فوائد القثاء واستخداماته الغذائية

القثاء: الفوائد والاستخدامات والقيمة الغذائية

القثاء، والذي يُعرف أيضًا في بعض الثقافات باسم “الفَقّوس” أو “القَثَّاء”، هو نوع من النباتات ينتمي إلى العائلة القرعية (Cucurbitaceae)، ويشبه في شكله الخيار إلى حدٍّ كبير، لكنه يختلف عنه في بعض الصفات الشكلية والكيميائية والمناخية، وله تاريخ طويل في التغذية والطب الشعبي، كما ورد ذكره في النصوص القديمة، ومنها القرآن الكريم. يتميز القثاء بطول الثمرة وقشرتها الرقيقة ولونه الأخضر، وقد عرف في حضارات متعددة واستخدم كغذاء ودواء منذ آلاف السنين.

هذا المقال يستعرض بالتفصيل ما هو القثاء، وما هي فوائده الصحية والغذائية، وكيفية استخدامه في الطهي، بالإضافة إلى توضيح الفروقات بينه وبين الخيار، مع التطرق إلى الأبحاث الحديثة التي تناولته كعنصر نباتي غني بالمركبات المفيدة.

أولاً: التصنيف النباتي للقثاء

ينتمي القثاء إلى الجنس Cucumis، واسمه العلمي هو Cucumis melo var. flexuosus. وهو نوع من أنواع الشمام ولكنه لا يحتوي على المذاق الحلو المعتاد للشمام، بل أقرب في طعمه للخيار. يُزرع القثاء في مناطق معتدلة ودافئة، ويُعتبر من الخضراوات الصيفية التي تنمو في الحقول المفتوحة وتحتاج إلى أشعة شمس وفيرة وتربة خصبة وجيدة الصرف.

ثانياً: الفرق بين القثاء والخيار

رغم التشابه بين القثاء والخيار من حيث الشكل والمذاق، إلا أن بينهما اختلافات جوهرية:

ثالثاً: القثاء في التراث العربي والإسلامي

ورد ذكر القثاء في القرآن الكريم، في قوله تعالى على لسان بني إسرائيل:

“وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنۢ بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا…” [البقرة: 61]، ما يدل على أن القثاء كان جزءًا من الغذاء المعروف في المجتمعات القديمة وله مكانة معتبرة.

كما ورد في الطب النبوي عن النبي محمد ﷺ أنه كان يحب أكل القثاء مع الرطب، وهو ما اعتبره العلماء مزيجًا متوازنًا بين حرارة الرطب وبرودة القثاء، في دلالة على وعي مبكر بالتوازن الغذائي في الطب العربي الإسلامي.

رابعاً: الفوائد الصحية للقثاء

1. ترطيب الجسم

القثاء غنيٌّ بالماء، حيث تصل نسبة الماء فيه إلى أكثر من 95%، مما يجعله خيارًا ممتازًا لترطيب الجسم، خصوصًا في فصل الصيف. يساعد استهلاكه المنتظم في تعويض السوائل المفقودة، ودعم توازن الأملاح في الجسم.

2. تحسين عملية الهضم

يحتوي القثاء على نسبة جيدة من الألياف الغذائية، مما يسهم في تعزيز الهضم ومنع الإمساك. كما أن قشرته الرقيقة لا تسبب تهيجًا للمعدة وتُهضم بسهولة، مما يجعله مناسبًا للأطفال وكبار السن وأصحاب المعدة الحساسة.

3. خفض ضغط الدم

يحتوي القثاء على نسبة جيدة من البوتاسيوم، وهو معدن أساسي يلعب دورًا مهمًا في تنظيم ضغط الدم، خاصةً لدى الأشخاص الذين يعانون من ارتفاعه نتيجة تناول الصوديوم المفرط.

4. مضاد أكسدة طبيعي

يحتوي القثاء على مركبات فينولية وفيتامين C، وهي من مضادات الأكسدة القوية التي تحارب الجذور الحرة، وتُقلل من فرص الإصابة بالسرطانات، وتدعم الجهاز المناعي وتبطئ من مظاهر الشيخوخة.

5. مفيد للبشرة والشعر

منذ العصور القديمة، استخدم القثاء خارجيًا لترطيب البشرة وتخفيف تهيجها، سواء عبر شرائح مباشرة أو كمكون في أقنعة التجميل. كما يُعتقد أن محتواه من السيليكا والبوتاسيوم يدعم صحة الشعر والأظافر.

6. إنقاص الوزن

نظرًا لانخفاض سعراته الحرارية وارتفاع نسبة الماء والألياف فيه، يُعد القثاء غذاءً مثالياً لمن يتبعون حمية غذائية، إذ يمنح شعورًا بالشبع دون إضافة سعرات حرارية تُذكر.

7. مضاد للالتهابات

تشير بعض الدراسات الحديثة إلى أن مستخلصات القثاء تمتلك خصائص مضادة للالتهابات، وقد تُستخدم في علاج بعض الأمراض الجلدية أو تخفيف التورمات.

خامساً: التركيب الغذائي للقثاء

فيما يلي جدول يوضح القيم الغذائية في 100 غرام من القثاء الطازج:

سادساً: استخدامات القثاء في المطبخ

رغم بساطته، إلا أن القثاء يدخل في العديد من الأطباق التقليدية والحديثة:

• يُتناول طازجًا كما هو، خاصة في وجبة الفطور أو مع السلطات.

• يُستخدم في إعداد المقبلات مثل اللبن مع القثاء (شبيه بالـ”تزاتزيكي” اليوناني).

• يُخلل كما يُفعل مع الخيار.

• يُقطع مع الجزر والخس والنعناع كوجبة خفيفة منعشة.

• يمكن عصره مع الليمون والنعناع لصنع مشروب صيفي مرطب.

سابعاً: زراعة القثاء

القثاء يُزرع عادة في مواسم دافئة، ويفضل التربة الرملية الخصبة الغنية بالمواد العضوية. يجب أن تتراوح درجة حرارة التربة بين 20-30 درجة مئوية لإنبات أفضل. ويُنصح بريّه بانتظام دون إغراق، وتوفير دعائم لتسلق النبات إن كانت طريقة الزراعة عمودية. تستغرق ثمرة القثاء من 50 إلى 70 يومًا للنضج بعد الزراعة، وتعتمد الجودة على انتظام الري والتسميد الطبيعي.

ثامناً: أبحاث حديثة حول القثاء

أشارت دراسة نُشرت في Journal of Ethnopharmacology إلى أن مستخلصات بعض أنواع القثاء تحتوي على مركبات لها قدرة على تثبيط نمو بعض أنواع البكتيريا الضارة. وفي دراسة أخرى نُشرت في International Journal of Food Sciences and Nutrition، تمت الإشارة إلى تأثير تناول القثاء في خفض مستويات الجلوكوز في الدم عند الفئران، مما يشير إلى إمكانية وجود دور له كمساعد في تنظيم السكري، لكن لا تزال هذه النتائج بحاجة إلى المزيد من الدراسات البشرية لتأكيدها.

تاسعاً: المحاذير والتوصيات

رغم أن القثاء يُعد آمناً لغالبية الناس، إلا أن هناك بعض النقاط التي ينبغي مراعاتها:

• الإفراط في تناوله قد يسبب الإسهال بسبب محتواه العالي من الماء.

• قد يُسبب تفاعلات تحسسية في حالات نادرة جداً.

• يُفضل تناوله طازجًا لتجنب فقدان الفيتامينات.

• لا يُنصح بتقشيره بالكامل، لأن القشرة تحتوي على نسبة جيدة من الفيتامينات والمعادن.

عاشراً: الخلاصة

القثاء ليس مجرد خضار تقليدي في مطبخنا العربي، بل هو كنز غذائي متكامل من حيث القيمة الصحية والغذائية. فوائده تمتد من الترطيب وتحسين الهضم إلى تعزيز المناعة ودعم صحة البشرة، وهو بديل ممتاز للوجبات الخفيفة المليئة بالسعرات. استخدامه في الطهي سهل ومتنوع، وزراعته لا تتطلب تجهيزات معقدة، ما يجعله خياراً صحياً وطبيعياً يمكن الاعتماد عليه في النظام الغذائي اليومي.

المراجع:

1. Journal of Ethnopharmacology – Elsevier

2. International Journal of Food Sciences and Nutrition – Taylor & Francis