحتاج إلى مراقبة أو علاج. إذا كنت تشعر بالقلق بشأن شامة معينة أو إذا لاحظت أي تغيرات غير طبيعية في الشامات، فمن الأفضل استشارة طبيب مختص لتقييم الحالة بشكل دقيق.